شهدت السنوات الأخيرة طفرة هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، لكنّ المستثمر في سوق الائتمان سكوت جودوين يرى أنّ هذه الطفرة تتجاوز مجرد رقائق السيليكون. فالطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي يخلق اختناقات غير متوقعة في مجالات أخرى، وتظهر هذه الاختناقات بشكل واضح في أسواق الائتمان، مما يفتح فرصًا استثمارية جديدة.

جودوين، الشريك المؤسس والمدير في “دايمتر كابيتال بارتنرز”، يصف هذا التطور بأنه “دورة نمو فائقة السرعة” ستستمر لفترة طويلة جدًا، وربما تتجاوز مسيرة العديد من المستثمرين. يؤكد جودوين أن الاستفادة من هذه الثورة لا تقتصر على شراء أسهم الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بل تتطلب تحديد نقاط الضعف في البنية التحتية الداعمة.

فرصة الذكاء الاصطناعي تتجاوز الرقائق

ركزت “دايمتر كابيتال” على تحديد المجالات التي قد يشكل فيها الطلب على الذكاء الاصطناعي عقبات غير واضحة، وخاصة تلك التي تظهر في أسواق الائتمان. ونتيجة لذلك، قامت الشركة بشراء ديون غير مضمونة لشركة اتصالات متوسطة الحجم في عام 2023.

وفقًا لجودوين، استند هذا الاستثمار إلى فكرة أنه مع انتقال الشركات من تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي إلى استخدامها الفعلي، سينتقل الطلب من الرقائق وحدها إلى الشبكات التي تحمل البيانات. “لابد أن تغادر البيانات مركز البيانات. وكيف ستغادر؟ ستغادر عبر الألياف التجارية، عبر البنية التحتية.”

وقد نجحت هذه الاستراتيجية، حيث وقّعت شركة الاتصالات عقودًا بقيمة تزيد عن 10 مليارات دولار مع مزودي الخدمات السحابية الكبرى، مما أدى إلى تعافي قيمة الدين إلى قيمته الاسمية. هذا النجاح يوضح أهمية البحث عن الفرص الاستثمارية غير التقليدية في قطاعات داعمة للذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى ذلك، قامت “دايمتر كابيتال” باستثمار “كبير” في شركة أقمار صناعية مرتبطة بطيف الاتصالات اللاسلكية، وهو استثمار أثمر أيضًا بعد أن باعت الشركة أصول الطيف، مما أدى إلى استعادة قيمة الدين إلى قيمته الاسمية. يعكس هذا التنوع في الاستثمارات رؤية الشركة للاستفادة من مختلف جوانب ثورة الذكاء الاصطناعي.

تأتي تعليقات جودوين في ظل جدل متزايد حول مدى استدامة التقييمات المرتفعة لشركات الذكاء الاصطناعي، وما إذا كان المستثمرون يتجاهلون فرصًا أخرى مرتبطة بهذه التكنولوجيا. التركيز على البنية التحتية الداعمة، مثل الشبكات والاتصالات، قد يوفر عائدًا أفضل على الاستثمار مقارنة بالمضاربة على أسهم الشركات الناشئة.

المخاطر والمكافآت في تمويل الذكاء الاصطناعي

حذّر جودوين من أن بعض جوانب طفرة الائتمان في مجال الذكاء الاصطناعي قد تحمل مخاطر يصعب تقييمها، خاصة في مجال تمويل الرقائق. بعض المستثمرين، على حد قوله، يتحملون “مخاطر متبقية”، أي الجزء الأكثر خطورة من صفقات تمويل الرقائق، ورهانهم على القيمة التي قد تكون للعتاد الصلب بعد سنوات.

نظرًا لأن الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا تقوم بتحديث تقنياتها باستمرار، فقد تصبح الرقائق قديمة بسرعة بالنسبة لبعض العملاء. “نتصل بأشخاص أذكياء للغاية في وادي السيليكون، ونتصل بأشخاص أذكياء للغاية في شركات التكنولوجيا الكبرى ونسألهم عن القيمة المتبقية لهذه الرقائق بعد ثلاث أو أربع أو خمس أو ست أو سبع سنوات. لا أحد منهم لديه فكرة.”

يرى جودوين أن المرحلة التالية لا تتعلق فقط بإنفاق المال على البنية التحتية، بل تتعلق بالتنافس وتقويض الوضع الراهن، وليس بمجرد النفقات الرأسمالية. “من هم الشركات أو الكيانات التي ستتبنى الذكاء الاصطناعي وستتقدم على منافسيها؟ ومن هم الخاسرون؟” هذا السؤال هو المفتاح لتحديد الفرص الاستثمارية الواعدة.

ويضيف جودوين أن هذه المرحلة من التنافس ستكون أطول من دورة النفقات الرأسمالية، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين على المدى الطويل. فهم ديناميكيات السوق وتحديد الشركات القادرة على التكيف والابتكار سيكون أمرًا حاسمًا لتحقيق النجاح في هذا المجال.

الآن، يتجه تركيز المستثمرين نحو فهم كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على القدرة التنافسية للشركات المختلفة. يبقى التحدي الأكبر هو تقييم المخاطر المرتبطة بالتقنيات الناشئة وتحديد الشركات التي لديها القدرة على تحقيق النمو المستدام في ظل هذه التغييرات السريعة. من المتوقع أن تشهد الأشهر والسنوات القادمة المزيد من الاستثمارات والابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز بشكل متزايد على التطبيقات العملية والنتائج الملموسة.

شاركها.