في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً واسعاً، أمر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو جميع المراسلات الدبلوماسية بالعودة إلى استخدام الخط الكلاسيكي Times New Roman بدلاً من الخط Calibri الذي اعتمدته الوزارة في عام 2023. يأتي هذا القرار في إطار تحول إداري أوسع يهدف إلى إعادة تقييم سياسات التنوع والشمول (DEI) التي تبنتها الإدارة السابقة، ويعكس رؤية جديدة للوزير حول أهمية المظهر الرسمي للوثائق الحكومية. هذا التحول المفاجئ يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية وتأثيره على عمل الدبلوماسيين الأمريكيين حول العالم.
قرار العودة إلى Times New Roman: دوافع وأسباب
أكد روبيو في برقية رسمية أرسلها إلى جميع السفارات والقنصليات الأمريكية أن هذا التغيير ليس مجرد مسألة شكلية، بل يتعلق بكيفية إدراك الوثائق الرسمية من حيث المهنية والاتساق. واعتبر أن اعتماد خط Calibri كان بمثابة “إسراف” و”تجميليًا” لم يخدم سوى “تدهور مراسلات الوزارة”.
وأضاف روبيو أن التحول إلى Calibri، الذي قاده سلفه أنتوني بلينكن، ظهر بشكل مضلل كجزء من سياسات التنوع والمساواة والشمول، دون أن يقدم أي تحسين حقيقي في إمكانية الوصول للأفراد ذوي الإعاقة، وهو الهدف المعلن من هذا التغيير. وذكرت البرقية أن هذا التحول كلف الإدارة حوالي 145 ألف دولار أمريكي، وهو مبلغ اعتبره روبيو غير مبرر.
انتقادات لسياسات التنوع والشمول
يأتي هذا القرار في سياق انتقادات متزايدة من قبل إدارة روبيو لبرامج التنوع والشمول (DEI) التي كانت سائدة في عهد الإدارة السابقة. وقد بدأ روبيو منذ توليه منصبه في يناير/كانون الثاني بتفكيك هذه البرامج بشكل منهجي، بما يتماشى مع سياسات الرئيس دونالد ترامب التي تركز على العودة إلى معايير الجدارة والكفاءة.
يشمل هذا التفكيك إلغاء المكاتب والمبادرات التي أنشئت لتعزيز التنوع والشمول، سواء في واشنطن أو في البعثات الدبلوماسية الخارجية. بالإضافة إلى ذلك، تم إنهاء تمويل المساعدة الأجنبية للمشاريع المتعلقة بالتنوع والشمول في الخارج.
تفاصيل التنفيذ وتأثير القرار
أوضحت مذكرة داخلية صدرت عن وزارة الخارجية أن العودة إلى Times New Roman ستدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من يوم الأربعاء، وسيتم تحديث جميع قوالب المستندات الرسمية لإزالة خط Calibri. مع ذلك، هناك استثناءات محدودة لهذا القرار.
فقد نصت المذكرة على أن الوثائق المعدة للمعاهدات الدولية والتعيينات الرئاسية يجب أن تستمر في استخدام خط Courier New بحجم 12 نقطة. هذا الاستثناء يهدف إلى ضمان الامتثال للمعايير الدولية والبروتوكولات الرئاسية.
ردود الفعل على القرار
أثار قرار العودة إلى Times New Roman ردود فعل متباينة. فقد اعتبره البعض خطوة إيجابية نحو استعادة المظهر الرسمي والهيبة للوثائق الحكومية الأمريكية، بينما انتقد آخرون هذا القرار ووصفوه بأنه تراجع عن قيم التنوع والشمول.
كما أثار القرار تساؤلات حول ما إذا كان هذا التغيير مجرد رمزية، أم أنه يعكس تحولاً أعمق في السياسات والأولويات التي تتبناها وزارة الخارجية الأمريكية. ويرى بعض المحللين أن هذا القرار يهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى موظفي الوزارة والجمهور حول التزام الإدارة الجديدة بمعايير الجدارة والكفاءة.
مستقبل سياسات التنوع والشمول في الخارجية الأمريكية
إن قرار وزير الخارجية ماركو روبيو بشأن Times New Roman ليس مجرد تغيير في الخط، بل هو جزء من جهد أوسع لإعادة تشكيل سياسات وزارة الخارجية الأمريكية. فمن المتوقع أن يستمر روبيو في تفكيك برامج التنوع والشمول (DEI) التي كانت سائدة في عهد الإدارة السابقة، والتركيز على معايير الجدارة والكفاءة في التوظيف والترقية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يشهد المستقبل القريب تغييرات في أولويات المساعدة الخارجية، مع تقليل الدعم للمشاريع المتعلقة بالتنوع والشمول في الخارج. هذه التغييرات قد تؤثر على العلاقات الدبلوماسية الأمريكية مع بعض الدول، وعلى صورة الولايات المتحدة في العالم.
في الختام، يمثل قرار العودة إلى Times New Roman علامة فارقة في سياسات وزارة الخارجية الأمريكية، ويعكس رؤية جديدة للوزير حول أهمية المظهر الرسمي والهيبة، بالإضافة إلى التزامه بإعادة تقييم سياسات التنوع والشمول. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤدي إلى تحسين أداء الوزارة وتعزيز مصالح الولايات المتحدة في العالم. نتوقع متابعة هذا الموضوع وتطوراته في الأيام والأسابيع القادمة، ونشجع القراء على مشاركة آرائهم حول هذا القرار.
