تشهد قطر مرحلة حساسة على الساحة الدولية بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، الذي استهدف قيادات حركة “حماس” وأسفر عن سقوط شهداء بينهم رجل أمن قطري. يأتي هذا التصعيد في وقت كانت فيه الدوحة تعمل كوسيط رئيسي في جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما وضعها أمام تحديات دبلوماسية وأمنية كبرى. وتسلط التطورات الضوء على دور أخبار قطر العاجلة في رسم صورة الوضع الراهن على الصعيد الإقليمي والدولي.
الهجوم الإسرائيلي وأبعاده الدبلوماسية
طلبت قطر اعتذاراً رسمياً من إسرائيل قبل استئناف جهود الوساطة بين تل أبيب وحركة “حماس”، بحسب تقرير لموقع “أكسيوس”. جاء هذا الطلب خلال اجتماع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في الدوحة، حيث أكد تميم ضرورة احترام السيادة القطرية وتقديم تعويضات لعائلات الضحايا. وأثار الهجوم ردود فعل دولية واسعة، وأدى إلى عقد قمة عربية وإسلامية طارئة في الدوحة لدعم موقف قطر.
من جهتها، أقرّت إدارة الرئيس الأميركي ضرورة إعادة الدور القطري في الوساطة لضمان الإفراج عن المحتجزين ووقف الحرب في غزة، معتبرة أن غياب الوساطة سيجعل الحلول صعبة للغاية.
تصريحات نتنياهو وتداعياتها
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسع نطاق هجومه الإعلامي والسياسي ليشمل مصر وقطر وتركيا، في محاولة لإشغال الرأي العام الإسرائيلي وتخفيف الضغط الدولي المتزايد لوقف الحرب على غزة. واتهامات نتنياهو للدوحة بتمويل ودعم حركة “حماس” استثارت ردود فعل غاضبة، في حين أكدت قطر التزامها بالوساطة والعمل من أجل السلام وفق القانون الدولي.
كما أثارت تصريحات نتنياهو حول إمكانية تهجير الفلسطينيين ردود فعل مصرية قوية، حيث شددت القاهرة على رفض أي محاولات لإجبار الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة، مؤكدة أن أمن الفلسطينيين غير قابل للتفاوض.
الاستراتيجية الإسرائيلية في الشرق الأوسط
يرى مراقبون أن إسرائيل تنتهج استراتيجية ثلاثية تهدف إلى:
- الهيمنة العسكرية لمنع صعود أي قوة إقليمية منافسة.
- إضعاف دول الطوق المحيطة بها سياسياً وعسكرياً.
- فرض النفوذ الاقتصادي والسياسي لمنع أي نجاح عربي قد يتحول إلى قوة مؤثرة دولياً.
هذه الاستراتيجية تعكس القلق الإسرائيلي من تحركات دول مثل تركيا وقطر وإيران، خاصة فيما يتعلق بملفات غزة وسوريا.
تعزيز الدفاع الخليجي
على خلفية الهجوم الإسرائيلي، عقد مجلس الدفاع الخليجي المشترك دورة استثنائية في الدوحة، وأقر خمس آليات لتعزيز القدرات الدفاعية الخليجية، شملت:
- زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية.
- نقل صورة الموقف الجوي لجميع مراكز العمليات.
- تسريع أعمال منظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية.
- تحديث الخطط الدفاعية المشتركة.
- تنفيذ تدريبات مشتركة بين مراكز الدفاع الجوي خلال الأشهر القادمة.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أن أمن قطر جزء لا يتجزأ من الأمن الخليجي المشترك، وأن أي اعتداء على دولة خليجية يعد تهديداً لجميع الدول الأعضاء.
دور قطر في الوساطة
رغم الهجوم الإسرائيلي، جددت قطر التزامها بالوساطة والعمل على حل أزمة غزة، معتبرة أن أي استهداف للوسيط يمثل تهديداً لجهود السلام. وقد أبرزت الاجتماعات الأخيرة بين أمير قطر ومسؤولين أميركيين أهمية التنسيق الدولي لضمان نجاح الوساطة ووقف التصعيد العسكري.
أخيرًا وليس آخرًا
وسط هذه التطورات، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن الوساطات الدولية وقطر من فرض أي رادع على إسرائيل، التي تتصرف بطيش وتتجاهل كل القوانين والمواثيق الدولية؟ الهجوم الأخير على الدوحة يؤكد حجم التحدي، إذ أن السياسات الإسرائيلية تجاه غزة وقيادات حماس تهدد الاستقرار الإقليمي بشكل مباشر، وتضاعف الأزمة الإنسانية للمدنيين الذين يعانون من الحرب المسعورة المستمرة. في ظل هذا الواقع، يطرح العالم سؤالاً محوريًا: كيف يمكن كبح هذه السياسات قبل أن تتفجر أزمات أكبر تشمل المنطقة بأسرها؟ وبينما تسعى قطر والدول المعنية للوساطة والضغط الدبلوماسي، يبقى الشك قائمًا: هل ستنجح الحلول القانونية والدبلوماسية في منع انهيار الاستقرار الإقليمي، أم أن المنطقة تسير بالفعل نحو حلقة تصعيد قد تكون كارثية؟