في خطوة مفاجئة تهز عالم الذكاء الاصطناعي، أعلن رائد هذا المجال يان ليكون، يوم الأربعاء، عن استقالته من منصبه ككبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا بحلول نهاية العام. يأتي هذا الإعلان بعد فترة من التكهنات، وفي الوقت الذي تعيد فيه ميتا تقييم استراتيجياتها في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصةً في ظل المنافسة الشديدة من شركات مثل جوجل و OpenAI.
رحيل يان ليكون واستراتيجية ميتا الجديدة في الذكاء الاصطناعي
يعتبر يان ليكون من الشخصيات المؤثرة للغاية في تطور الذكاء الاصطناعي، حيث ساهم بشكل كبير في تأسيس قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي في ميتا (المعروف سابقًا بـ Facebook AI Research). على الرغم من تنحيه عن منصب مدير المجموعة في عام 2018، إلا أنه ظل يشغل دورًا محوريًا في توجيه الأبحاث داخل الشركة.
قرار ليكون بالرحيل ليس مجرد استقالة فردية، بل يعكس تحولًا استراتيجيًا أعمق داخل ميتا. ففي يونيو الماضي، قامت الشركة باستثمارات ضخمة بلغت 14.3 مليار دولار في شركة بيانات الذكاء الاصطناعي Scale، وعينت رئيسها التنفيذي ألكسندر وانغ لقيادة جهود تطوير “الذكاء الفائق”. هذا التحول يشير إلى تركيز أكبر على الجانب التجاري وتطبيق الذكاء الاصطناعي في منتجات ميتا الحالية، مثل فيسبوك وإنستغرام وواتساب.
مشروع جديد يركز على الذكاء الاصطناعي المتقدم
كشف ليكون عن خططه لتأسيس شركة ناشئة تهدف إلى مواصلة الأبحاث حول الأشكال المتقدمة من الذكاء الاصطناعي، والتي تركز على فهم العالم المادي، والاحتفاظ بذاكرة مستدامة، والقدرة على التفكير والتخطيط لتنفيذ مهام معقدة. وأشار إلى أن ميتا ستشارك في هذا المشروع الجديد، وسيتم تبادل الأبحاث بين الشركتين، مع وجود بعض المجالات التي قد لا تتداخل فيها المصالح التجارية.
رؤية ليكون للذكاء الاصطناعي: ما وراء نماذج اللغة الكبيرة
لطالما عبر ليكون عن تحفظاته بشأن التقدم السريع الذي تحرزه نماذج اللغات الكبيرة مثل ChatGPT. على الرغم من إقراره بفعالية هذه النماذج في بعض المهام، إلا أنه يشكك في قدرتها على الوصول إلى مستوى الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز القدرات البشرية، وهو الهدف الذي يطمح إليه بعض قادة التكنولوجيا الآخرين.
يعتبر ليكون من المؤيدين القويين لأنظمة الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، مثل نموذج اللغة الكبير “اللاما” الذي أطلقته ميتا. ومع ذلك، فإن هذا الموقف يثير جدلاً واسعًا، حيث يرى البعض أن إتاحة المكونات الأساسية للذكاء الاصطناعي للعامة قد تشكل مخاطر كبيرة على السلامة والأمن.
مسيرة يان ليكون المهنية وإنجازاته
بدأ ليكون مسيرته المهنية في مجال الذكاء الاصطناعي في فرنسا وكندا، قبل أن ينتقل إلى العمل في قسم معالجة الصور في مختبرات AT&T Bell Labs في نيوجيرسي. هناك، ركز على تطوير أنظمة قادرة على “قراءة” النص الموجود في الصور الرقمية، وهو مجال يعتبر أساسيًا في تطوير تطبيقات التعرف البصري على الحروف (OCR) وغيرها.
انضم ليكون إلى فيسبوك في عام 2013، ولعب دورًا حيويًا في بناء قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي التابع لها. وقد حاز على العديد من الجوائز المرموقة تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في هذا المجال، بما في ذلك جائزة تورينج في عام 2019، والتي تعتبر بمثابة جائزة نوبل في علوم الكمبيوتر، وتقاسمها مع كل من يوشوا بنجيو وجيفري هينتون.
تأثير استقالة ليكون على مستقبل ميتا والذكاء الاصطناعي
يمثل رحيل يان ليكون خسارة كبيرة لميتا، خاصةً في ظل سعي الشركة الحثيث إلى تعزيز مكانتها في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي. ومع ذلك، فإن الاستثمار في Scale وتعيين ألكسندر وانغ يشيران إلى أن ميتا لديها خطة واضحة لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التجارية.
من ناحية أخرى، قد يساهم مشروع ليكون الجديد في دفع حدود الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي المتقدم، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه هذا المجال. يظل مستقبل الذكاء الاصطناعي مليئًا بالفرص والتحديات، وسيكون من المثير للاهتمام متابعة التطورات التي ستشهدها هذه الصناعة في السنوات القادمة، خاصةً مع وجود رواد مثل يان ليكون الذين يسعون إلى تحقيق اختراقات جديدة.
الخلاصة
إن استقالة يان ليكون من منصبه في ميتا تمثل لحظة محورية في عالم الذكاء الاصطناعي. بينما تستعد ميتا لتركيز جهودها على التطبيقات التجارية، يضع ليكون نصب عينيه هدفًا أكثر طموحًا: تطوير ذكاء اصطناعي متقدم قادر على فهم العالم والتفاعل معه بطرق لم يسبق لها مثيل. هذا التطور يدعو إلى المزيد من النقاش حول مستقبل هذا المجال، وأهمية الاستثمار في الأبحاث الأساسية، والمخاطر المحتملة المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي. تابعونا لمواكبة أحدث أخبار وتطورات الذكاء الاصطناعي.
