على الرغم من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إغلاق المجال الجوي، تستمر رحلات ترحيل المهاجرين الفنزويليين إلى بلادهم، مما يثير تساؤلات حول السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا ومستقبل العلاقات الثنائية. هذا الموضوع الحساس يتعلق بشكل خاص بـ ترحيل فنزويليين، وهو محور هذه التغطية.

استمرار رحلات الترحيل رغم التهديدات الأمريكية

أكدت حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يوم الثلاثاء استمرار الرحلات الجوية الأسبوعية التي تنقل المهاجرين المرحلين من الولايات المتحدة، وذلك استجابة لطلب من إدارة ترامب. يأتي هذا التأكيد بعد إعلان فنزويلي سابق يوم السبت يشير إلى توقف هذه الرحلات من جانب الولايات المتحدة، وهو ما يبدو أنه تم التراجع عنه.

شركة الخطوط الجوية الشرقية، ومقرها الولايات المتحدة، قدمت بالفعل طلبًا للتحليق والهبوط في كاراكاس يوم الأربعاء، وهو الطلب الذي أعلنه وزير الخارجية الفنزويلي. ولقد عاد أكثر من 13 ألف مهاجر فنزويلي إلى بلادهم هذا العام عبر هذه الرحلات المستأجرة، آخرها وصلت يوم الجمعة.

تصعيد التوترات: ضربات عسكرية وتهديدات بالتدخل البري

لم تتوقف الأمور عند حدود ترحيل المهاجرين. فقد أعلنت الولايات المتحدة عن شن ضربات عسكرية ضد سفن يشتبه في تهريب المخدرات في شرق المحيط الهادئ وقبالة ساحل فنزويلا على البحر الكاريبي. تزعم إدارة ترامب أن هذه الضربات تستهدف عصابات المخدرات، وأحياناً ما تربط هذه الجماعات ارتباطًا مباشرًا بالرئيس مادورو، وتعرّفهم على أنهم “الأشرار”.

وقد أثار هذا التصعيد قلقًا دوليًا، خاصةً بعد إعلان ترامب عزمه على شن ضربات عسكرية داخل الأراضي الفنزويلية. كما لمح إلى أن دولاً أخرى، مثل كولومبيا، قد تكون هدفًا لهذه الهجمات، مدعيًا أن كولومبيا تصنع وتبيع الفنتانيل والكوكايين للولايات المتحدة. وهدد الرئيس الأمريكي بأن أي دولة تفعل ذلك ستكون “عرضة للهجوم”.

ردود الفعل الدولية وتصريح البابا فرنسيس

أثار تصريح ترامب ردود فعل قوية، حيث رفض الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو بشدة هذا التأكيد، محذرًا من أن أي هجوم على كولومبيا سيُنظر إليه على أنه “إعلان حرب”. وشدد بيترو على دور كولومبيا في مكافحة تهريب المخدرات، مؤكدًا أنها ساعدت في منع وصول آلاف الأطنان من الكوكايين إلى المستهلكين الأمريكيين.

وسط هذه التوترات المتصاعدة، دعا البابا فرنسيس إلى الحوار والضغط الاقتصادي كبدائل للتدخل العسكري في فنزويلا. وأكد خلال عودته من لبنان أن مؤتمر الأساقفة الفنزويليين وسفارة الفاتيكان في كاراكاس يعملان على تهدئة الموقف ومساعدة الفنزويليين العاديين. وأضاف البابا أن إيجاد طرق للحوار، بما في ذلك الضغط الاقتصادي، هو الخيار الأفضل لتحقيق التغيير في فنزويلا، إذا كانت هذه هي رغبة الولايات المتحدة. الوضع في فنزويلا يثير قلقًا إنسانيًا وسياسيًا على حد سواء.

أسباب الهجرة الجماعية من فنزويلا

أدت الأزمة الاقتصادية والسياسية في فنزويلا، وتحديداً منذ عام 2013 مع وصول مادورو إلى السلطة، إلى هجرة جماعية واسعة النطاق. وقد هاجر أكثر من 7.7 مليون فنزويلي إلى دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بحثًا عن فرص اقتصادية وحياة أفضل. لقد تدهور اقتصاد البلاد المعتمد على النفط بسبب الفساد وسوء الإدارة وانخفاض أسعار النفط الخام، مما أجبر الكثيرين على مغادرة البلاد.

كما ساهم فقدان الوظائف الناتج عن جائحة كوفيد-19 في دفع المزيد من الفنزويليين إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة. وقد بدأت الولايات المتحدة في فرض عقوبات اقتصادية على المسؤولين الفنزويليين في عام 2015، ثم وسعت هذه العقوبات بشكل كبير في عهد إدارة ترامب الأولى، مما زاد من تدهور الوضع الاقتصادي في فنزويلا. أزمة اللاجئين الفنزويليين هي واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

مستقبل العلاقات الأمريكية الفنزويلية

على الرغم من العقوبات الاقتصادية، لم تتمكن الولايات المتحدة من الإطاحة بمادورو، الذي تمكنت حكومته من إيجاد طرق للالتفاف على هذه العقوبات. وفي النهاية، حصلت فنزويلا على بعض التنازلات من الولايات المتحدة بعد أن وعدت بالعمل مع المعارضة لضمان انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في عام 2024. ومع ذلك، أعلن مادورو فوزه في هذه الانتخابات على الرغم من وجود أدلة تشير إلى عكس ذلك.

إن استمرار ترحيل فنزويليين، والتهديدات العسكرية، وردود الفعل الدولية، كلها عوامل تشير إلى أن الوضع في فنزويلا لا يزال معقدًا وغير مستقر. ويبقى الحوار والدبلوماسية هما السبيل الأمثل لحل هذه الأزمة وتجنب المزيد من التصعيد. من الضروري أن تركز الجهود على مساعدة الشعب الفنزويلي على تجاوز هذه الأزمة، وضمان مستقبل أفضل لهم في بلادهم.

شاركها.