في مشهد مروع كشفته الأقمار الصناعية، ظهر تراكم القمامة بشكل غير قانوني بالقرب من نهر في ريف أكسفورد الإنجليزي، ليثير غضبًا واسعًا وقلقًا متزايدًا بشأن تفاقم الأزمة البيئية في البلاد. الجبل الضخم من النفايات، الذي يبلغ طوله ثلاثة حمامات سباحة أوليمبية، ظل مخفيًا لفترة طويلة خلف الأشجار الكثيفة على جانب طريق سريع مزدحم، بينما كان المارة يمرون دون أن يلاحظوا الكارثة البيئية المتنامية. هذا الاكتشاف الأخير سلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها إنجلترا في مكافحة عصابات الجريمة المنظمة المشتبه في قيامها بإلقاء النفايات بشكل غير قانوني.

حجم كارثة الإلقاء العشوائي للنفايات في إنجلترا

لم يكن من السهل اكتشاف هذه الكمية الهائلة من النفايات. فقد استغرقت شهورًا حتى كشفت عنها صور الأقمار الصناعية، حيث أظهرت الحقول الخضراء في أبريل 2024 تتحول تدريجياً إلى بقعة بيضاء متزايدة من القمامة المتراكمة بحلول يوليو من نفس العام. هذه الواقعة ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي جزء من مشكلة متنامية تهدد البيئة والاقتصاد في المملكة المتحدة.

أبعاد الكارثة البيئية المحتملة

تثير هذه النفايات المتراكمة مخاوف جدية بشأن تلوث نهر شيرويل المجاور، والذي يصب في نهر التايمز، وصولًا إلى لندن والبحر. مع هطول أمطار الشتاء، يخشى المراقبون من أن تجرف المياه الفيضية هذه النفايات إلى النهر، مما يؤدي إلى آثار بيئية مدمرة.

التحقيقات الجنائية والمسؤولية القانونية

على الرغم من الإبلاغ عن المشكلة في الأخبار مؤخرًا، إلا أن وكالة البيئة في إنجلترا كانت قد حددت الموقع كموقع نفايات غير قانوني عالي الخطورة في يوليو الماضي، وأصدرت أمرًا بالتوقف والكف. وقد حصلت الوكالة على أمر من المحكمة الشهر الماضي بإغلاق المنطقة بعد استمرار عمليات التخلص غير القانوني من النفايات. ويجري الآن التحقيق في هذه الجريمة بتفاصيل دقيقة.

التأخر في الاستجابة وانتقادات اللجنة البرلمانية

تواجه الحكومة البريطانية انتقادات حادة بسبب بطء الاستجابة لمشكلة الإلقاء العشوائي للنفايات، والتي تقدر الوكالة أنها تكلف الاقتصاد الإنجليزي حوالي مليار جنيه إسترليني سنويًا. لجنة البيئة والتغير المناخي في مجلس اللوردات، في تقرير حديث، أشارت إلى أن كمية النفايات التي يتم التخلص منها بشكل غير قانوني كل عام تكفي لملء استاد ويمبلي الشهير 35 مرة.

“Fly-tipping” – آفة متنامية في المملكة المتحدة

يُعرف الإلقاء العشوائي للنفايات في المملكة المتحدة باسم “Fly-tipping”، وهي ممارسة تتضمن التخلص من النفايات بشكل غير قانوني، غالبًا من المركبات المتحركة. هذه الظاهرة تشكل مصدر قلق كبير لأصحاب الأراضي، والسلطات المحلية، وتعتبر تشويهًا للمناظر الطبيعية الخلابة. تشير الأرقام الحكومية إلى زيادة بنسبة 6٪ في حوادث التخلص العشوائي من النفايات بين عامي 2023 و 2024، حيث تم تسجيل أكثر من 1.1 مليون حادثة.

عصابات الجريمة المنظمة ودورها في تفاقم المشكلة

غالبًا ما يتم تنفيذ عمليات “Fly-tipping” بواسطة مشغلي نقل غير مرخصين يقدمون خدمات نقل النفايات بأسعار منخفضة في شاحنات غير مميزة. يصبح إيقاف هذه الممارسة أمرًا صعبًا، كما أن تنظيف المواقع المتضررة يمكن أن يكون مكلفًا للغاية بالنسبة لأصحاب الأراضي المتضررين.

التكاليف الباهظة للتنظيف والمسؤولية المجتمعية

تكلفة تنظيف مكب النفايات المكتشف في أوكسفوردشاير قد تتجاوز الميزانية السنوية لمجلس منطقة شيرويل، والتي تبلغ 26 مليون جنيه إسترليني. ويطالب بعض النواب الحكومة بالتدخل لتنظيف “القبيح” على غرار جهود التنظيف التي بذلت في غابة هودز وود في كينت، حيث تم إزالة 30 ألف طن متري من النفايات في عملية استمرت ستة أشهر.

جهود وكالة البيئة ومواجهة التحديات

قامت وكالة البيئة بإغلاق 743 موقعًا غير قانوني للنفايات في عام 2024-2025، بما في ذلك 143 موقعًا تعتبر عالية الخطورة. على الرغم من هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات كبيرة في مواجهة هذه المشكلة المتفاقمة، وتنفيذ القانون، وإدانة الجناة. أعلنت وزيرة البيئة إيما هاردي عن زيادة تمويل إنفاذ قانون النفايات بنسبة 50٪، مؤكدة على التزام الحكومة بمعالجة هذه القضية بجدية.

ختاماً، يمثل اكتشاف هذا الكم الهائل من النفايات في أوكسفوردشاير بمثابة جرس إنذار حول تفاقم أزمة الإلقاء العشوائي للنفايات في إنجلترا. تتطلب معالجة هذه المشكلة جهودًا متضافرة من الحكومة، ووكالة البيئة، والسلطات المحلية، والمجتمع المدني، لضمان حماية البيئة والموارد الطبيعية للأجيال القادمة. كما أن التعاون مع الجهات المختصة والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه يساهم في التصدي لهذه الظاهرة ويعزز من جهود الحفاظ على نظافة وجمال البيئة.

شاركها.