تواجه سياسة الرئيس دونالد ترامب بشأن الذكاء الاصطناعي (AI) انتقادات متزايدة من داخل الحزب الجمهوري، مما يثير تساؤلات حول مستقبل تنظيم هذا القطاع التكنولوجي الحيوي. وفي ديسمبر الماضي، وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى تقييد القوانين الحكومية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما أثار جدلاً واسعاً. تتزايد المخاوف بشأن تأثير هذه السياسة على الابتكار، وحقوق المستهلك، ومكانة الولايات المتحدة في السباق التكنولوجي العالمي.

يهدف الأمر التنفيذي إلى توجيه وزارة العدل لرفع دعاوى قضائية ضد الولايات التي تسن قوانين تعتبر “مرهقة” فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، مع إمكانية التلويح بوقف بعض التمويل الفيدرالي. يأتي هذا الإجراء بعد فشل محاولات سابقة لإدراج قيود مماثلة في قانون الدفاع السنوي، وذلك بسبب معارضة من داخل الحزب الجمهوري نفسه. يرى مؤيدو سياسة ترامب أن التدخل الفيدرالي ضروري لتجنب عبء التنظيم المتنوع عبر الولايات الخمسين، مما يعيق قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة مع الصين.

انتقادات واسعة النطاق لسياسة ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي

تصاعدت الأصوات المعارضة لسياسة ترامب في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يرى العديد من المسؤولين والسياسيين الجمهوريين أن هذه السياسة تمثل تعديًا على حقوق الولايات في تنظيم التكنولوجيا. وقد عبر حكام ومشرعون جمهوريون عن قلقهم بشأن الآثار المحتملة لإلغاء القوانين الحكومية التي تهدف إلى حماية المستهلكين وضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي.

مواقف الحكام الجمهوريين

أدان حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، وهو منافس سابق لترامب في انتخابات الرئاسة، جهود التقويض للسلطات التنظيمية للولايات. وكتب ديسانتيس على منصة X (تويتر سابقًا) أن منع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي بمثابة “إعانة للشركات الكبرى”، ومخالفة لمبادئ الحكم الذاتي. وأضاف أن الولايات يجب أن يكون لها الحق في تحديد كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا الناشئة.

كما أعلنت حاكمة ولاية أركنساس سارة هاكابي ساندرز عن موقف مماثل، وقادت مجموعة من 17 حاكمًا جمهوريًا في معارضة أي تدخيل فيدرالي في سلطات الولايات. وقالت ساندرز أن الولايات لديها القدرة على وضع قوانين مناسبة لحماية مواطنيها وتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

معارضة في الكونغرس

عبر السيناتور جوش هاولي عن قلقه المتزايد إزاء سياسة الذكاء الاصطناعي ، واعتبر أن السماح للشركات بالعمل دون رقابة تنظيمية قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة. وأشار هاولي إلى أن هناك حاجة إلى إشراف معقول لحماية الحريات الفردية وضمان عدم استغلال الذكاء الاصطناعي بطرق ضارة. انتقدت النائبة مارجوري تايلور غرين في البداية سياسة ترامب، معترفة بأنها صوتت لصالح مشروع قانون يتضمن قيودًا على تنظيم الولايات للذكاء الاصطناعي دون علم كامل بتفاصيله. واعتبرت غرين أن ذلك يمثل انتهاكًا لحقوق الولايات.

حاكم ولاية يوتا سبنسر كوكس، والذي انضم إلى هاكابي ساندرز في معارضة التدخل الفيدرالي، أكد على ضرورة إيجاد توازن بين حماية المستهلكين وتعزيز المنافسة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي. واقترح كوكس أن يركز الأمر التنفيذي على “الازدهار البشري” بدلاً من مجرد دعم الشركات.

يشكل الذكاء الاصطناعي تحديًا تنظيميًا فريدًا، نظرًا لقدرته على تغيير مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وتسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إيجاد طرق لتحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا مع تقليل المخاطر المحتملة. تستخدم مصطلحات مثل “الابتكار التكنولوجي” و “الأمن السيبراني” بشكل متزايد في هذه النقاشات

من الواضح أن سياسة ترامب بشأن الذكاء الاصطناعي ليست خالية من الجدل، وقد تؤدي إلى مواجهات قانونية وسياسية بين الحكومة الفيدرالية والولايات. ومن المتوقع أن يثير هذا الموضوع نقاشات حادة في الكونغرس خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وسيكون على القضاء أن يقرر ما إذا كان الأمر التنفيذي يتماشى مع الدستور الأمريكي أم لا. من الأمور التي يجب مراقبتها عن كثب رد فعل الولايات على الأمر التنفيذي، وكيفية تطور النقاش حول تنظيم الذكاء الاصطناعي في الكونغرس قبل نهاية العام.

شاركها.