في مشهد غير اعتيادي، تجمع حشد من الناس يوم السبت أمام نصب لنكولن التذكاري في العاصمة الأمريكية واشنطن لإقامة جنازة رمزية للبنص، العملة النحاسية التي توقف إنتاجها في وقت سابق من هذا العام. الحدث، الذي نظم بشكل مفاجئ، привлек внимание специалистов AP، الذين وثقوا اللحظات المؤثرة بصور فوتوغرافية تظهر مزيجًا من الحزن والاحتجاج على هذا التغيير في الثقافة النقدية الأمريكية.
لماذا أقيمت جنازة للبنص؟
قد يبدو إقامة جنازة لعملة أمرًا غريبًا، لكن المنظمين أكدوا أنها وسيلة للتعبير عن الحنين إلى الماضي، والاعتراض على فقدان جزء من التاريخ الأمريكي. البنس كان رمزًا للادخار والقدرة على الوصول، وخاصة بالنسبة للفئات الأقل حظًا. مع ارتفاع تكاليف المعيشة، أصبح البنس ذا قيمة رمزية ضئيلة، مما أدى إلى قرار إيقاف إنتاجه، وهذا ما أثار غضب الكثيرين.
المشاركون في الجنازة الرمزية للبنص عبروا عن أسفهم لإزالة هذا الرمز المألوف من التداول اليومي. أشار البعض إلى أنه على الرغم من قيمته المتدنية، كان البنس مادة خام لأعمال فنية مبتكرة، ومصدر إلهام للأطفال لتعلم أهمية الادخار. كما أن توقف إنتاجه يمثل في نظرهم علامة على تراجع القيم التقليدية.
لقطات من الجنازة الرمزية
تنوعت مظاهر الحزن والاحتجاج في الجنازة الرمزية للبنص. شوهد الناس وهم يلقون البنسات في نعش صغير مزين بأعلام أمريكية، بينما ألقى آخرون بالعملات في جرات مخصصة لهذا الغرض.
إحدى اللحظات اللافتة كانت ظهور رجل يرتدي زي الرئيس أبراهام لينكولن، والذي ألقى خطابًا قصيرًا عن أهمية الوحدة والتذكر. كما لفت الأنظار عرض عمل فني يمثل صورة لينكولن مصنوعة بالكامل من البنسات، في إشارة رمزية إلى علاقته الوثيقة بهذه العملة.
حضر الحدث أيضًا أشخاص يرتدون أزياء تنكرية، بما في ذلك بابا نويل وعدد من الشخصيات التاريخية، مما أضفى على الجنازة طابعًا احتفاليًا ومرحًا، إلى جانب الجو العام من الأسى. وشارك العديد من المتظاهرين وهم يرتدون حجاب حداد أسود، تعبيرًا عن الحزن على هذه “الخسارة”.
تأثير إيقاف إنتاج البنس على الاقتصاد والمجتمع
إيقاف إنتاج البنس ليس مجرد تغيير رمزي، بل له تداعيات اقتصادية واجتماعية محتملة. على الرغم من أن تكلفة إنتاج البنس قد تجاوزت قيمته الاسمية منذ فترة طويلة، إلا أن بعض الخبراء يخشون أن يؤدي اختفاؤه إلى زيادة الأسعار بشكل طفيف، حيث سيتعين على التجار تقريب الأسعار إلى أقرب خمسة سنتات بدلًا من سنت واحد.
إضافة الى ذلك، يعتبر توقف انتاج البنس نقطة تحول في طريقة تعامل الأمريكيين مع المال. مع انتشار الدفع الإلكتروني، أصبح الاعتماد على العملات النقدية أقل، إلا أن البنس ظل جزءًا مهمًا من الحياة اليومية بالنسبة للكثيرين. يشعر البعض بالقلق من أن هذا التغيير سيعزز الفجوة الرقمية ويؤثر سلبًا على الفئات التي لا تملك حسابات مصرفية أو لا تستطيع الوصول إلى خدمات الدفع الإلكتروني.
ردود الفعل على الحدث
أثارت الجنازة الرمزية للبنص ردود فعل متباينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. انتقد البعض الحدث ووصفوه بأنه مضيعة للوقت ومجرد “دراما” لا طائل منها. في المقابل، أشاد به آخرون ووصفوه بأنه طريقة مبتكرة للتعبير عن مشاعر الحنين والاحتجاج.
الجدير بالذكر أن الحدث привлек внимания وسائل الإعلام الدولية، مما ساهم في تسليط الضوء على قضية البنس وأهميتها بالنسبة للمجتمع الأمريكي. وتناولت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية الحدث بتغطية شاملة، محللةً أسبابه وتداعياته المحتملة.
مستقبل العملات النقدية في أمريكا
تثير قضية البنس تساؤلات حول مستقبل العملات النقدية بشكل عام في أمريكا. مع تزايد شعبية الدفع الإلكتروني، بما في ذلك تطبيقات الهواتف الذكية والبطاقات الائتمانية، قد تتراجع الحاجة إلى العملات النقدية في المستقبل القريب.
ومع ذلك، لا يزال الكثير من الأمريكيين يفضلون استخدام النقد في بعض المعاملات، وخاصة تلك الصغيرة. كما أن العملة النقدية تلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد غير الرسمي وتوفير الخصوصية للمستهلكين. لذلك، من غير المرجح أن تختفي العملات النقدية تمامًا في المستقبل، بل قد تتطور لتلبية احتياجات المجتمع المتغيرة. بينما ينتهي عصر البنس، تبقى ذكراه حاضرة في قلوب الكثيرين.
