في أعقاب الضجة الكبيرة حول الذكاء الاصطناعي، تواجه شركة Salesforce، الرائدة في مجال برمجيات الأعمال، تحديات متزايدة في إقناع المستثمرين بجدوى استثماراتها الضخمة في هذا المجال. يواجه الرئيس التنفيذي للشركة، مارك بينيوف، ضغوطًا كبيرة لقلب هذه المعادلة وإعادة الثقة في الشركة.
Salesforce والرهان على الذكاء الاصطناعي: نتائج متباينة
كشف أحدث تقرير أرباح فصلي لـ Salesforce عن أرقام فاقت توقعات المحللين، مما قدم فرصة بينيوف لعرض رؤيته حول مستقبل الشركة في عصر الذكاء الاصطناعي. حققت الشركة أرباحًا بقيمة 2.1 مليار دولار، بزيادة قدرها 37% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما ارتفعت الإيرادات إلى حوالي 10.9 مليار دولار، بزيادة نسبتها 9%. بالإضافة إلى ذلك، قدمت Salesforce توقعات إيجابية للربع الحالي، متجاوزةً أيضًا توقعات المحللين.
على الرغم من هذه النتائج القوية، لم يستطع بينيوف تحقيق زخم كبير في أسعار الأسهم. فبعد ارتفاع أولي بنسبة 5%، تراجعت المكاسب إلى 2% فقط بعد عرضه. يُرجع هذا التراجع إلى الشكوك المستمرة حول قدرة استثمارات الذكاء الاصطناعي الكبيرة على تحقيق عائد ملموس، خاصةً في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها سوق التكنولوجيا بشكل عام.
تحديات تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي
يواجه Salesforce تحديًا رئيسيًا يتمثل في بطء تبني العملاء لوكلاء الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة. كان المستثمرون يأملون في رؤية اعتماد أسرع لهذه التقنيات، مما أدى إلى تحول Salesforce إلى “المنبوذ” في سوق التكنولوجيا، وفقًا لجاي وودز، كبير استراتيجيي السوق في Freedom Capital Markets.
على الرغم من ذلك، يظل بينيوف متفائلًا، مؤكدًا أن سرعة الابتكار تتجاوز حاليًا قدرة العملاء على التكيف. ومع ذلك، يتوقع أن تتغير هذه الديناميكية بشكل كبير مع قيام المزيد من الشركات والمؤسسات الحكومية بدمج خدمات الذكاء الاصطناعي في عملياتها اليومية.
Nvidia وقيود الزخم في سوق التكنولوجيا
قبل بضعة أسابيع، قدمت شركة Nvidia، الرائدة في مجال تصنيع الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، تقريرًا عن أرباحها تجاوز توقعات المحللين، مما أدى إلى تهدئة المخاوف بشأن انفجار فقاعة التكنولوجيا. لكن هذا الهدوء لم يدم طويلًا، حيث انخفض سعر سهم Nvidia لاحقًا بنسبة 15% عن الذروة التي وصل إليها في نهاية أكتوبر، عندما أصبحت أول شركة تتجاوز قيمتها 5 تريليون دولار.
يعكس تراجع سهم Nvidia حالة الحذر التي يسود سوق التكنولوجيا، حيث يتردد المستثمرون في المراهنة على شركات الذكاء الاصطناعي قبل التأكد من قدرتها على تحقيق أرباح مستدامة.
استراتيجية Salesforce: الوصول إلى 60 مليار دولار
تطمح Salesforce إلى تحقيق إيرادات بقيمة 60 مليار دولار بحلول السنة المالية المنتهية في يناير 2030. لتحقيق هذا الهدف الطموح، تحتاج الشركة إلى تحقيق زيادات سنوية متوسطة بنسبة 10% في مبيعاتها.
كجزء من هذه الاستراتيجية، قامت Salesforce مؤخرًا بالاستحواذ على شركة Informatica مقابل 8 مليارات دولار، وهي شركة متخصصة في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لإدارة بيانات الشركات. يرى بينيوف أن هذا الاستحواذ سيعزز قدرات Salesforce في مجال الذكاء الاصطناعي ويساعدها على تحقيق أهدافها الطموحة.
تخفيضات الوظائف وتبني تقنية Gemini
وفي خطوة تتماشى مع تركيزها على الذكاء الاصطناعي، قامت Salesforce بتسريح 4000 موظف من فريق دعم العملاء، حيث أصبحت تقنية “Agentforce” الخاصة بها تتولى المزيد من المسؤوليات.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن بينيوف عن دعمه القوي لتقنية Gemini من Google، والتي ستعمل على تشغيل مجموعة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. يعكس هذا الدعم ثقة بينيوف في قدرة Gemini على تحقيق اختراقات جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
العلاقة مع الإدارة الأمريكية
يتضح أيضًا اهتمام بينيوف بتطوير سياسات صديقة للذكاء الاصطناعي عبر بناء علاقات مع مسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية. تسعى Salesforce، مثل العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى، إلى التأثير في السياسات الحكومية لضمان حماية مصالحها في ظل المنافسة المتزايدة من الصين.
الخلاصة:
تواجه Salesforce تحديات كبيرة في إقناع المستثمرين بجدوى استثماراتها في الذكاء الاصطناعي. على الرغم من تقديم نتائج مالية قوية وتوقعات إيجابية، إلا أن الشكوك ما زالت قائمة حول قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحقيق عائد ملموس. يهدف مارك بينيوف إلى تغيير هذا السرد من خلال التركيز على الابتكار وجذب دعم العملاء والحكومة الأمريكية، في سعيه لتحقيق هدف الشركة الطموح المتمثل في تحقيق إيرادات بقيمة 60 مليار دولار بحلول عام 2030. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الجهود ستتكلل بالنجاح في ظل التطورات السريعة والتقلبات المستمرة في سوق الذكاء الاصطناعي.
هل تعتقد أن Salesforce ستتمكن من تحقيق أهدافها في مجال الذكاء الاصطناعي؟ شارك برأيك في التعليقات أدناه!