كيب كنافيرال، فلوريدا – كشفت وكالة ناسا عن صور مذهلة لمذنب بين النجوم، وهو جرم سماوي نادر يجتاز نظامنا الشمسي بسرعة. هذا المذنب بين النجوم، الذي يحمل الاسم 3I/أطلس، يمثل فرصة استثنائية للعلماء لدراسة مواد من خارج نظامنا الشمسي، وتقديم لمحات عن تكوين الكواكب والنجوم الأخرى. اكتُشف هذا الزائر القادم من أعماق الفضاء خلال فصل الصيف، ويعد ثالث جسم مؤكد من نوعه يتم رصده حتى الآن.
اكتشاف المذنب 3I/أطلس: رحلة عبر النظام الشمسي
اكتشف المذنب 3I/أطلس بواسطة مشروع التلسكوب الافتراضي، ويُعتقد أن عرضه يتراوح بين 440 مترًا و 5.6 كيلومترات. لقد اجتاز المريخ الشهر الماضي دون أي مشاكل، مما سمح لثلاث مركبات فضائية تابعة لناسا متواجدة على الكوكب الأحمر وبالقرب منه بالتقاط صور مفصلة له. هذه المركبات الفضائية كشفت عن “فقاعة” بيضاء غامضة تحيط بالمذنب، وهي ميزة أثارت فضول العلماء. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت المركبات الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية المتواجدة حول المريخ في جمع المزيد من البيانات القيمة.
ملاحظات من المركبات الفضائية والأرض
تواصل مركبات ناسا الفضائية الأخرى، بما في ذلك تلسكوب جيمس ويب الفضائي المتطور، مراقبة المذنب عن كثب في الأسابيع القادمة. وفي الوقت نفسه، يوجه علماء الفلك تلسكوباتهم الأرضية نحو هذا الجرم السماوي الذي يبعد حاليًا حوالي 307 مليون كيلومتر عن الأرض. قام جيانلوكا ماسي، من مشروع التلسكوب الافتراضي، بالتقاط صور عالية الدقة للمذنب من إيطاليا، مما ساهم في فهمنا المتزايد لهذا الزائر الغريب.
رؤية المذنب من الأرض: فرصة نادرة
يمكن للراصدين الفلكيين رؤية المذنب القادم من الفضاء في سماء الفجر باستخدام المنظار أو التلسكوب. يقول شون دوماجال جولدمان، القائم بأعمال مدير الفيزياء الفلكية في ناسا: “كل من يتحكم في التلسكوب يريد أن ينظر إليه لأنه فرصة رائعة ونادرة”. من المتوقع أن يصل المذنب إلى أقرب نقطة له من الأرض في منتصف ديسمبر، حيث سيكون على بعد 269 مليون كيلومتر فقط. بعد ذلك، سيعود المذنب إلى الفضاء بين النجوم، ولن يعود أبدًا إلى نظامنا الشمسي.
نافذة على الماضي: أصل المذنب بين النجوم
يعتقد العلماء أن المذنب 3I/أطلس نشأ في نظام نجمي أقدم من نظامنا الشمسي. هذا الاكتشاف يثير الدهشة، كما صرح عالم ناسا توم ستاتلر، لأنه يمثل “نافذة على الماضي العميق، لدرجة أنه يسبق حتى تكوين أرضنا وشمسنا”. هذا يعني أن دراسة هذا الجرم السماوي الغريب يمكن أن توفر لنا معلومات قيمة حول الظروف التي سادت في المراحل الأولى من تكوين النجوم والكواكب.
دحض الشائعات: المذنب ليس سفينة فضائية
سارع مسؤولو ناسا إلى دحض الشائعات التي انتشرت حول إمكانية أن يكون المذنب سفينة فضائية من نوع ما. وأكدوا أن وكالة الفضاء تبحث دائمًا عن حياة خارج الأرض، لكن 3I/أطلس هو ببساطة مذنب. وأشار أميت كشاتريا، المدير المساعد لناسا، إلى أنهم لم يتمكنوا من الرد على جميع النظريات التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة بسبب إغلاق الحكومة الفيدرالية.
بيانات إضافية من مركبة جوز
مركبة جوز التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، المتجهة إلى كوكب المشتري، قامت بتدريب كاميراتها وأدواتها العلمية على المذنب طوال الشهر، خاصة بعد وصوله إلى أقرب نقطة من الشمس. ومع ذلك، لن يتمكن العلماء من الحصول على هذه الملاحظات حتى شهر فبراير، وذلك بسبب أن الهوائي الرئيسي لمركبة جوز يعمل كدرع حراري عندما تكون بالقرب من الشمس، مما يحد من تدفق البيانات. هذا التأخير لا يقلل من أهمية البيانات التي سيتم جمعها، والتي ستساهم في فهمنا الشامل لهذا الزائر الكوني.
في الختام، يمثل المذنب 3I/أطلس فرصة علمية فريدة لدراسة مواد من خارج نظامنا الشمسي. الصور والبيانات التي يتم جمعها من قبل وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ستساعد العلماء على فهم أفضل لتكوين الكواكب والنجوم الأخرى، وربما حتى أصل الحياة نفسها. تابعوا آخر التطورات حول هذا المذنب المذهل، واستعدوا لمشاهدته في سماء الفجر إذا أتيحت لكم الفرصة. لا تترددوا في مشاركة هذا المقال مع المهتمين بعلوم الفضاء والفلك.
