حذر مايكل بيري، المستثمر المعروف بتوقعاته الاستثمارية الناجحة، من أن شركة نفيديا (Nvidia) تدفع بفكرة أن تطوير رقائق رسومية تستهلك المزيد والمزيد من الطاقة هو أفضل طريق لتطوير الذكاء الاصطناعي، وأن النتيجة قد تكون خسارة الولايات المتحدة السباق في مجال الذكاء الاصطناعي لصالح الصين. يأتي هذا التحذير في وقت تشهد فيه أسهم الشركة ارتفاعاً قياسياً.
وكتب بيري على منصة إكس (X)، المعروفة سابقاً بتويتر، يوم السبت، معرباً عن أسفه لـ “إغلاق نفيديا لأي سردية تشير حتى إلى تقليل الطلب على وحدات معالجة الرسوميات (GPU)”. كما شارك بيري مخططاً يوضح أن الصين لديها أكثر من ضعف القدرة التوليدية للكهرباء في أمريكا، وأنها توسع بنيتها التحتية للطاقة بمعدل أسرع بكثير.
مخاوف بشأن هيمنة نفيديا وتأثيرها على سباق الذكاء الاصطناعي
يرى بيري أن نفيديا تصور الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي على أنه مجرد “إيجاد طريقة لتوفير وتبريد السيليكون الأكبر والأكثر سخونة”. لكنه يجادل بأن تفوق الصين الهائل في بناء مصادر الطاقة يعني أن الشركات الأمريكية “تضخ رأس المال في سباق مُقدر لها الهزيمة بنيوياً”. هذا الرأي يثير تساؤلات حول الاستدامة طويلة الأجل لنهج نفيديا في تطوير الذكاء الاصطناعي.
واقترح بيري أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تحويل تركيزها من تطوير المزيد والمزيد من الرقائق “الشرهة للطاقة” نحو تطوير “دوائر متكاملة خاصة بالتطبيقات (ASIC) مُحسّنة للذكاء الاصطناعي” – وهي دوائر مصممة لأداء مهمة معينة بسرعة وكفاءة. تعتبر هذه الخطوة ضرورية لتقليل الاعتماد على الرقائق عالية الطاقة وزيادة الكفاءة في استخدام الطاقة.
ومع ذلك، أشار بيري إلى أن نفيديا تتمتع بـ “قبضة الموت على التطوير” بفضل صفقاتها مع العديد من اللاعبين الرئيسيين في صناعة الذكاء الاصطناعي. هذا يشير إلى أن تغيير المسار قد يكون صعباً بسبب قوة نفيديا وتأثيرها في السوق.
لم ترد نفيديا بعد على طلب التعليق من موقع Business Insider بشأن منشورات بيري. هذا الصمت يزيد من حدة الجدل الدائر حول مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي.
أداء أسهم نفيديا والجدل الدائر حول تقييمها
شهد سهم نفيديا ارتفاعاً هائلاً، بأكثر من 12 ضعفاً منذ بداية عام 2023، مما جعلها أغلى شركة عامة في العالم بقيمة سوقية تبلغ 4.4 تريليون دولار. يعكس هذا الارتفاع القوي الطلب المتزايد على رقائق الذكاء الاصطناعي، خاصة من شركات مثل OpenAI و Microsoft.
حققت الشركة إيرادات بلغت حوالي 148 مليار دولار وصافي دخل قدره 77 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام. صرح الرئيس التنفيذي لشركة نفيديا، جينسن هوانج، في بيان أرباح الربع الثالث أن “مبيعات Blackwell تتجاوز جميع التوقعات، ووحدات معالجة الرسوميات السحابية (Cloud GPUs) مُباعة بالكامل”. يرجح أن يكون هذا النمو مدفوعاً بالاستثمار المكثف في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
تحليل بيري ومواقفه السابقة
اشتهر بيري بتوقعاته الاستثمارية المضادة، وخاصة رهانة الناجح ضد فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة، والذي تم تصويره في كتاب وسينما “The Big Short”. وقد تحول بيري مؤخراً إلى الكتابة على منصة Substack، حيث يقدم تحليلاته وآرائه حول الأسواق المالية.
لقد قدم بيري حججاً لمتابعيه بأن نفيديا وشركات الذكاء الاصطناعي الأخرى تقوم بتضخيم فقاعة تكنولوجية تاريخية. كما زعم أن عملاء نفيديا يبالغون في تقدير العمر الافتراضي لرقائقها لإطالة فترة الاستهلاك وإعطاء دفعة للأرباح قصيرة الأجل. هذه الادعاءات تثير مخاوف بشأن الشفافية والممارسات المحاسبية في الصناعة.
وانتقد بيري أيضاً “صفقات المصلحة المتبادلة” بين نفيديا والمشترين مثل OpenAI و Oracle، بالإضافة إلى وصفه لتعويضات الأسهم في نفيديا بأنها مفرطة. هذه الانتقادات تشير إلى قلقه بشأن الحوكمة المؤسسية والممارسات التعويضية في الشركة.
سبق أن ردت نفيديا على انتقاداته في مذكرة سرية لمحللي وول ستريت، والتي سرت بسرعة. ورد بيري على ذلك قائلاً إن الوثيقة تضمنت “رجلاً من القش بعد رجل من القش”، وأكد على صحة تحليله. وفي رده على تعليق لاحق على Substack، قال بيري إن نفيديا “أصبحت محور تركيز كبير جداً”، وأضاف أن رد الشركة جعله “يفكر في التعمق قليلاً”، لكنه أكد أنها لا تزال “مركزاً صغيراً” بالنسبة له.
واختتم بيري قائلاً: “أعتقد أنها ستنخفض، وهي رهان مباشر على أطروحتي العامة، لكنها ليست الأسوأ الموجودة”. هذا التصريح يؤكد تيقنه بحدوث تصحيح في سعر سهم نفيديا في المستقبل.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتقييم الشركات الرائدة في هذا المجال. سيراقب المستثمرون عن كثب أداء نفيديا والتطورات في صناعة أشباه الموصلات، بالإضافة إلى سياسات الطاقة في كل من الولايات المتحدة والصين، لتقييم المخاطر والفرص المحتملة. التركيز على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الموفرة للطاقة قد يكون مفتاحاً لتحديد الفائز في هذا السباق التكنولوجي.
