في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، قدم رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك نصيحة عملية لابنتيه المراهقتين حول الاستعداد لسوق العمل المستقبلي. تركز نصيحته على ضرورة اكتساب مهارات محو الأمية في الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تطوير المهارات الإنسانية الأساسية، مثل التعاطف والتفكير النقدي، لضمان عدم فقدان الدور القيادي للإنسان أمام الآلات.

أدلى سوناك بهذه التصريحات خلال مشاركته في منتدى نيوايكونومي التابع لبلومبرج في سنغافورة يوم الأربعاء. وأكد على أهمية أن يكون الأفراد قادرين على إدارة الروبوتات الذكية بفعالية، لكن في الوقت نفسه، يجب ألا يتحولوا بأنفسهم إلى روبوتات، بل الاحتفاظ بجوانبهم الإنسانية الفريدة.

أهمية مهارات الذكاء الاصطناعي والتفاعل الإنساني في سوق العمل

يرى سوناك أن إتقان مهارات محو الأمية في الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لكي لا يحل محل الإنسان شخص آخر أكثر كفاءة في استخدام هذه التقنيات. يشير إلى أن هذه الرؤية تستند إلى دراسات اقتصادية من جامعة ستانفورد وتحليلات بيانات من LinkedIn، والتي تؤكد على التغيرات المتوقعة في متطلبات الوظائف.

بالإضافة إلى ذلك، نصح سوناك بناته بتطوير مهارات التفاعل بين البشر، مثل التعاطف والتفكير النقدي، لأن هذه المهارات لن تفقد أهميتها أبدًا. ويتوقع أن يزداد الطلب على هذه المهارات مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف

تصريحات سوناك تأتي في وقت يحذر فيه قادة التكنولوجيا، مثل داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، من أن الذكاء الاصطناعي قد يضغط على سوق العمل للموظفين الجدد في الوظائف المكتبية. هذا التحذير يعكس القلق المتزايد بشأن أتمتة بعض المهام التقليدية التي كانت تتطلب تدخلًا بشريًا.

ومع ذلك، يرى سوناك أن الذكاء الاصطناعي سيخلق أيضًا فرصًا جديدة، خاصة في مجال إدارة فرق من وكلاء الذكاء الاصطناعي. ويوضح أن الخريجين الجدد والقادة على حد سواء سيحتاجون إلى التعود على إدارة هذه الفرق وكيفية توزيع المهام والتحقق من دقة العمل الذي يتم إنجازه.

يتطلب هذا الأمر، بحسب سوناك، عقلية منفتحة على التعلم المستمر واكتساب المعرفة الجديدة. إن القدرة على التكيف مع التغيرات التكنولوجية السريعة ستكون مهارة أساسية للنجاح في سوق العمل المستقبلي.

تنظيم الذكاء الاصطناعي: نحو التوازن بين الابتكار والسلامة

يذكر أن سوناك استضاف القمة الأولى للسلامة في مجال الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة عام 2023، بمشاركة شخصيات بارزة مثل كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي آنذاك، وإيلون ماسك وسام ألتمان، قادة شركات التكنولوجيا الكبرى. تؤكد هذه القمة على الاهتمام المتزايد بالقضايا المتعلقة بسلامة الذكاء الاصطناعي.

وفي سياق حديثه في منتدى بلومبرج، أكد سوناك على أن تبني الذكاء الاصطناعي بسرعة وأمان يمكن أن يكون متوافقًا. ويرى أن الحكومات يجب أن تعتمد على نهج مرن في تنظيم الذكاء الاصطناعي، وأن تركز بدلاً من ذلك على التعاون مع المختبرات التي تعمل في هذا المجال لتقييم المخاطر المحتملة. هذا النهج يعكس رغبة في تشجيع الابتكار مع ضمان سلامة المجتمع.

تتزايد المناقشات حول الذكاء الاصطناعي و تأثيره على قطاعات مختلفة، بما في ذلك التوزيع و الإنتاج.

الخطوة التالية المتوقعة هي استمرار المناقشات حول أفضل الممارسات لتنظيم الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار وحماية المجتمع. من المرجح أن نشهد المزيد من التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا لتطوير معايير وإرشادات تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي. يبقى من المهم مراقبة التطورات التكنولوجية وتأثيرها على سوق العمل والمجتمع بشكل عام.

شاركها.