يشهد قطاع التكنولوجيا الاجتماعية صعود جيل جديد من الشركات الناشئة التي تركز على المستهلك. هذه الشركات، التي تعمل في مجالات مثل التعارف والتواصل الاجتماعي الواقعي، تُحدث تحولات في المشهد الرقمي. وتسعى هذه الشركات إلى معالجة قضايا مثل الوحدة، وإرهاق تطبيقات المواعدة، وعدم الرضا العام عن منصات التواصل الاجتماعي التقليدية، مما يجعلها محط اهتمام كبير في عالم الشبكات الاجتماعية.
تأتي فرق التأسيس لهذه الشركات الناشئة من خلفيات متنوعة، بما في ذلك شركات التكنولوجيا الكبرى مثل Instagram وGoogle، بالإضافة إلى مؤسسين من الجيل Z. وقد جذب هذا التوجه انتباه المستثمرين الذين يرون فرصة في هذا السوق المتنامي، حيث يسعى الناس إلى اتصالات أعمق وأكثر واقعية.
صعود الشركات الناشئة في مجال الشبكات الاجتماعية: استجابة للوحدة والبحث عن التواصل الحقيقي
تُظهر البيانات المتزايدة أن الكثيرين يشعرون بالعزلة والانفصال في العصر الرقمي، على الرغم من وفرة منصات التواصل. تستجيب الشركات الناشئة لهذه الحاجة من خلال تقديم تجارب مصممة لتعزيز الاتصالات الهادفة، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية. يرى خبراء الصناعة أن هذا التحول يمثل عودة إلى الغرض الأصلي من هذه المنصات: ربط الناس ببعضهم البعض.
على سبيل المثال، حصد تطبيق 222، الذي يربط بين الغرباء لتناول العشاء أو المشاركة في الأنشطة بناءً على اختبارات الشخصية، تمويلاً بقيمة 2.5 مليون دولار في عام 2024 من شركات رأس المال الاستثماري مثل 1517 Fund وGeneral Catalyst وBest Nights VC. ويشير هذا التمويل إلى الثقة المتزايدة في نموذج هذه الشركات.
وصرحت مايتري ميرفانا باريك، مديرة في Acrew Capital، بأننا “ندخل موجة جديدة من التواصل الاجتماعي حيث يحاول الناس العودة إلى ما يستخدمون هذه المنصات من أجله في الأصل – وهو التواصل”. وهذا يعكس رغبة متزايدة في تجارب اجتماعية أكثر أصالة.
لم يقتصر الأمر على الصداقة والمواعدة، بل امتد إلى مجال العلاقات المهنية. تستكشف الشركات الناشئة مثل Gigi وSeries وBoardy وFilament وGoodword استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأشخاص على بناء شبكات علاقات مهنية أفضل والحفاظ عليها. وتشير كارولين ديل، الرئيس التنفيذي لشركة Goodword، إلى أن “الوحدة لا تقتصر على الأصدقاء والعائلة، بل تمتد إلى معظم ساعات الاستيقاظ التي نقضيها في العمل كمهنيين”.
التمويل المبتكر للشركات الناشئة
بالإضافة إلى التمويل التقليدي من رأس المال الاستثماري، تتبنى بعض الشركات الناشئة طرقًا مبتكرة لجمع التمويل. على سبيل المثال، فتحت Diem وSpill جولات استثمارية للمستخدمين أنفسهم من خلال منصة Wefunder. يسمح هذا النهج للمستخدمين بالمشاركة في نجاح المنصات التي يستخدمونها.
تستثمر شركات رأس المال الاستثماري مثل Intuition VC وPatron بشكل خاص في الشركات التي تعالج قضايا الوحدة والعلاقات. وهذا يدل على اعتراف متزايد بأهمية هذه القضايا في المجتمع الحديث.
تحديات وفرص النمو
على الرغم من الإمكانات الواعدة، لا يزال من غير الواضح مدى نجاح هذه الاستثمارات. العديد من هذه الشركات الناشئة لا تزال في مراحلها الأولى ولا تحقق إيرادات بعد، بينما يقوم البعض الآخر بتجربة نماذج تحقيق الدخل المختلفة، مثل الاشتراكات المميزة.
ويرى مارلون نيكولز، الشريك المؤسس في Mac Venture Capital، أن “المؤسسين يجب أن يكونوا صادقين مع أنفسهم. بعضهم ليس حقًا استثمارات قابلة للتوسع على نطاق واسع”. ويؤكد على أهمية البحث عن “الجيل القادم من الشركات الكبرى، والقادة الجدد في هذا المجال”.
تشمل الشركات الناشئة الأخرى التي حصدت تمويلاً Airbuds (10.2 مليون دولار)، وSweatpals (12 مليون دولار)، وSitch (2 مليون دولار)، وAmata (6 مليون دولار)، وCorner (3.75 مليون دولار). وتشير هذه الاستثمارات إلى تنوع الأفكار والحلول التي يتم تطويرها في مجال التواصل الاجتماعي.
مستقبل الشبكات الاجتماعية: التركيز على الجودة والتواصل الحقيقي
من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في النمو مع استمرار المستثمرين في البحث عن فرص في هذا السوق المتنامي. ومع ذلك، فإن النجاح النهائي لهذه الشركات الناشئة سيعتمد على قدرتها على تقديم قيمة حقيقية للمستخدمين وبناء مجتمعات قوية ومستدامة. سيكون من المهم مراقبة كيفية تطور نماذج أعمالها وكيفية استجابتها لاحتياجات المستخدمين المتغيرة. كما أن مستقبل تطبيقات المواعدة والمنصات الاجتماعية بشكل عام قد يعتمد على قدرتها على دمج الذكاء الاصطناعي بطرق مبتكرة لتعزيز الاتصالات الهادفة.
في الأشهر المقبلة، من المهم متابعة تطورات هذه الشركات الناشئة، وخاصة تلك التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتقييم مدى تأثيرها على المشهد الاجتماعي الرقمي. كما يجب الانتباه إلى أي تغييرات في سلوك المستخدمين أو في استراتيجيات الاستثمار التي قد تشير إلى اتجاهات جديدة في هذا المجال.
