كيب كانافيرال، فلوريدا – يواجه ترشيح الملياردير ورائد الفضاء جاريد إسحاقمان لمنصب مدير وكالة ناسا تأخيرًا إضافيًا، وسط دعوات عاجلة من إسحاقمان نفسه وأعضاء مجلس الشيوخ إلى تسريع الإجراءات. يأتي هذا في وقت حرج بالنسبة لوكالة الفضاء الأمريكية، بينما تستعد لإطلاق برنامج “أرتميس” الطموح للعودة إلى القمر. هذا المقال يغطي آخر التطورات في موضوع ترشيح جاريد إسحاقمان لناسا، وأهميته لبرامج استكشاف الفضاء المستقبلية.
سباق نحو القمر: أهمية قيادة ناسا في الوقت الحالي
تأتي هذه المداولات في خضم منافسة عالمية متزايدة في مجال استكشاف الفضاء، وعلى رأسها الصين. شدد إسحاقمان خلال شهادته أمام لجنة التجارة والعلوم والنقل في مجلس الشيوخ على أن الوقت ليس في صالح الولايات المتحدة، وأن أي تأخير قد يكلفها التفوق في هذا المجال الحيوي. وأشار إلى أن المهمة المخطط لها لإعادة رواد الفضاء إلى محيط القمر في أوائل العام المقبل، على الرغم من أنها ليست هبوطًا فعليًا، إلا أنها تمثل تحديًا لوجستيًا وتقنيًا كبيرًا.
وكالة ناسا حاليًا تعمل تحت قيادة مُكلف بالمهام، وهو وزير النقل شون دافي. بينما يُشرف دافي على الوكالة، يرى الكثيرون أن وجود قائد دائم أمر ضروري لتحقيق الأهداف الطموحة لرؤية ناسا المستقبلية، وبشكل خاص برنامج أرتميس.
إسحاقمان يطالب بـ “قيادة بدوام كامل” لناسا
وحث إسحاقمان أعضاء مجلس الشيوخ على التحرك السريع، مؤكدًا الحاجة الماسة إلى “قيادة بدوام كامل” في وكالة ناسا. وأوضح أن برنامج العودة إلى القمر، الذي يهدف إلى إرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول نهاية العقد، يتطلب تركيزًا كاملاً وتخطيطًا دقيقًا.
“هذا ليس وقت التأخير، بل وقت العمل” هكذا عبر إسحاقمان عن قلقه، مضيفًا أن “التخلف عن الركب قد يعني عدم القدرة على اللحاق به على الإطلاق، والعواقب يمكن أن تغير ميزان القوى هنا على الأرض.” ويتماشى هذا التصريح مع المخاوف التي عبر عنها السيناتور تيد كروز، رئيس اللجنة، الذي أكد على ضرورة بقاء الولايات المتحدة رائدة في استكشاف الفضاء.
خلفية الترشيح: سحب وإعادة الترشيح
الوضع الحالي ليس وليد اللحظة. ففي مايو الماضي، سحب الرئيس دونالد ترامب ترشيح إسحاقمان بشكل مفاجئ، بعد فترة وجيزة من خلاف مع إيلون ماسك، رئيس شركة SpaceX. هذا السحب أثار تساؤلات حول دوافع القرار، خاصة وأن إسحاقمان كان على وشك الحصول على تأكيد مجلس الشيوخ.
ولكن، في خطوة غير متوقعة، أعاد الرئيس ترشيح إسحاقمان في الشهر الماضي، مما أتاح له الفرصة لمواجهة مجلس الشيوخ مرة أخرى وشرح رؤيته لتطوير وكالة ناسا. واصفًا الموقف بأنه “يوم جرذ الأرض”، أعرب السيناتور كروز عن أمله في أن يتم تأكيد الترشيح في نهاية العام.
المنافسة مع الصين وتطوير تكنولوجيا الهبوط على القمر
ركز إسحاقمان في شهادته على أهمية التعاون والتنافس بين الشركات الخاصة مثل SpaceX و Blue Origin في تطوير تكنولوجيا الفضاء. مؤكدًا أن وجود منافسة صحية سيؤدي إلى ابتكارات أسرع وأكثر كفاءة. وقال: “إن أفضل شيء بالنسبة لشركة SpaceX هو وجود شركة Blue Origin في أعقابها مباشرة، والعكس صحيح”.
تعتبر تكنولوجيا الهبوط على القمر من أهم المجالات التي تشهد هذه المنافسة. ففي حين فازت SpaceX بعقد الهبوط الأصلي لمركبة Starship، لا يزال هذا الصاروخ الضخم قيد الاختبار. تسعى Blue Origin، مملوكة لجيف بيزوس، لتقديم مركبتها الفضائية Blue Moon كبديل قوي، ومن المتوقع إطلاق النموذج الأولي في أوائل العام المقبل.
وأكد إسحاقمان أن وكالة ناسا ستتعاون مع أي شركة قادرة على إيصال رواد فضاء أمريكيين إلى سطح القمر، معتبرًا أن المنافسة بين القوى العالمية أمر ضروري “طالما أننا لا نخسر”. هذا التصريح يعكس إدراكًا واضحًا لأهمية الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة في سباق الفضاء المتجدد.
رؤية إسحاقمان: القمر والمريخ كأهداف رئيسية
خلال استجوابه من قبل أعضاء مجلس الشيوخ، أكد إسحاقمان أن كلا من القمر والمريخ يمثلان أولوية قصوى في خطط استكشاف الطواقم الأمريكية. وأوضح أنه يدعم خطوة وزير النقل دافي الأخيرة لإعادة فتح العقد الخاص بمركبة الهبوط على سطح القمر، وهو جزء أساسي من برنامج أرتميس.
إسحاقمان نفسه، مؤسس شركة Shift4 لمعالجة المدفوعات، لديه خبرة شخصية في مجال استكشاف الفضاء. فقد قام بأول عملية سير في الفضاء خاصة في العالم في الخريف الماضي، وقام بتمويل رحلاته الفضائية بالكامل. هذه الخبرة العملية تمنحه منظورًا فريدًا حول التحديات والفرص التي تواجه وكالة ناسا.
الخلاصة: مستقبل ناسا معلق بقرار مجلس الشيوخ
إن ترشيح جاريد إسحاقمان لناسا يمثل لحظة محورية في مستقبل برنامج الفضاء الأمريكي. القرار النهائي لمجلس الشيوخ سيحدد ما إذا كانت الوكالة ستحصل على القيادة الثابتة التي تحتاجها لتلبية الطموحات الرئاسية للعودة إلى القمر وتجاوز الحدود لاستكشاف المريخ. مع تصاعد المنافسة العالمية في مجال استكشاف الفضاء، يجب على الولايات المتحدة التحرك بسرعة وحسم لضمان بقائها في المقدمة. نتوقع أن تشهد الأشهر القليلة القادمة تطورات حاسمة في هذا الملف، والتي ستشكل ملامح مستقبل استكشاف الفضاء لعقود قادمة.
