في تحول تاريخي يعيد تشكيل الطريقة التي نشاهد بها أحد أبرز فعاليات الترفيه العالمية، أعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (AMPAS) عن انتقال حفل توزيع جوائز الأوسكار إلى منصة يوتيوب اعتبارًا من عام 2029. هذه الخطوة الجريئة تمثل نهاية حقبة طويلة من البث الحصري على شبكة ABC، وتفتح فصلاً جديدًا في تاريخ الجوائز الذهبية، مع التركيز على الوصول العالمي وتلبية احتياجات جمهور المشاهدة المتغير.
نهاية حقبة مع ABC وبداية عصر جديد مع يوتيوب
لطالما كانت شبكة ABC هي الوجه التلفزيوني لحفل الأوسكار على مدار أكثر من ستة عقود، باستثناء فترة وجيزة في السبعينيات. إلا أن الأكاديمية قررت أن الوقت قد حان لاقتحام عالم البث الرقمي، واختارت يوتيوب ليكون المقر الجديد لفعالياتها. وستستمر ABC في بث الحفل حتى عام 2028، والذي سيشهد أيضًا احتفالًا بالذكرى المئوية لتأسيس الجوائز. أما بالنسبة ليوتيوب، فسيحصل على الحقوق العالمية للبث المباشر للحفل حتى عام 2033.
هذه الشراكة لا تشمل فقط البث المباشر للحفل، بل تمتد لتشمل كافة جوانب الاحتفال، بما في ذلك تغطية السجادة الحمراء، وجوائز المحافظين، وإعلان الترشيحات. يهدف هذا التوسع إلى تقديم تجربة غامرة وشاملة لمحبي السينما حول العالم.
لماذا يوتيوب؟ استراتيجية الجمهور العالمي
اختيار يوتيوب لم يكن عشوائيًا. في حين أن منصات البث الأخرى مثل Netflix و NBCUniversal/Peacock كانت خيارات مطروحة، إلا أن يوتيوب يتميز بقاعدة جماهيرية هائلة تتجاوز 2 مليار مشاهد. هذا الجمهور الواسع، وخاصة شريحة الشباب المتزايدة، يجعل يوتيوب المنصة المثالية لضمان وصول الأوسكار إلى أوسع نطاق ممكن.
قال نيل موهان، الرئيس التنفيذي ليوتيوب: “إن حفل توزيع جوائز الأوسكار هو إحدى مؤسساتنا الثقافية الأساسية، حيث يكرم التميز في رواية القصص والفن”. وأضاف: “إن الشراكة مع الأكاديمية لتقديم هذا الاحتفال بالفن والترفيه للمشاهدين في جميع أنحاء العالم ستلهم جيلًا جديدًا من الإبداع ومحبي الأفلام مع الحفاظ على تراث جوائز الأوسكار.”
هذا التحول يعكس أيضًا التغيرات الكبيرة في عادات المشاهدة، حيث يتجه الجمهور بشكل متزايد نحو البث عبر الإنترنت ومشاهدة المحتوى حسب الطلب. يوتيوب، بصفته منصة رائدة في هذا المجال، يمثل الخيار الأمثل للأكاديمية لمواكبة هذه التطورات.
التغطية الشاملة والبث المجاني للجميع
من أهم مميزات هذه الشراكة هو أن حفل الأوسكار سيكون متاحًا للمشاهدة مجانًا في جميع أنحاء العالم عبر يوتيوب، بالإضافة إلى اشتراكات YouTube TV. سيتم توفير مسارات صوتية متعددة اللغات وترجمة مكتوبة لضمان إمكانية وصول الحفل إلى جمهور عالمي متنوع.
هذا التوجه نحو البث المباشر المجاني يمثل خطوة كبيرة نحو جعل الحفل أكثر ديمقراطية وشعبية. فبدلاً من حصر المشاهدة على أولئك الذين لديهم اشتراك في خدمات الكابل أو الأقمار الصناعية، سيتمكن أي شخص لديه اتصال بالإنترنت من متابعة فعاليات الحفل.
تأثير القرار على شبكات التلفزيون التقليدية
هذه الصفقة هي أولى الصفقات “الكبرى الأربع” – الأوسكار، جرامي، إيمي، وتوني – التي تتخلى تمامًا عن البث التلفزيوني التقليدي. في حين أن عروض الجوائز الكبرى الأخرى قد أضافت شراكات للبث المباشر عبر الإنترنت، إلا أن الأوسكار هو أول من يتخذ هذه الخطوة الحاسمة.
على الرغم من أن عدد المشاهدين لحفل الأوسكار لعام 2023 على قناة ABC بلغ 19.7 مليون مشاهد، وهو ما يمثل زيادة طفيفة عن العام السابق، إلا أن هذا الرقم لا يزال أقل بكثير من ذروة المشاهدة في عام 1999، عندما شاهد أكثر من 55 مليون شخص تتويج فيلم “تيتانيك” بجائزة أفضل فيلم. هذا الانخفاض في نسبة المشاهدة قد دفع الأكاديمية إلى البحث عن طرق جديدة للوصول إلى جمهور أوسع، وهو ما وجدته في يوتيوب.
مستقبل جوائز الأوسكار: رؤية جديدة
إن انتقال حفل الأوسكار إلى يوتيوب يمثل أكثر من مجرد تغيير في طريقة البث. إنه يمثل رؤية جديدة للأكاديمية لمستقبل الجوائز، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا حاسمًا في الوصول إلى جمهور عالمي وتوفير تجربة مشاهدة أكثر تفاعلية وغامرة.
بالإضافة إلى البث المباشر للحفل، من المتوقع أن يستثمر يوتيوب في إنتاج محتوى إضافي يتعلق بجوائز الأوسكار، مثل المقابلات مع النجوم، والمقاطع الترويجية للأفلام المرشحة، وتحليلات الخبراء. هذا المحتوى الإضافي سيساعد على تعزيز الاهتمام بالحفل وزيادة تفاعل الجمهور.
في الختام، يمثل انتقال حفل توزيع جوائز الأوسكار إلى يوتيوب نقطة تحول هامة في تاريخ هذه الجوائز العريقة. هذه الشراكة الاستراتيجية ستساعد الأكاديمية على تحقيق أهدافها في الوصول إلى جمهور عالمي أوسع، وتوفير تجربة مشاهدة أكثر تفاعلية، والحفاظ على مكانة الأوسكار كأحد أبرز فعاليات الترفيه العالمية. نتطلع إلى رؤية كيف ستشكل هذه الخطوة الجريئة مستقبل حفل توزيع الجوائز الأكثر شهرة في العالم.
