أدخلت شركة EY، إحدى أكبر أربع شركات تدقيق وحسابات عالمية، مؤخرًا أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة موظفيها على فهم التغيرات المحتملة في وظائفهم بسبب هذه التقنية الجديدة. هذا التطبيق، الذي يُعرف داخليًا باسم EYQ، يمثل جزءًا من برنامج تدريبي أوسع نطاقًا يهدف إلى إعداد الكوادر لمستقبل العمل المتغير. ويأتي هذا الإجراء في الوقت الذي تواجه فيه العديد من الصناعات، بما في ذلك قطاع الخدمات المهنية، تحولات كبيرة مدفوعة بـ الذكاء الاصطناعي.
تُعتبر شركات الخدمات المهنية في طليعة هذه التحولات، حيث يعتمد العملاء عليها لتقديم المشورة والخبرة في تبني التقنيات الجديدة. وهذا يضع ضغوطًا إضافية على هذه الشركات لدمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها الداخلية، وإعادة النظر في نماذج التسعير التقليدية، وهياكل المواهب، والخدمات التي تقدمها. وفي هذا السياق، تستكشف EY، وغيرها من الشركات المماثلة، طرقًا مبتكرة للاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من المخاطر المحتملة على القوى العاملة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف: نظرة من EY
وفقًا لما ذكره أحد قادة EY، فإن الأداة الداخلية تعمل عن طريق مطالبة الموظفين بالإجابة على سلسلة من الأسئلة حول طبيعة عملهم ومسؤولياتهم اليومية والنتائج المتوقعة. يتم بعد ذلك تحميل هذه الإجابات إلى EYQ، وهي أداة تشبه ChatGPT، والتي تقوم بتحليل كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الدور الحالي للموظف. الهدف الرئيسي هو تحديد المهارات والمعرفة والقدرات التي قد يحتاجونها في المستقبل لمواكبة التطورات التكنولوجية.
يشعر قطاع الصحافة والإعلام بنفس القدر من عدم اليقين والفرص التي يثيرها الذكاء الاصطناعي. لذلك، قام الكاتب بتجربة مماثلة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة للجمهور، مثل ChatGPT و Gemini، لتقييم التغيرات المحتملة في وظيفته كمراسل متخصص في تغطية شركات الخدمات المهنية والثقافة المؤسسية.
تجربة شخصية مع ChatGPT و Gemini
لإجراء التجربة، تم توجيه كل من ChatGPT و Gemini للعمل كـ “مستشار تنظيمي”، مع التأكيد على تقديم تحليل مبني على البحث والخبرة المتخصصة بدلاً من النصائح العامة. تم وصف وظيفة الكاتب ومسؤولياته الرئيسية بوضوح، ثم طُلب منهما تحليل الدور المستقبلي المحتمل في ضوء تطورات الذكاء الاصطناعي.
توقع ChatGPT أن الذكاء الاصطناعي سيتولى بشكل متزايد مهام مثل صياغة الهيكليات الأولية للتقارير، وجمع المعلومات، وتوفير السياق الأساسي للقصص الإخبارية. وأشار إلى ظهور “إضافات مدمجة” لدعم عملية النشر في الوقت الفعلي، مثل القوالب الذكية والوصول السريع إلى التقارير السابقة. وفي هذا السيناريو، ستتمحور القيمة المضافة للمراسل حول القدرة على توفير معلومات داخلية و تسريبات، وتحليل السياسات التنظيمية، وتقديم تفسيرات دقيقة لا يمكن للذكاء الاصطناعي الوصول إليها.
عندما طُلب من ChatGPT تحديد المهارات والمعرفة الجديدة اللازمة للنجاح في هذا المشهد المتغير، بالإضافة إلى المخاطر الأخلاقية والقانونية المحتملة، أكد على أهمية “إتقان الذكاء الاصطناعي” من خلال تعلم كيفية صياغة الأوامر الفعالة، وتقييم نتائج الذكاء الاصطناعي بشكل نقدي، واستخدام أدوات التحليل للكشف عن المشكلات المحتملة في وقت مبكر. وبشكل عام، قدمت ChatGPT تقييمًا إيجابيًا، مشيرة إلى أن تبني هذه المهارات الجديدة سيضمن عدم تهديد وظيفة الكاتب من قبل الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، قدمت Gemini تحليلاً أكثر تفصيلاً، حيث أنتجت وثيقة استراتيجية مفصلة بعنوان “الصلة الخوارزمية: تحليل الدور المستقبلي لمراسل Business Insider المتخصص في شركات الخدمات المهنية في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي”. وأشارت Gemini إلى أن التأثير الرئيسي للذكاء الاصطناعي سيتمثل في تقويض قدرة المراسلين على الحصول على المعلومات الحصرية (“السبق الصحفي”)، حيث من المرجح أن تستخدم الشركات أنظمة الذكاء الاصطناعي لمراقبة الاتصالات الداخلية واكتشاف الأسرار. لذا، حذرت Gemini من الحاجة إلى “ترقية فورية في مهارات الحصول على المصادر بشكل آمن”.
وكما اقترح ChatGPT، أكدت Gemini على أن الذكاء الاصطناعي سيساعد في أتمتة بعض جوانب البحث والكتابة، مما يسمح للمراسلين بالتركيز بشكل أكبر على التحقق من المعلومات. إلا أن Gemini قدمت توصيات أكثر تفصيلاً بشأن المهارات المطلوبة، مثل تطوير فهم لتقنية RAG (Retrieval-Augmented Generation) لتحسين البحث الخوارزمي واستخدام أدوات مثل Reality Defender لدعم التحقق الرقمي من المصادر. وحذرت Gemini من أن مجرد تبني أدوات الذكاء الاصطناعي لا يضمن الاستقرار الوظيفي، بل يجب على المراسلين تحويل دورهم إلى “مشرف أخلاقي” و “حارس للمصداقية” في جميع المعلومات التي يتعاملون معها.
يشير Simon Brown من EY إلى أن هدف أداة EY هو “المساعدة في إظهار وتوضيح بطريقة ذات صلة كيفية قدرة الذكاء الاصطناعي على المساعدة”. على الرغم من أن هذه التجربة لم تكن دراسة علمية صارمة، إلا أنها كانت بمثابة تمرين مفيد للتفكير بشكل استباقي في مستقبل الصحافة وأهمية تطوير المهارات اللازمة لمواكبة التطورات التكنولوجية. تطوير المهارات واكتساب الخبرة في تحليل البيانات والتحقق من المصادر ستكون أساسية في هذا السياق.
في الختام، من الواضح أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في إحداث تغييرات عميقة في مختلف الصناعات، بما في ذلك الصحافة والخدمات المهنية. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، من المتوقع أن تتطلب الشركات من موظفيها اكتساب مهارات جديدة والتكيف مع أدوار متغيرة. الخطوة التالية ستكون مراقبة كيفية تبني الشركات لهذه الأدوات، وكيف ستقوم بإعادة هيكلة فرق العمل، والمهارات التي ستعتبرها الأكثر قيمة في المستقبل القريب.
