شهد قطاع التكنولوجيا، وخاصةً شركات مثل ميتا، تقلبات كبيرة في سوق العمل خلال السنوات الأخيرة. عودة المهندسين إلى شركات سابقة، أو ما يُعرف بـ “العودة إلى العمل” (Boomerang Employees)، أصبحت ظاهرة متزايدة، مدفوعةً بتغيرات في استراتيجيات الشركات، والفرص الجديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي. هذه المقالة تستكشف تجربة مهندس برمجيات في ميتا، وتسلط الضوء على التحديات والفرص المرتبطة بالعودة إلى العمل في شركات التكنولوجيا الكبرى.
في عام 2022، انتقل المهندس ديفانج شارما من لندن إلى تورونتو للعمل في ميتا. بعد أربعة أشهر ونصف، تم تسريحه من وظيفته كجزء من عمليات تخفيض القوى العاملة في الشركة. على الرغم من ذلك، وبعد ثلاث سنوات، تلقى عرضًا للعودة إلى ميتا في منصب أكثر مسؤولية، وهو ما قبله على الرغم من وجود عروض أخرى من شركات أخرى تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.
تحديات التسريح والبحث عن فرص جديدة
كان التسريح من ميتا تحديًا كبيرًا، خاصةً بالنسبة لشخص مهاجر حديثًا. فقدان الوظيفة في منتصف فصل الشتاء، بعد ترك الحياة التي يعرفها في لندن، كان صعبًا. ومع ذلك، كان شارما محظوظًا بحصوله على الإقامة الدائمة، مما سمح له بالبحث عن فرص عمل أخرى بحرية.
خلال شهر واحد، تمكن شارما من الحصول على عدة عروض عمل، مما يدل على الطلب المستمر على المهندسين المهرة في قطاع التكنولوجيا. هذه التجربة أكدت له أهمية بناء شبكة علاقات مهنية قوية، والاستعداد للتكيف مع التغيرات في سوق العمل.
أهمية التواصل مع الزملاء السابقين
حافظ شارما على تواصل وثيق مع زملائه السابقين في ميتا من خلال مجموعات على لينكدإن وواتساب وتليجرام، بالإضافة إلى النشرات الإخبارية عبر البريد الإلكتروني. هذه الشبكة ساعدته على البقاء على اطلاع دائم بالتطورات في الشركة وفي الصناعة بشكل عام، وخاصةً في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي.
هذه المجموعات كانت بمثابة منصة لتبادل المعلومات حول الفرص الوظيفية المتاحة، ومناقشة التحديات التي تواجه العاملين في القطاع. كما ساهمت في بناء شعور بالانتماء والدعم المتبادل بين الموظفين السابقين.
العودة إلى ميتا: فرصة لا تُعوض في مجال الذكاء الاصطناعي
تواصلت ميتا مع شارما من خلال نظام داخلي لتتبع الموظفين الحاليين والسابقين. بعد مراجعة تفاصيل الوظيفة، أدرك شارما أنها تتوافق تمامًا مع اهتماماته المهنية، خاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي. على الرغم من وجود عروض أخرى، إلا أنه قرر العودة إلى ميتا.
كانت عملية المقابلة مشابهة لتجربته السابقة، ولكنها كانت أكثر تعقيدًا من حيث تصميم الأنظمة وحل المشكلات التقنية. ومع ذلك، كان شارما واثقًا من قدراته، وقرر المضي قدمًا في العملية.
التركيز على بناء نماذج الذكاء الاصطناعي
قبل العودة إلى ميتا، عمل شارما في أمازون، حيث اكتسب خبرة في العمل مع نماذج الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، كان دوره يركز بشكل أساسي على التنفيذ والتحسين، وليس على بناء النماذج الأساسية. الفرصة التي أتيحت له في ميتا كانت فرصة للمساهمة بشكل مباشر في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما كان يبحث عنه.
أدرك شارما أن العودة إلى ميتا تنطوي على بعض المخاطر، مثل احتمال حدوث تسريحات مستقبلية. ومع ذلك، كان يعتقد أن الفوائد تفوق المخاطر، وأنه لا يمكنه تفويت فرصة العمل على مشروع مثير في مجال الذكاء الاصطناعي.
تغيرات في ميتا: بيئة عمل أسرع وأكثر تركيزًا على الذكاء الاصطناعي
كانت العودة إلى ميتا تجربة مليئة بالمشاعر المختلطة. تذكر شارما تجربته الأولى في الشركة، وشعر بالحنين إلى الماضي. في هذه المرة، كان مقر العمل في مينلو بارك، حيث أتيحت له الفرصة للقاء كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة، مثل كريس كوكس، رئيس قسم المنتجات.
لاحظ شارما أن ميتا قد تغيرت بشكل كبير منذ آخر مرة عمل فيها في الشركة. أصبحت الشركة أكثر رشاقة وتركيزًا على السرعة، وأصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من جميع جوانب العمل. لم يعد الدور الهندسي تقليديًا، بل أصبح أكثر تكاملاً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نصائح للموظفين العائدين
ينصح شارما الموظفين العائدين إلى شركاتهم السابقة بالتعامل مع التجربة بعقلية جديدة. على الرغم من أن الخبرة السابقة يمكن أن تكون مفيدة، إلا أنه من المهم أن يكون المرء منفتحًا على التعلم والتكيف مع التغييرات. يجب على الموظفين العائدين أن يتعاملوا مع التجربة كما لو كانوا ينضمون إلى الشركة للمرة الأولى، وأن يكونوا فضوليين ومستعدين لاكتساب مهارات جديدة.
من المتوقع أن يستمر قطاع التكنولوجيا في التطور بسرعة، وأن يزداد الطلب على المهندسين المهرة في مجال الذكاء الاصطناعي. ستستمر الشركات في إعادة توظيف الموظفين السابقين، خاصةً أولئك الذين لديهم خبرة في المجالات الرئيسية مثل الذكاء الاصطناعي. من المهم على المهندسين الاستعداد لهذه التغييرات، وبناء شبكة علاقات مهنية قوية، والاستعداد للتكيف مع التحديات الجديدة.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تواصل ميتا الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن تطلق المزيد من المنتجات والخدمات المبتكرة. سيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، وتقييم تأثيرها على سوق العمل. كما سيكون من المهم متابعة استراتيجيات الشركات الكبرى مثل ميتا، وتحديد الفرص المتاحة للمهندسين المهرة.
