في تطور مثير للجدل، اتهمت النيابة العامة الصربية المتخصصة في الجريمة المنظمة وزيرًا حكوميًا بارزًا وثلاثة مسؤولين آخرين بالتورط في تزوير وثائق وإساءة استخدام السلطة لتسهيل مشروع عقاري ضخم في بلغراد، يربطه البعض بصهر الرئيس الأمريكي السابق، جاريد كوشنر. هذه القضية، التي تثير تساؤلات حول الشفافية والفساد المحتمل، تلقي بظلالها على مستقبل هذا المشروع المثير للجدل، وتثير نقاشًا واسعًا حول التراث الثقافي الصربي وعلاقاتها الدولية. مشروع بلغراد العقاري هذا أصبح محورًا للانتقادات والتحقيقات.

اتهامات خطيرة تطال وزير الثقافة ومسؤولين كبار

وفقًا لبيان رسمي صادر عن مكتب المدعي العام للجريمة المنظمة، يواجه وزير الثقافة الصربي، نيكولا سيلاكوفيتش، وهو مقرب من الرئيس ألكسندر فوتشيتش، اتهامات جنائية إلى جانب ثلاثة مسؤولين آخرين. تدور هذه الاتهامات حول تزوير وثائق بهدف رفع الحماية عن مجمع عسكري تاريخي في قلب بلغراد، مما يمهد الطريق لإعادة تطويره كمجمع فاخر يضم فندقًا ومساحات سكنية وتجارية.

التحقيقات تركز على كيفية تغيير حالة الحماية القانونية للموقع، وهو ما يعتبر انتهاكًا للقوانين المتعلقة بالحفاظ على التراث الثقافي. يُزعم أن سيلاكوفيتش والمسؤولين الآخرين قاموا بذلك بشكل غير قانوني لتسهيل صفقة مع شركة Affinity Global Development، وهي شركة مرتبطة بكوشنر، والتي وقعت اتفاقية إيجار لمدة 99 عامًا مع الحكومة الصربية العام الماضي.

تفاصيل الصفقة المثيرة للجدل

في العام الماضي، أعلنت حكومة صربيا عن اتفاقية مع Affinity Global Development لتمويل مشروع عقاري ضخم بقيمة 500 مليون دولار. يهدف المشروع إلى تحويل المجمع العسكري القديم إلى مجمع فاخر متعدد الاستخدامات. أكد كوشنر في ذلك الوقت أن شركته تخطط لتمويل المشروع، مما أثار تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الصفقة والمصالح الأمريكية في المنطقة.

على الرغم من التحقيقات الجارية، أقر البرلمان الصربي مؤخرًا قانونًا خاصًا يسهل عملية البناء في الموقع. هذا القرار أثار انتقادات واسعة النطاق من الخبراء والجمهور الصربي، الذين يرون فيه محاولة لتجاوز الإجراءات القانونية وتغطية الفساد المحتمل.

ردود الفعل الرسمية والانتقادات الشعبية

رد الرئيس فوتشيتش على الاتهامات بتأكيد أن المشروع سيكون مفيدًا لعلاقات صربيا مع الولايات المتحدة، بل وأعلن استعداده للعفو عن أي شخص يدين في القضية، معلنًا “أنا مذنب، أنا من أراد تحديث صربيا”. هذا التصريح أثار المزيد من الجدل، حيث اعتبره البعض اعترافًا ضمنيًا بالتورط في القضية.

تجديد بلغراد هو هدف يطرحه الرئيس فوتشيتش، لكنه يواجه معارضة قوية. في المقابل، يرى النقاد أن المشروع يمثل تهديدًا للتراث المعماري والثقافي الصربي، وأن المباني العسكرية القديمة هي رمز لمقاومة قصف الناتو في عام 1999. تظل المشاعر المناهضة لحلف شمال الأطلسي قوية في صربيا، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في تجديد هذه المباني يثير حساسية خاصة لدى الكثيرين.

تأثير العلاقات الدولية

تأتي هذه القضية في وقت تشهد فيه العلاقات بين صربيا والولايات المتحدة توترًا بسبب قضايا أخرى، مثل فرض واشنطن تعريفات جمركية على الواردات الصربية وعقوبات على موردي النفط الروسيين. قد يؤثر هذا الجدل حول الاستثمار الأجنبي في صربيا سلبًا على هذه العلاقات، خاصة إذا تبين وجود مخالفات قانونية أو فساد في الصفقة.

مستقبل المشروع والتحقيقات الجارية

لم يتضح بعد متى ستتم محاكمة المتهمين، لكن القضية من المؤكد أنها ستثير نقاشًا واسعًا في صربيا وخارجها. التحقيقات الجارية قد تكشف عن المزيد من التفاصيل حول طبيعة العلاقة بين الصفقة وجاريد كوشنر، ومدى تورط المسؤولين الصربيين في التزوير وإساءة استخدام السلطة.

في الختام، يمثل مشروع بلغراد العقاري قضية معقدة تتشابك فيها المصالح السياسية والاقتصادية والثقافية. الاتهامات الموجهة إلى وزير الثقافة والمسؤولين الآخرين تلقي بظلال من الشك على المشروع، وتثير تساؤلات حول الشفافية والمساءلة في صربيا. من الضروري إجراء تحقيق شامل وشفاف لكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن أي مخالفات قانونية. هذه القضية ستكون بلا شك اختبارًا لسيادة القانون في صربيا وقدرتها على مكافحة الفساد وحماية تراثها الثقافي. تابعوا آخر التطورات حول هذا الموضوع المثير للجدل.

شاركها.