منطقة دنيبروبتروفسك، أوكرانيا – على مدى ما يقرب من أربع سنوات، يواصل الجنود الأوكرانيون، المثقلون بأعباء الحرب، الدفاع عن وطنهم ضد الهجمات الروسية المستمرة. يتنقلون بين الأقبية الرطبة والمخابئ الموحلة، لكن عزيمتهم تظل راسخة، مدفوعة بإيمانهم بقضية أسمى: حماية أوكرانيا. ومع استمرار المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام، يظل الجنود متشككين في نوايا روسيا، معتقدين أنها مصممة على غزو أوكرانيا، سواء الآن أو في المستقبل القريب. هذا المقال يسلط الضوء على واقع حياة الجنود الأوكرانيين في منطقة دنيبروبتروفسك، وتوقعاتهم بشأن مستقبل الصراع، وأهمية الحفاظ على قوة عسكرية قوية.

واقع الحياة على خط المواجهة في دنيبروبتروفسك

يصف الجنود الأوكرانيون في منطقة دنيبروبتروفسك الحياة على خط المواجهة بأنها مرهقة ومحفوفة بالمخاطر. المدفعي “Kelt”، البالغ من العمر 40 عامًا، والذي تحدث إلى وكالة أسوشيتد برس بالقرب من الحدود بين منطقتي دنيبروبتروفسك ودونيتسك، يرى أن القوات المسلحة الأوكرانية هي “الحاجز الرئيسي بين الحياة المدنية السلمية للأوكرانيين وجارتنا السيئة”. يعكس هذا التصريح الشعور العميق بالمسؤولية الذي يحمله الجنود الأوكرانيون، وإدراكهم لأهمية دورهم في حماية بلادهم.

الوضع على الأرض صعب للغاية، حيث يواجه الجنود نقصًا في الإمدادات والمعدات، بالإضافة إلى التهديد المستمر من القصف والهجمات الجوية. على الرغم من هذه التحديات، يواصلون القتال بشجاعة وتصميم، مدفوعين بحبهم لأوكرانيا ورغبتهم في الدفاع عن حريتهم.

الشكوك حول اتفاقيات السلام مع روسيا

على الرغم من الجهود الدبلوماسية الجارية، يعرب الجنود الأوكرانيون عن شكوكهم العميقة في إمكانية الوثوق بروسيا في الالتزام بأي اتفاق سلام. يعتقدون أن موسكو تسعى فقط إلى كسب الوقت لإعادة تجميع قواتها وشن هجوم جديد في المستقبل.

سيرهي فيليمونوف، قائد كتيبة ذئاب دافنشي، يرى أن أي اتفاق سلام سيمنح روسيا الفرصة “لإنهاء الحرب، ورفع العقوبات، والاستعداد لحرب جديدة والهجوم مرة أخرى”. ويضيف أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا “بتدمير روسيا، أو على الأقل تغيير قيادتها”. هذا التشاؤم يعكس تجارب سابقة مع روسيا، وفقدان الثقة في وعودها.

الحاجة إلى ضمانات أمنية قوية

يعتقد المحللون العسكريون والجنود الأوكرانيون أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن ضمانات أمنية قوية، مثل عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). بدون هذه الضمانات، يعتقدون أن الغزو الروسي الجديد أمر لا مفر منه.

الخط الدفاعي الذي يبلغ طوله 800 ميل (حوالي 1300 كيلومتر) يتطلب قوة عسكرية كبيرة لحمايته، وهو ما يؤكد على أهمية الحفاظ على جيش أوكراني قوي ومجهز جيدًا. الحرب في أوكرانيا تتطلب استعدادًا دائمًا لمواجهة أي تهديد محتمل.

التحديات التي تواجه القوات الأوكرانية

تواجه القوات الأوكرانية العديد من التحديات، بما في ذلك نقص القوى العاملة والمعدات. وصف فيليمونوف كيف تمكن لوائه من الحفاظ على امتداده من الخط الدفاعي، لكنه غالبًا ما خذلته الوحدات المجاورة المليئة بالمجندين عديمي الخبرة.

الكرملين أعلن يوم الاثنين عن سيطرة القوات الروسية على مدينة بوكروفسك الشرقية، لكن الرئيس زيلينسكي أكد أن القتال لا يزال مستمراً. يؤكد المحلل العسكري روب لي أن تحقيق تقدم كبير من قبل القوات الروسية سيعتمد على قدرة أوكرانيا على زيادة أعداد قواتها والحفاظ عليها. القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص حاد في الأفراد، مما يجعلها عرضة للخطر.

نقص الأفراد وتأثيره على المعارك

يشير الخبير العسكري الأوكراني تاراس شموت إلى أن العديد من الكتائب على الجبهة تتكون من 20 مقاتلاً فقط، بدلاً من العدد المعتاد الذي يتراوح بين 400 و800 مقاتل. على الرغم من أن أوكرانيا ربما تقوم بتعبئة ما يصل إلى 30 ألف مجند شهريًا، فإن العديد منهم يجدون وسيلة للخروج من الخدمة أو يثبتون أنهم غير مؤهلين ليحلوا محل قوات الخطوط الأمامية. هذا النقص في الأفراد يضع ضغطًا هائلاً على الجنود الذين يقاتلون على خط المواجهة.

مستقبل الصراع وأهمية الدعم الغربي

على الرغم من التحديات، تمكنت القوات الأوكرانية من الصمود في أماكن مثل بوكروفسك، وكذلك في كوبيانسك وفوفشانسك في منطقة خاركيف. يوري فيدورينكو، قائد لواء أخيل للطائرات بدون طيار، يرى أن هذا الصمود “يشهد على الحافز العالي والمرونة لدى الجيش الأوكراني”.

الرئيس بوتين أكد أن القتال لن يتوقف ما لم تسحب أوكرانيا قواتها من المناطق التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني. ومع ذلك، يظل مستقبل الصراع غير واضح، ويعتمد بشكل كبير على الدعم الغربي المستمر لأوكرانيا. الدعم الدولي لأوكرانيا ضروري للحفاظ على جيشها وقدرتها على الدفاع عن نفسها.

من خندقه الموحل، سخر كيلت من اقتراح تقليص حجم المؤسسة العسكرية الأوكرانية، قائلاً إن ذلك بمثابة تسهيل على روسيا “قتلك” في وقت لاحق وليس الآن. الحفاظ على جيش بحجم أوكرانيا الحالي الذي يزيد قليلاً عن مليون جندي سيكون مستحيلاً تقريبًا دون الدعم الغربي المستمر. مستقبل أوكرانيا المالي، بما في ذلك قدرتها على الحفاظ على جيشها، يعتمد على خطة السلام وكيفية إدارة الأصول الروسية المجمدة.

في الختام، يواجه الجنود الأوكرانيون في منطقة دنيبروبتروفسك تحديات هائلة، لكنهم يواصلون القتال بشجاعة وتصميم. على الرغم من الشكوك حول اتفاقيات السلام مع روسيا، يدركون أهمية الحفاظ على قوة عسكرية قوية لحماية بلادهم. الدعم الغربي المستمر ضروري لضمان قدرة أوكرانيا على الصمود في وجه العدوان الروسي وتحقيق السلام الدائم.

شاركها.