في خطوة لافتة تعكس تحولاً في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن نيته توجيه دعوات لحضور قمة مجموعة العشرين المقبلة، والتي ستُعقد في نادي ترامب للغولف في دورال، فلوريدا، إلى قادة كازاخستان وأوزبكستان. هذه الدعوة تأتي في إطار سعي الإدارة الجمهورية لتعزيز علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية متزايدة. وتُعد هذه الخطوة بمثابة إشارة واضحة إلى رغبة واشنطن في تنويع شراكاتها العالمية، خاصة في ظل التنافس المتزايد مع الصين وروسيا على النفوذ في المنطقة. علاقات أمريكا بآسيا الوسطى تشهد تطورات متسارعة في عهد ترامب.

تعزيز الروابط مع آسيا الوسطى: دوافع وأهداف

تأتي هذه الخطوة بعد زيارة تاريخية لقادة كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان إلى واشنطن الشهر الماضي، حيث أجروا محادثات مباشرة مع الرئيس ترامب. هذه المحادثات لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل كانت تعكس اهتمامًا متزايدًا من جانب الإدارة الأمريكية بإمكانات هذه الدول، وعلى رأسها احتياطياتها الهائلة من المعادن. فآسيا الوسطى تمتلك مخزونات كبيرة من المعادن الأرضية النادرة، وهي مكونات أساسية في صناعة التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية وحتى الطائرات المقاتلة.

بالإضافة إلى ذلك، تنتج المنطقة ما يقرب من نصف اليورانيوم العالمي، مما يجعلها شريكًا حيويًا في مجال الطاقة النووية. ومع تزايد الطلب العالمي على هذه المعادن، تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين مصادر بديلة للصين وروسيا، اللتين تهيمنان حاليًا على هذه الصناعة. الاستثمار في المعادن هو جزء أساسي من هذه الاستراتيجية.

اتفاقيات إبراهيم وتوسع دائرة الشركاء

في سياق متصل، أعلن رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف خلال زيارته لواشنطن عن انضمام بلاده إلى اتفاقيات إبراهيم، وهي مبادرة كانت بمثابة الإنجاز الأبرز في السياسة الخارجية لإدارة ترامب الأولى. تهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، وتعتبر خطوة رمزية مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وتسعى الإدارة الأمريكية الحالية إلى إحياء هذه المبادرة وتوسيع دائرة الشركاء فيها، مع التركيز بشكل خاص على دول آسيا الوسطى. اتفاقيات إبراهيم تمثل فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي.

استبعاد جنوب أفريقيا وتصعيد التوترات

لم تقتصر قرارات الرئيس ترامب على تعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى، بل امتدت لتشمل إجراءات تصعيدية تجاه دول أخرى. فقد أعلن ترامب عن استبعاد جنوب أفريقيا من المشاركة في قمة مجموعة العشرين المقبلة، وذلك بسبب ما وصفه بمعاملة غير عادلة لممثل الحكومة الأمريكية في اجتماع سابق.

كما أعلن عن وقف جميع المدفوعات والإعانات المقدمة لجنوب أفريقيا. وقد أثارت هذه القرارات انتقادات واسعة، حيث رفضت جنوب أفريقيا الاتهامات الموجهة إليها واعتبرتها لا أساس لها من الصحة. الرئيس ترامب يبرر قراره بالإشارة إلى ما وصفه بـ “اضطهاد عنيف” للأفارقة البيض، وهو ادعاء قوبل برفض قاطع من جانب الحكومة الجنوب أفريقية، التي كانت تعاني لعقود من نظام الفصل العنصري.

مستقبل العلاقات الأمريكية مع آسيا الوسطى

إن توجيه الدعوات إلى قادة كازاخستان وأوزبكستان لحضور قمة مجموعة العشرين يمثل خطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأمريكية مع دول آسيا الوسطى. القمة القادمة ستكون فرصة لتعزيز هذه العلاقات على أعلى المستويات. ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة زيادة في حجم الاستثمارات الأمريكية في المنطقة، خاصة في قطاع المعادن والطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تشهد المنطقة تعاونًا أمنيًا متزايدًا مع الولايات المتحدة، في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، بما في ذلك خطر الإرهاب والتطرف. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستراتيجية سيعتمد على قدرة الولايات المتحدة على بناء علاقات طويلة الأمد مع دول آسيا الوسطى، تقوم على الثقة والاحترام المتبادلين.

وفي الختام، يمكن القول إن قرار الرئيس ترامب بتوجيه الدعوات إلى قادة كازاخستان وأوزبكستان يعكس تحولًا استراتيجيًا في السياسة الخارجية الأمريكية، يهدف إلى تعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى وتأمين مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. هذا التوجه يحمل في طياته فرصًا كبيرة للتعاون والتنمية، ولكنه يتطلب أيضًا بذل جهود مضاعفة لبناء الثقة وتجاوز التحديات القائمة. تابعوا آخر التطورات في السياسة الخارجية الأمريكية لمعرفة المزيد.

شاركها.