تستقيل المديرة التنفيذية السابقة في جوجل، جيني وود، عن وظيفتها المرموقة بعد 18 عامًا من العمل في الشركة، مدفوعةً بالحاجة إلى استعادة التوازن في حياتها وتحديد أولويات صحتها ورفاهيتها. هذا القرار الجريء، الذي اتخذته وود البالغة من العمر 45 عامًا، يسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي يواجهها المهنيون في قطاع التكنولوجيا، والذين غالبًا ما يجدون أنفسهم عالقين في ما يُعرف بـ “الأصفاد الذهبية” – وهي وظائف ذات رواتب عالية ومزايا مغرية ولكنها تأتي على حساب صحتهم الشخصية وحياتهم العائلية.
بدأت وود مسيرتها المهنية في جوجل في نوفمبر 2006، عندما كان عدد الموظفين حوالي 10 آلاف فقط، وتصاعدت لتصبح مديرة العلاقات الإعلامية الأمريكية في عام 2022. على الرغم من حبها لعملها وتقديرها للتأثير الذي كانت تحدثه، إلا أنها وجدت نفسها تعاني من القلق والإرهاق بسبب حجم المسؤوليات المتزايد.
الاعتراف بالحاجة إلى التغيير: قرار الاستقالة من جوجل
جاءت اللحظة الحاسمة التي دفعت وود إلى التفكير بجدية في الاستقالة أثناء قيادتها ابنها البالغ من العمر سبع سنوات إلى المنزل من تدريبات الجوقة في الظلام. شعرت وود بالإرهاق الشديد لدرجة أنها كادت تغفو أثناء القيادة، مما أثار لديها شعورًا بالخوف والقلق بشأن قدرتها على الاستمرار في هذا الوتيرة.
أدركت وود أنها بحاجة إلى إعادة تقييم أولوياتها وإيجاد طريقة لتحقيق التوازن بين حياتها المهنية والشخصية. بعد جلسة مع مدربتها التنفيذية، بدأت في استكشاف إمكانية ترك جوجل، وهو أمر كان يبدو مستحيلاً في السابق. استمرت عملية التفكير والمناقشة لمدة 18 شهرًا، حيث كانت وود تواجه صعوبة في التخلي عن الأمان المالي والاعتراف المهني الذي كانت تتمتع به في جوجل.
تقييم المخاطر: استخدام جدول بيانات لاتخاذ القرار
باعتبارها شخصية تفكر بشكل منطقي وتحليلي، لجأت وود إلى جدول بيانات لتقييم المخاطر المحتملة المرتبطة بالاستقالة. قامت بتقسيم المخاطر إلى أربعة مكونات رئيسية: المخاطر البدنية، والمخاطر المعرفية، والمخاطر العاطفية، والمخاطر المالية.
ساعدها هذا التحليل في التغلب على التفكير الكارثي والنظر إلى الأمر بشكل أكثر واقعية. أدركت وود أن العديد من المخاطر التي كانت تخشاها مبالغ فيها، وأن لديها القدرة على التغلب على التحديات المحتملة. هذا التقييم ساعدها في فهم التكاليف المحتملة للاستقالة، ولكن أيضًا في تقدير الفوائد المحتملة لتحسين صحتها ورفاهيتها.
التغلب على “الأصفاد الذهبية” وتغيير العقلية
أشارت وود إلى أن “الأصفاد الذهبية” هي واقع ملموس، ليس فقط من حيث الراتب والمكافآت وخيارات الأسهم، ولكن أيضًا من حيث الدخل المستقبلي المتوقع. كانت تشعر بالقلق عند تسجيل الدخول إلى نظام أسهم جوجل، حيث كانت ترى المبلغ الذي كسبته والمبلغ الذي ستكسبه في المستقبل.
ومع ذلك، أدركت وود في النهاية أن العديد من المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى يكسبون أكثر مما يحتاجون للعيش. بعد سبع محادثات مكثفة مع مستشارها المالي، شعرت بالراحة والثقة في قدرتها على اتخاذ هذا القرار. كانت بحاجة إلى تغيير عقليتها والتخلي عن فكرة أن دخلها وصافي ثروتها يجب أن يستمر في النمو بشكل مطرد حتى التقاعد.
نصائح للاستقالة بطريقة صحيحة
غادرت وود جوجل في أغسطس 2024، وشعرت بمزيج من المشاعر – الفرح والحزن والامتنان. بعد 18 عامًا من العمل في الشركة، كان هذا تغييرًا كبيرًا في حياتها. عندما عادت إلى المنزل، وجدت أن زوجها وأطفالها قد كتبوا عبارات ملهمة استخدمتها في عملها كقائدة ومدربة، ورتبوها على شكل قلب على نافذة المطبخ.
قدمت وود ثلاث نصائح رئيسية للأشخاص الذين يفكرون في الاستقالة من وظائفهم:
1. التمييز بين الحقائق والقصص
أوضحت وود أن هناك فرقًا بين الحقائق والقصص التي نرويها لأنفسنا. غالبًا ما نختلق قصصًا سلبية تجعلنا نشعر بالخوف والقلق، وهي لا تعكس الواقع. للتغلب على مخاوفها، اضطرت وود إلى فصل الحقائق عن القصص، وإعادة كتابة القصص بطريقة أكثر تمكينًا. على سبيل المثال، بدلاً من التفكير “سأفقد هويتي إذا تركت جوجل”، فكرت “سأكتسب هوية جديدة ككاتبة ومتحدثة رئيسية”.
2. إعطاء الأولوية لـ “الدزينة الديناميكية”
قبل الاستقالة، قامت وود بإنشاء قائمة بـ 12 شخصًا أرادت البقاء على اتصال بهم، وشرعت في التواصل معهم بانتظام. كما أنها كانت تنشر بانتظام على لينكدإن لبناء جمهور وتوسيع شبكتها المهنية. هذه الاستراتيجية ساعدتها في الحفاظ على علاقاتها المهنية واستكشاف فرص جديدة بعد مغادرة جوجل.
3. التحرك ثم التخطيط
أشارت وود إلى أنها تميل إلى التخطيط المفرط لكل شيء، مما قد يؤدي إلى التأخير والشعور بالإرهاق. نصحت بالبدء في التحرك ثم التخطيط، بدلاً من محاولة التخطيط لكل شيء بشكل مثالي قبل البدء. التحرك يخلق زخمًا ويساعد على اكتشاف فرص جديدة لم تكن متوقعة.
تعتبر تجربة جيني وود بمثابة درس قيم للعديد من المهنيين الذين يواجهون تحديات مماثلة. إنها تظهر أن الاستقالة من وظيفة جيدة يمكن أن تكون قرارًا صعبًا، ولكنه قد يكون أيضًا ضروريًا لتحقيق التوازن والسعادة والرضا في الحياة. من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من الحالات المماثلة، حيث يدرك المهنيون بشكل متزايد أهمية إعطاء الأولوية لصحتهم ورفاهيتهم على حساب النجاح المهني التقليدي.
