في عالم اليوم الرقمي المتسارع، تظهر مصطلحات جديدة باستمرار لتعكس التغيرات الثقافية والتكنولوجية. أحد هذه المصطلحات، الذي اكتسب شعبية كبيرة مؤخرًا، هو “المنحدر” (Slop). لم تكتفِ قاموس ميريام ويبستر باختياره ككلمة العام لعام 2025 فحسب، بل سلطت الضوء على تأثير الذكاء الاصطناعي المتزايد على حياتنا، وكيف يمكن أن يؤدي إلى فيضان من المحتوى ذي الجودة المتدنية. هذا المقال يستكشف معنى كلمة “المنحدر”، أسباب انتشارها، وتداعياتها المحتملة، بالإضافة إلى الكلمات الأخرى التي تنافست على لقب كلمة العام.
ما هو “المنحدر” (Slop)؟
في الأصل، كانت كلمة “المنحدر” تشير إلى الطين الناعم أو بقايا الطعام. لكن معناها تطور بشكل كبير في العصر الرقمي. اليوم، تُستخدم لوصف المحتوى الرقمي منخفض الجودة الذي يتم إنتاجه بكميات هائلة، غالبًا بواسطة الذكاء الاصطناعي. يشمل ذلك مقاطع الفيديو السخيفة، والصور الإعلانية الغريبة، والأخبار المزيفة، والكتب الرقمية الرخيصة التي تفتقر إلى الأصالة والإبداع. بمعنى آخر، هو كل ما يثير شعورًا بالاستخفاف أو عدم القيمة في عالم الإنترنت.
صعود “المنحدر” مع انتشار الذكاء الاصطناعي
يعود الفضل في انتشار مصطلح “المنحدر” إلى حد كبير في التطور السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية. فمع سهولة الوصول إلى هذه الأدوات، أصبح بإمكان أي شخص إنشاء محتوى بكميات كبيرة وبجهد ضئيل. هذا أدى إلى فيضان حقيقي للمحتوى الرخيص والسطحي على الإنترنت، مما جعل كلمة “المنحدر” وصفًا دقيقًا وساخرًا لهذه الظاهرة.
أحد الأمثلة البارزة على ذلك هي مولدات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل Sora، والتي أثارت إعجابًا واسعًا بقدرتها على إنشاء مقاطع فيديو واقعية بناءً على مطالبات نصية بسيطة. لكن هذا التقدم التكنولوجي أثار أيضًا مخاوف جدية بشأن انتشار المعلومات المضللة والتزييف العميق (Deepfake) وانتهاك حقوق الطبع والنشر.
“المنحدر” في السياقات السياسية والاجتماعية
لم يقتصر استخدام كلمة “المنحدر” على وصف المحتوى الترفيهي أو الإعلاني. بل امتد ليشمل أيضًا السياقات السياسية والاجتماعية. فقد استخدم وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، صورة تم التلاعب بها لشخصية “فرانكلين” الكرتونية، وهي تحمل قنبلة يدوية، للترويج للعمليات العسكرية الأمريكية في فنزويلا. هذا مثال صارخ على كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء دعاية مضللة وتشويه الحقائق.
هذا الاستخدام يثير تساؤلات حول أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات الإعلامية والتأثير على الرأي العام. كما أنه يسلط الضوء على الحاجة إلى تطوير أدوات وتقنيات للكشف عن المحتوى المزيف ومكافحة المعلومات المضللة.
كلمات أخرى تنافست على لقب كلمة العام
على الرغم من أن “المنحدر” فازت بلقب كلمة ميريام ويبستر لعام 2025، إلا أن هناك العديد من الكلمات الأخرى التي كانت منافسة قوية. من بين هذه الكلمات:
“الأداء” (Performative)
يشير هذا المصطلح إلى السلوكيات التي تهدف إلى إظهار مواقف أو معتقدات معينة، بدلاً من أن تكون نابعة من قناعة حقيقية. غالبًا ما يستخدم لوصف الأشخاص الذين يتظاهرون بالاهتمام بقضايا معينة من أجل الحصول على الإعجاب أو الدعم.
“جيريماندر” (Gerrymander)
يشير إلى التلاعب بالدوائر الانتخابية لصالح حزب سياسي معين. وقد اكتسب هذا المصطلح أهمية خاصة في الولايات المتحدة، حيث اتهم الحزبان الجمهوري والديمقراطي بعضهما البعض بممارسة “الجيريماندر” لضمان فوزهم في الانتخابات.
“لمس العشب” (Touch Grass)
وهي عبارة ساخرة تستخدم على الإنترنت للإشارة إلى ضرورة قضاء وقت أطول في العالم الحقيقي، بدلاً من الانغماس في الأنشطة عبر الإنترنت. تعكس هذه العبارة قلقًا متزايدًا بشأن إدمان الإنترنت وتأثيره السلبي على الصحة النفسية والاجتماعية.
“مقعر” (Conclave)
يشير إلى الاجتماع الذي يعقده الكرادلة لانتخاب البابا. وقد اكتسب هذا المصطلح شعبية بعد انتخاب البابا فرانسيس في عام 2013.
“تعريفة” (Tariff)
يشير إلى الضرائب التي تفرضها الحكومة على البضائع المستوردة أو المصدرة. وقد اكتسب هذا المصطلح أهمية خاصة في السنوات الأخيرة، مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
لماذا اختارت ميريام ويبستر “المنحدر”؟
وفقًا لـ جريج بارلو، رئيس ميريام ويبستر، فإن اختيار كلمة “المنحدر” يعكس الوعي المتزايد بالمحتوى المزيف أو غير المطابق للمواصفات. ويرى بارلو أن هذا الوعي هو علامة أمل، حيث يشير إلى أن الناس أصبحوا أكثر تطلبًا ويرغبون في الحصول على محتوى أصيل وعالي الجودة.
كما أن اختيار “المنحدر” يمثل تحديًا للذكاء الاصطناعي، حيث يثير تساؤلات حول قدرته على استبدال الإبداع البشري. ففي حين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن ينتج كميات هائلة من المحتوى، إلا أنه غالبًا ما يفتقر إلى الأصالة والعمق والإبداع الذي يميز الأعمال البشرية.
في الختام، فإن صعود مصطلح “المنحدر” يعكس تحولًا كبيرًا في المشهد الرقمي. إنه بمثابة تذكير بأننا بحاجة إلى أن نكون أكثر وعيًا وحذرًا بشأن المحتوى الذي نستهلكه على الإنترنت، وأننا بحاجة إلى دعم الإبداع البشري والأصالة في عالم يزداد فيه الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. هل توافق على أن “المنحدر” هي الكلمة التي تحدد عصرنا؟ شاركنا رأيك في التعليقات!
