في بداية أسبوع، شهدت البيتكوين والشركات المرتبطة بالعملات المشفرة حالة من التراجع التي استمرت لقرابة شهرين، متأثرة بموجة بيع واسعة النطاق في أسواق التكنولوجيا، والتي يعتبرها الكثيرون مبالغ فيها. هذا الانخفاض أثار تساؤلات حول مستقبل العملات المشفرة، خاصةً مع تزايد المخاوف بشأن التشديد النقدي وتوقف التنظيمات.

تراجع حاد في قيمة البيتكوين والعملات المشفرة

انخفضت قيمة البيتكوين بنسبة 5.6% في تعاملات يوم الاثنين، بعد انخفاضها الحاد بنحو 12% في وقت سابق من اليوم، لتستقر عند مستوى يزيد قليلاً عن 85,000 دولار. هذا الانخفاض يمثل تراجعًا كبيرًا بنسبة 33% تقريبًا عن أعلى مستوى سجلته العملة في 6 أكتوبر الماضي، والذي بلغ 126,210.50 دولارًا، وفقًا لمنصة Coinbase للتداول.

منذ شهر أبريل الماضي، شهدت البيتكوين ارتفاعًا ملحوظًا بالتزامن مع أداء أسواق الأسهم، مدفوعة جزئيًا بتوجه أكثر إيجابية من جانب واشنطن تجاه العملات المشفرة. ومع ذلك، يبدو أن هذا الزخم قد تباطأ بشكل كبير.

تأثير التراجع على الشركات العاملة في مجال العملات المشفرة

لم تقتصر تأثيرات هذا الانخفاض على البيتكوين نفسها، بل امتدت لتشمل الشركات التي تسهل شراء وبيع العملات المشفرة، بالإضافة إلى الشركات التي تعتمد على الاستثمار في البيتكوين كجزء أساسي من أعمالها.

  • سهم Coinbase Global انخفض بنسبة 4.8%.
  • منصة التداول Robinhood Markets خسرت 4.1% من قيمتها.
  • أسهم شركة تعدين البيتكوين Riot Platforms تراجعت بنسبة 4%.

حتى الشركات المتخصصة في تجميع الأموال لشراء البيتكوين، والمعروفة باسم “شركات الخزانة المشفرة”، لم تسلم من هذا التراجع. فقد انخفض سهم شركة Strategic، وهي من أكبر هذه الشركات، بنسبة 3.3%. وبالرغم من ذلك، لا تزال الشركة تحتفظ بحوالي 649,870 بيتكوين، بقيمة إجمالية تقارب 55.7 مليار دولار أمريكي اعتبارًا من مساء الاثنين.

مراجعة التوقعات المستقبلية للبيتكوين

في وقت سابق، كانت شركة Strategic تتوقع أن تصل قيمة البيتكوين إلى ما بين 85,000 دولار و 110,000 دولار بحلول نهاية العام، وهو ما يمثل تخفيضًا لتقديراتها السابقة التي كانت تشير إلى 150,000 دولار. هذا التعديل في التوقعات يعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على السوق.

الاستثمار في البيتكوين أصبح أكثر ارتباطًا بمشاريع أخرى، مثل تلك المرتبطة بعائلة ترامب. فقد انخفضت قيمة البيتكوين الأمريكية، التي يمتلك فيها إريك ترامب ودونالد ترامب جونيور حصة، بنسبة 15.6%، لتتراجع بنحو 47% منذ نهاية سبتمبر الماضي. كما شهدت مشاريع العملات المشفرة الأخرى المرتبطة بشخصية ترامب انخفاضات مماثلة. على سبيل المثال، انخفضت القيمة السوقية لرمز World Liberty Financial (WLFI) إلى حوالي 4.14 مليار دولار، مقارنة بأكثر من 6 مليارات دولار في منتصف سبتمبر. أما العملة المشفرة التي تحمل اسم الرئيس ترامب (TRUMP) فقد انخفض سعرها إلى 5.70 دولار، وهو أقل بكثير من السعر المستهدف البالغ 45 دولارًا قبل الانتخابات.

صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين والعقود الآجلة

أظهرت بيانات من Morningstar Direct أن المستثمرين سحبوا 3.6 مليار دولار من صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs) خلال شهر نوفمبر، وهو أكبر تدفق للخروج شهريًا منذ إطلاق هذه الصناديق في يناير 2024. هذا السحب يعكس تزايد الرغبة في تقليل المخاطر.

في الوقت نفسه، انخفضت العقود الآجلة للبيتكوين بنسبة 24% تقريبًا في الشهر الماضي، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 7% تقريبًا. هذا التحول يشير إلى أن المستثمرين يتجهون نحو الأصول الأكثر أمانًا في أوقات التقلبات.

العوامل المؤثرة في تراجع البيتكوين

يشير المحللون إلى عدة عوامل ساهمت في هذا التراجع الحاد في قيمة البيتكوين وغيرها من استثمارات العملات المشفرة، بما في ذلك:

  • معنويات العزوف عن المخاطرة: سيطرت حالة من العزوف عن المخاطرة على الأسواق المالية هذا الخريف، مما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول ذات المخاطر العالية مثل العملات المشفرة.
  • البيع المؤسسي: بدأت المؤسسات المالية في بيع ممتلكاتها من العملات المشفرة لتحقيق الأرباح أو تقليل المخاطر.
  • تشديد السياسة النقدية: اتخذ البنك الاحتياطي الفيدرالي إجراءات لتشديد السياسة النقدية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتقليل السيولة في الأسواق.
  • توقف التنظيمات: عدم اليقين بشأن مستقبل التنظيمات المتعلقة بالعملات المشفرة يثير قلق المستثمرين.

وفي مذكرة بحثية، أرجع محللو دويتشه بنك الانخفاضات الأخيرة إلى البيع المؤسسي، وجمع الأرباح من قبل حاملي الأسهم الآخرين على المدى الطويل، بالإضافة إلى سياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددًا. وأشاروا إلى أن توقف تنظيم العملات المشفرة ساهم أيضًا في حالة عدم اليقين.

التطورات التنظيمية

على الصعيد التنظيمي، شهدت صناعة العملات المشفرة دفعة إيجابية في شهر يوليو عندما وقع الرئيس ترامب على لوائح قانونية تحدد حواجز الحماية الأولية وحماية المستهلك للعملات المستقرة، وهي العملات المشفرة المرتبطة بأصول مثل الدولار الأمريكي لتقليل تقلبات الأسعار.

ومع ذلك، لا يزال مشروع القانون الذي يهدف إلى إنشاء هيكل جديد لسوق العملات المشفرة معلقًا في مجلس الشيوخ. ويعتبر هذا المشروع أولوية قصوى لصناعة العملات المشفرة، التي أنفقت مبالغ طائلة لانتخاب ترامب ودعم حلفائه في واشنطن.

الخلاصة

يشهد سوق البيتكوين والعملات المشفرة فترة من التراجع والتقلبات. العوامل الاقتصادية والسياسية والتنظيمية تلعب دورًا كبيرًا في هذا التطور. من المهم للمستثمرين أن يكونوا على دراية بهذه المخاطر وأن يتخذوا قرارات استثمارية مستنيرة. سواء كان هذا التراجع مجرد تصحيح مؤقت أم بداية لاتجاه هبوطي أطول أمدًا، سيظل سوق العملات المشفرة مجالًا مثيرًا للاهتمام ويستحق المتابعة. تابعوا آخر الأخبار والتطورات في هذا المجال لاتخاذ أفضل القرارات الاستثمارية.

شاركها.