في خطوة تهدف إلى تعزيز الإيرادات الحكومية في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، وافق المشرعون الروس اليوم على حزمة من الزيادات الضريبية الجديدة. تأتي هذه الخطوة في وقت تبحث فيه موسكو عن مصادر تمويل إضافية لدعم اقتصادها المتضرر من آثار الحرب المستمرة في أوكرانيا، وتحديداً مع تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع الإنفاق العسكري. وتعتبر الضرائب الجديدة في روسيا جزءًا من جهود أوسع نطاقًا لإعادة هيكلة النظام الضريبي وتوفير الأموال اللازمة لتمويل الأولويات الحكومية.
رفع ضريبة القيمة المضافة وتوسيع نطاقها
أحد أبرز التغييرات التي تمت الموافقة عليها هو رفع ضريبة القيمة المضافة (VAT) من 20% إلى 22%. من المتوقع أن يضيف هذا الارتفاع ما يقارب تريليون روبل (حوالي 12.3 مليار دولار) إلى ميزانية الدولة. بالإضافة إلى ذلك، قرر المشرعون خفض الحد الأدنى لإيرادات المبيعات السنوية للشركات التي يتعين عليها تحصيل ضريبة القيمة المضافة من 60 مليون روبل إلى 10 ملايين روبل فقط.
أهداف التعديلات وتأثيرها المحتمل
يهدف هذا التخفيض في الحد الأدنى إلى منع الشركات من تقسيم عملياتها لتجنب دفع الضريبة، وهي ممارسة كانت شائعة في السابق. ومع ذلك، يثير هذا التعديل مخاوف بشأن تأثيره على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي كانت معفاة سابقًا من ضريبة القيمة المضافة. من المرجح أن تواجه هذه الشركات أعباء مالية إضافية، مما قد يؤثر على قدرتها التنافسية ونموها.
ضرائب جديدة على السلع الكمالية والمشروبات
لا تقتصر الزيادات الضريبية على ضريبة القيمة المضافة فحسب، بل تشمل أيضًا مجموعة واسعة من الضرائب الجديدة على السلع الكمالية والمشروبات. سيتم إلغاء السعر الخاص الميسر على “رسوم إعادة التدوير” المفروضة على السيارات، مما سيؤثر بشكل خاص على السيارات المستوردة باهظة الثمن. بالإضافة إلى ذلك، سيتم زيادة الضرائب على المشروبات الروحية والنبيذ والبيرة والسجائر.
كما تتضمن المقترحات الجديدة فرض رسوم على عناصر التكنولوجيا مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. هذه الإجراءات تهدف إلى زيادة الإيرادات من القطاعات التي تعتبر أقل حساسية للأسعار، وبالتالي تقليل العبء على الشركات والأفراد ذوي الدخل المنخفض.
تباطؤ النمو الاقتصادي والإنفاق العسكري المتزايد
تأتي هذه الزيادات الضريبية في وقت يواجه فيه الاقتصاد الروسي تباطؤًا ملحوظًا. بعد عامين من النمو القوي مدفوعًا بالإنفاق العسكري، انكمش الاقتصاد في بداية عام 2025، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 1% فقط هذا العام. يعزى هذا التباطؤ إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي يفرضها البنك المركزي للسيطرة على التضخم، والذي يبلغ حاليًا 8% ويتأثر بشكل كبير بالمشتريات الدفاعية الحكومية.
وفي مشروع ميزانية الحكومة الروسية لعام 2026، تم تخصيص 12.93 تريليون روبل (159 مليار دولار) للإنفاق العسكري، أو 16.84 تريليون روبل (207 مليار دولار) بما في ذلك الإنفاق على الأمن وإنفاذ القانون. هذا يشير إلى استمرار الأولوية القصوى للإنفاق العسكري، حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
مسار التشريع والموافقة النهائية
يجب أن يعود مشروع القانون إلى مجلس النواب للموافقة عليه مرة أخرى، قبل إرساله إلى مجلس الشيوخ. بعد موافقة مجلس الشيوخ، سيتم إرسال مشروع القانون إلى الرئيس فلاديمير بوتين لتوقيعه ليصبح قانونًا نافذًا. من المتوقع أن يتم إدخال هذه التغييرات على مراحل حتى عام 2028، مما يتيح للشركات والأفراد الوقت للتكيف مع النظام الضريبي الجديد.
تأثير السياسة الضريبية في روسيا على الاستثمار
من المرجح أن تؤثر هذه الزيادات الضريبية على مناخ الاستثمار في روسيا. قد يتردد المستثمرون في ضخ أموالهم في البلاد بسبب ارتفاع الأعباء الضريبية وعدم اليقين الاقتصادي. ومع ذلك، قد يرى البعض أن هذه الإجراءات ضرورية لتحقيق الاستقرار المالي وضمان قدرة الحكومة على تمويل الأولويات الأساسية.
الخلاصة: تحديات وفرص في ظل الوضع الاقتصادي الروسي
تمثل الزيادات الضريبية الجديدة في روسيا استجابة لتحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك تراجع النمو وارتفاع الإنفاق العسكري. في حين أن هذه الإجراءات قد تساعد في تعزيز الإيرادات الحكومية، إلا أنها قد تؤثر أيضًا على الشركات الصغيرة والمتوسطة والمستثمرين. من الضروري مراقبة تأثير هذه التغييرات على الاقتصاد الروسي وتقييم فعاليتها في تحقيق أهدافها المعلنة. إن فهم التطورات الاقتصادية في روسيا أمر بالغ الأهمية للمستثمرين والشركات والأفراد الذين لديهم مصالح في المنطقة. نتوقع أن تستمر الحكومة الروسية في تعديل سياساتها الاقتصادية والضريبية استجابةً للظروف المتغيرة.
