روزاليا تثير الجدل والإعجاب بألبومها الروحي “Lux”

أشعلت نجمة البوب الإسبانية روزاليا، المعروفة بدمجها المبتكر بين الفلامنكو وموسيقى الهيب هوب والريغيتون، موجة من الجدل والإعجاب مع ألبومها الجديد “Lux” (النور باللاتينية). هذا العمل الموسيقي ليس مجرد ألبوم، بل هو رحلة روحية عميقة، تقدم روزاليا رؤيتها الخاصة للإيمان والشوق إلى الإلهي، مما جعل Lux حديث الساعة في عالم الموسيقى والثقافة. يغني الألبوم بـ 13 لغة مختلفة، بما في ذلك اللاتينية والعربية والعبرية، ليؤكد على عالميتها ورغبتها في تجاوز الحدود.

تحول روزاليا الروحي: من “المحبة السيئة” إلى “النور”

لطالما كانت روزاليا فنانة متجددة، إلا أن ألبوم “Lux” يمثل تحولاً جذرياً في أسلوبها ومحتواها. فبعد النجاح الكبير لألبومي “El mal querer” (المحبة السيئة) و “Motomami”، اللذين رسما ملامح موسيقى البوب الإسبانية المعاصرة، تقدم روزاليا عملاً أكثر تأملاً وروحانية.

تقول روزاليا إنها، بعد تحقيق الشهرة والشعبية، وجدت نفسها مدفوعة لإشباع شغفها الدفين بالبحث الروحي. وقد عبرت عن ذلك في حديثها قائلة: “في عصر لا يبدو أنه عصر الإيمان أو اليقين أو الحقيقة، هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الإيمان أو اليقين أو الحقيقة”. هذا الشوق الداخلي هو الذي قادها إلى خلق “Lux”، الذي يعكس بحثها العميق عن المعنى والاتصال بالله.

استقبال الألبوم: إشادة من الفاتيكان ونجاح عالمي

لاقت روزاليا ردود فعل متباينة على ألبوم “Lux”. ففي حين اعتبره البعض عملاً جريئاً ومبتكراً، رأى فيه آخرون مغامرة مثيرة للجدل. لكن الألبوم حظي بإشادة غير متوقعة من الكاردينال خوسيه تولينتينو دي ميندونسا، مسؤول الثقافة في الفاتيكان، الذي صرح بأن روزاليا تعكس “حاجة عميقة في الثقافة المعاصرة للتعامل مع الروحانية، وتنمية الحياة الداخلية”. ولا يقتصر الإعجاب على هذا فحسب، فقد أشاد الملحن الشهير أندرو لويد ويبر بالألبوم ووصفه بـ “ألبوم العقد”.

على الصعيد التجاري، حقق Lux نجاحاً كبيراً، حيث تصدر أربع أغنيات من الألبوم قائمة Spotify لأفضل 50 أغنية عالمياً لهذا الأسبوع، متفوقاً على فنانين كبار مثل تايلور سويفت. هذا النجاح يؤكد على قدرة روزاليا على جذب جمهور واسع بموسيقاها الفريدة.

تنوع الأساليب والموسيقى في “Lux”

يتميز ألبوم “Lux” بتنوع كبير في الأساليب الموسيقية، حيث يجمع بين الأوتار الكلاسيكية والموسيقى الإلكترونية وفادو البرتغال والفلامنكو الحديث. كما يضم الألبوم مقاطع غنائية بلغات مختلفة، مما يعكس التأثيرات الثقافية المتعددة التي ألهمت روزاليا. حتى أن الألبوم يقتبس من الشعر الصوفي، مما يضفي عليه بعداً روحياً إضافياً. هذا التنوع هو ما يجعل الألبوم تجربة استماع غنية ومعقدة.

الرموز الدينية وإلهام القديسات

لم يتردد روزاليا في استخدام الرموز الدينية في ألبومها الجديد، مثل الحجاب والظهور بصورة القديسات. تقول روزاليا إنها قرأت الكثير عن القديسات من جميع أنحاء العالم، وأن سيرهن الذاتية رافقتها طوال عملية الإعداد. مما يدل على تأثرها الكبير بهذه الشخصيات الروحية.

كما أن أغنيات الألبوم مليئة بالإشارات إلى المفاهيم الدينية العميقة، مثل الهجر الإلهي والاتحاد الروحي. في أغنية “Reliquia”، تقارن روزاليا نفسها بالقديسات، وتعتبر أجزاء من جسدها وحياتها بمثابة آثار مقدسة. أما أغنية “Mio Cristo Piange Diamanti” فتتضمن صوراً باروكية غنية تعبر عن الألم الإلهي.

أغنية “Dios es un stalker”: جدل وتأمل

أثارت أغنية “Dios es un stalker” (الله مطارد) جدلاً واسعاً بسبب تشبيهها الله بمحب مهووس. لكن روزاليا دافعت عن أغنيتها، مشيرة إلى أنها تعكس رؤيتها الخاصة للعلاقة بين الإنسان والله. وقد اعتبرها البعض تأملاً عميقاً في طبيعة الإيمان والحب الإلهي. هذا المزيج من الجرأة والتأمل هو ما يميز أسلوب روزاليا الفني.

“Lux”: موسيقى شعبية بجذور ثقافية عميقة

يرى خبراء الموسيقى أن ألبوم “Lux” يمثل مزيجاً فريداً من الثقافة الراقية والشعبية. فروزاليا نجحت في دمج المفاهيم الدينية المعقدة مع موسيقى البوب العصرية، مما جعل ألبومها في متناول جمهور واسع. ويقول جوزيب أوتون، أستاذ التاريخ الديني في كلية ISCREB اللاهوتية في برشلونة: “لقد نجحت في صنع موسيقى شعبية ذات جذور ثقافية عميقة للغاية. يمكن لأي شخص أن يستمع إليها، ويمكن للأشخاص ذوي الخلفيات المختلفة أن يأخذوا أشياء مختلفة. إنها موسيقى البوب، لكنها عميقة.”

في الختام، Lux ليس مجرد ألبوم موسيقي، بل هو بيان فني وروحي جريء، يعكس رحلة روزاليا الشخصية في البحث عن المعنى والإيمان. الألبوم يثير التساؤلات ويدعو إلى التأمل، مما يجعله إضافة قيمة إلى عالم الموسيقى والثقافة. استمروا في متابعة أعمال روزاليا وتطورها الفني المثير للإعجاب.

شاركها.