تواجه سندي روز، الرئيسة التنفيذية الجديدة لشركة دبليو بي بي (WPP)، تحديًا كبيرًا في قيادة عملاق الإعلانات، خاصةً بعد فترة من الخسائر الفادحة في الحسابات الكبرى وإعادة الهيكلة الداخلية وتسريح الآلاف من الموظفين. تعتبر دبليو بي بي، وهي شركة قابضة للعديد من وكالات الإعلان والعلاقات العامة، من أهم اللاعبين في صناعة الإعلان العالمية، وتواجه ضغوطًا متزايدة لتحسين أدائها واستعادة ثقة المستثمرين.
تراجعت أسهم الشركة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009، وحذرت الإدارة من استمرار الصعوبات حتى نهاية العام. تأمل الأوساط الداخلية والمساهمون أن تتمكن روز، القادمة من مايكروسوفت، من تحقيق التوازن المطلوب بين الأساليب الإدارية المختلفة التي اتبعها أسلافها، مارتن سوريل ومارك ريد.
تحديات تواجه سندي روز في قيادة دبليو بي بي
بعد مرور 100 يوم على توليها المنصب، حصلت روز على تقييم 7.8 من أصل 10 من دارين ووللي، الرئيس التنفيذي لشركة Trinity P3 للاستشارات الإدارية. أشاد ووللي بأسلوب روز الإيجابي وإشاراتها إلى السوق، لكنه أكد أن الاختبار الحقيقي سيكون في أوائل العام المقبل عندما تكشف عن استراتيجيتها التفصيلية. وفقًا له، فإن نجاحها يعتمد على قدرتها على إقناع الجميع بإمكانية تنفيذ هذه الاستراتيجية.
على الرغم من بعض الإنجازات الأولية، مثل الفوز ببعض الحسابات الجديدة وإبرام شراكة مع جوجل، إلا أن أداء دبليو بي بي لا يزال يعاني. وصفت روز أداء الشركة في مكالمتها الربحية الأولى بأنه “غير مقبول”، وتدهورت الأسهم بعد تحذير ثان بشأن الأرباح وتخفيض التوقعات للنمو السنوي. نتيجة لذلك، تم إخراج دبليو بي بي من مؤشر FTSE 100 لأكبر الشركات البريطانية المدرجة.
إضافة إلى ذلك، تواجه دبليو بي بي دعوى قضائية رفعتها قيادة سابقة تتهم الشركة بالتغاضي عن مخططات فساد في قسم الاستثمار الإعلامي. تؤكد دبليو بي بي أنها ستدافع بقوة عن نفسها ضد هذه الادعاءات، لكن القضية تلقي بظلالها على جهود روز لإعادة بناء الثقة.
المنافسة المتزايدة في سوق الإعلان
تخلف دبليو بي بي عن منافستها الرئيسية، Publicis Groupe، وتواجه منافسًا جديدًا قويًا بعد اندماج Omnicom و IPG. تتزايد المنافسة في قطاع الإعلان، حيث تحاول الشركات التكيف مع التغيرات التكنولوجية وظهور حلول الذكاء الاصطناعي التي تهدد بتقليل الحاجة إلى خدمات الوكالات التقليدية.
تعتمد دبليو بي بي بشكل متزايد على الاستثمار في التكنولوجيا، وخاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال منصتها الداخلية WPP Open. تهدف هذه المنصة إلى دمج البيانات من مصادر مختلفة لمساعدة العملاء على التخطيط للحملات الإعلانية وقياس نتائجها بشكل أكثر فعالية. أطلقت دبليو بي بي أيضًا نسخة ذاتية الخدمة من المنصة، WPP Open Pro، لجذب المعلنين الأصغر حجمًا.
يرى المحللون أن هذه الخطوة ذكية، لكنهم يتساءلون عما إذا كانت دبليو بي بي ستتمكن من تسويق WPP Open Pro بشكل فعال بما يكفي لمنافسة الأدوات التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى مثل Meta و Google. تستثمر جميع الشركات المنافسة بشكل كبير في التكنولوجيا، مما يجعل التمييز بينها أكثر صعوبة.
التركيز على الإبداع والعلاقات مع العملاء
يركز أسلوب روز على إعطاء الأولوية للموظفين والعملاء والاستفادة من الذكاء الاصطناعي. وقد لاقت كلمتها الافتتاحية أمام الموظفين استقبالًا جيدًا، حيث أشادوا بقدرتها على التواصل بشكل فعال وإلهامهم. كما أنها تعمل على تعزيز العلاقات مع العملاء من خلال التواصل المباشر والاستماع إلى احتياجاتهم.
في المقابل، يرى البعض أن روز يجب أن تركز بشكل أكبر على إبراز القدرات الإبداعية لشركة دبليو بي بي، والتي تمثل نقطة قوة رئيسية تميزها عن شركات التكنولوجيا. يؤكدون أن الإبداع هو العنصر الوحيد الذي يمكن أن يضيف قيمة حقيقية للعملاء ولا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محله.
أبرمت دبليو بي بي شراكة استراتيجية مع Google Cloud، حيث التزمت بإنفاق 400 مليون دولار على تقنيات Google. تعتبر هذه الشراكة بمثابة إشارة قوية إلى قوة علاقة دبليو بي بي مع Google، والتي تعد أيضًا واحدة من أكبر عملائها.
تعتبر قيادة روز منخفضة الظهور نسبيًا مقارنة بأسلافها، لكنها تعمل بجد على بناء الثقة مع العملاء والموظفين والمستثمرين. تعتمد دبليو بي بي على الفوز بحسابات جديدة، مثل حساب Reckitt و Henkel، لتعزيز نموها وتحسين أدائها المالي.
في الختام، تواجه سندي روز تحديات كبيرة في قيادة دبليو بي بي نحو مستقبل أكثر إشراقًا. من المتوقع أن تكشف عن استراتيجيتها التفصيلية في العام المقبل، والتي ستحدد مسار الشركة في السنوات القادمة. سيكون من المهم مراقبة قدرتها على تنفيذ هذه الاستراتيجية والتغلب على المنافسة المتزايدة في سوق التسويق الرقمي والإعلان. النجاح سيعتمد على قدرتها على تحقيق التوازن بين الاستثمار في التكنولوجيا والحفاظ على القدرات الإبداعية وتعزيز العلاقات مع العملاء.
