في خضم الحرب الدائرة في أوكرانيا، تزايدت الضغوط على الرئيس فولوديمير زيلينسكي لإجراء انتخابات، وهو الأمر الذي رفضه حتى الآن، مؤكداً استعداده للقيام بذلك في حال توفرت الضمانات الأمنية اللازمة ودعم الولايات المتحدة وحلفائها. هذا الموقف أثار جدلاً واسعاً، خاصةً مع انتقادات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يرى أن تأجيل الانتخابات قد يكون ذريعة للتشبث بالسلطة. يهدف هذا المقال إلى تحليل الوضع، واستعراض الأسباب القانونية واللوجستية والأمنية التي تمنع إجراء الانتخابات في أوكرانيا حالياً، بالإضافة إلى ردود الأفعال المحلية والدولية.

تأجيل الانتخابات: خلفية قانونية وسياسية

منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، أصبحت البلاد تحت الأحكام العرفية. الدستور الأوكراني، بالإضافة إلى قانون منفصل، يحظر إجراء أي انتخابات خلال فترة سريان الأحكام العرفية. هذا يعني أن تأجيل الانتخابات ليس قراراً تعسفياً من جانب زيلينسكي، بل هو التزام قانوني.

كان من المقرر أن تنتهي ولاية زيلينسكي الرئاسية في مايو 2024، لكن الدستور يسمح له بالبقاء في منصبه بشكل قانوني حتى يؤدي رئيس منتخب حديثاً اليمين الدستورية. هذا الجانب الدستوري يفسر استمراره في الرئاسة على الرغم من انتهاء المدة الرسمية لولايته.

التحديات الأمنية واللوجستية لإجراء الانتخابات

بعيداً عن الإطار القانوني، يواجه إجراء الانتخابات في أوكرانيا تحديات أمنية ولوجستية هائلة. القصف المستمر من قبل روسيا على المدن الأوكرانية يشكل خطراً مباشراً على حياة الناخبين وموظفي الانتخابات. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتلال روسيا لما يقرب من خمس أراضي أوكرانية، وتهجير الملايين من الأوكرانيين إلى الخارج، يجعل تنظيم اقتراع على مستوى البلاد أمراً شبه مستحيل.

كيف يمكن ضمان سلامة الناخبين في المناطق القريبة من خطوط الجبهة؟ وكيف يمكن السماح للأوكرانيين الذين يعيشون في الخارج بالإدلاء بأصواتهم بشكل آمن وفعال؟ هذه أسئلة معقدة لا تزال بلا إجابة. كما أن ضمان مشاركة الجنود الأوكرانيين في العملية الانتخابية يمثل تحدياً لوجستياً كبيراً.

موقف زيلينسكي من إجراء الانتخابات

أكد الرئيس زيلينسكي مراراً وتكراراً أنه مستعد لإجراء انتخابات، لكن بشرط توفير الضمانات الأمنية اللازمة. في رده على انتقادات ترامب، صرح زيلينسكي بأنه طلب من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين المساعدة في تأمين الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن أوكرانيا ستكون مستعدة لإجرائها خلال 60 إلى 90 يوماً في حال توفر هذا الدعم.

زيلينسكي يرفض بشدة الاتهامات التي تشير إلى أنه يستخدم الحرب كذريعة للتشبث بالسلطة، واصفاً هذه الادعاءات بأنها “قصة سخيفة تماماً”. ويؤكد أن القرار بشأن موعد إجراء الانتخابات هو قرار يخص الشعب الأوكراني وحده.

انتقادات ترامب وتداعياتها

أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلاً واسعاً بتصريحاته التي دعا فيها إلى إجراء انتخابات في أوكرانيا. وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو إن تأجيل الانتخابات يوحي بأن زيلينسكي “يتشبث بالسلطة”، وأن أوكرانيا “لم تعد ديمقراطية”.

تعكس هذه التصريحات موقف موسكو، التي تستخدم بقاء زيلينسكي في السلطة بعد انتهاء فترة ولايته كأداة لتصويره كزعيم غير شرعي. هذا التشويه يهدف إلى تقويض الدعم الدولي لأوكرانيا.

المنافسون المحتملون لزيلينسكي

على الرغم من أن إجراء انتخابات في الوقت الحالي يبدو مستبعداً، إلا أنه من المهم النظر في المنافسين المحتملين لزيلينسكي. أحد الأسماء التي تتردد بقوة هو فاليري زالوزني، قائد الجيش السابق وسفير أوكرانيا الحالي لدى بريطانيا. على الرغم من نفيه لخططه لدخول السياسة، إلا أن استطلاعات الرأي العام تظهر أنه يمثل منافساً قوياً لزيلينسكي.

بالإضافة إلى زالوزني، يعتبر بترو بوروشينكو، الرئيس الأوكراني السابق وزعيم أكبر حزب معارض، منافساً سياسياً رئيسياً. على الرغم من أنه من غير المرجح أن يترشح مرة أخرى، إلا أن دعمه لمرشح معين سيكون له تأثير كبير على النتائج الانتخابية.

الخلاصة

إن إجراء الانتخابات في أوكرانيا في ظل الظروف الحالية يمثل تحدياً معقداً يتطلب دراسة متأنية للجوانب القانونية والأمنية واللوجستية. في حين أن الرئيس زيلينسكي يؤكد استعداده لإجراء انتخابات في حال توفرت الضمانات اللازمة، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا الأمر ليس ممكناً في الوقت الحالي. الضغوط الخارجية، وخاصةً من جانب الرئيس ترامب، تزيد من تعقيد الوضع، وتؤكد على أهمية الحفاظ على الدعم الدولي لأوكرانيا في سعيها للحفاظ على ديمقراطيتها وسيادتها. يبقى السؤال مفتوحاً حول متى وكيف ستتمكن أوكرانيا من إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة شعبها.

https://apnews.com/hub/russia-ukraine

شاركها.