تتبنى شركة Rippling، المتخصصة في برمجيات إدارة الموارد البشرية، استراتيجية غير تقليدية لتحفيز فرق العمل لديها: التعمد في نقص الموارد. صرح مات ماكنيس، رئيس قسم المنتج في Rippling، في حلقة من بودكاست “Lenny’s” بأن الشركة تهدف إلى إبقاء الفرق تحت ضغط مستمر من خلال تخصيص عدد أقل من الموظفين مما هو مطلوب لإنجاز المهام، مما يدفعهم إلى طلب المزيد من الدعم. هذه الاستراتيجية، التي تهدف إلى زيادة الكفاءة والابتكار، تثير تساؤلات حول تأثيرها على معنويات الموظفين والتوازن بين العمل والحياة.
أضاف ماكنيس، الذي انضم إلى Rippling في عام 2019 قبل ترقيته إلى منصبه الحالي، أنه يرى أن العمل لساعات إضافية وفي عطلات نهاية الأسبوع، بالإضافة إلى تشغيل الفريق بأقصى طاقته، هو ما يميز الفرق الجيدة عن الفرق الممتازة. وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا تحولاً نحو النمو السريع والقيام بالمزيد بموارد أقل.
استراتيجية “الضغط المستمر” في Rippling وتأثيرها على الكفاءة
وفقًا لماكنيس، فإن توفير مساحة للفرق “لتمضية الوقت” يؤدي إلى تشتت انتباه الموظفين وانخفاض الروح المعنوية. كما أن التباطؤ يفتح الباب أمام المنافسين للاستيلاء على حصة سوقية. ويركز ماكنيس على أن الهدف ليس إرهاق الأفراد، بل الحفاظ على زخم الفريق ككل.
يؤكد ماكنيس على أهمية الحفاظ على “المحرك في المنطقة الحمراء” باستمرار، مشيرًا إلى أن أي لحظة استرخاء أو تباطؤ قد تمنح المنافسين فرصة لتقديم أداء أفضل. هذه الفلسفة تعكس اتجاهًا متزايدًا في وادي السيليكون نحو تبني ثقافة عمل تتسم بالسرعة والكفاءة.
تطبيق الاستراتيجية في قطاع التكنولوجيا
تتفق هذه الاستراتيجية مع التوجهات الحالية في قطاع التكنولوجيا، حيث تعطي الشركات الأولوية للنمو السريع والقيام بالمزيد بموارد محدودة. وقد شهدت الشركات عمليات تسريح لموظفي الإدارة المتوسطة لصالح فرق مبسطة وهياكل تنظيمية أقل تعقيدًا، بهدف تقليل البيروقراطية.
تتضمن المذكرات الداخلية للعديد من الشركات كلمات مثل “الكفاءة” و “المرونة” و “التقشف”. على سبيل المثال، حدد ليب-بو تان، الرئيس التنفيذي لشركة Intel، خطة للثقافة المؤسسية تركز على قضاء المزيد من الوقت في المكتب، وتقليل الأعمال الإدارية، وتشكيل فرق أصغر.
أما آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة Amazon، فقد أكد في رسالة سبتمبر 2024 على أهمية “الابتكار المستمر للعملاء” و “الإلحاح القوي” و “اتخاذ القرارات السريعة” و “المرونة والتقشف” و “التعاون العميق”. وقد قامت Amazon بتسريح 14 ألف موظف في أكتوبر، معللة ذلك بالتقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي.
إدارة الموارد والتحول في ثقافة العمل
تعتبر Rippling، التي تأسست في عام 2017 وحصلت على تمويل من شركات استثمارية كبرى مثل Kleiner Perkins و Sequoia Capital، مثالاً على الشركات التي تتبنى هذه الاستراتيجية الجديدة. وقد جمعت الشركة 450 مليون دولار في جولة تمويل في مايو، مما رفع تقييمها إلى 16.8 مليار دولار.
يعكس هذا التحول في ثقافة العمل التحديات التي تواجهها الشركات في بيئة تنافسية متزايدة. ومع ذلك، يثير هذا النهج تساؤلات حول تأثيره على رفاهية الموظفين واستدامة الأداء على المدى الطويل. الإنتاجية قد ترتفع على المدى القصير، ولكن هل يمكن الحفاظ على هذا المستوى من الأداء دون إرهاق الموظفين؟
بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على الكفاءة والتقشف قد يؤدي إلى تقليل الاستثمار في مجالات مهمة مثل التدريب والتطوير، مما قد يؤثر سلبًا على الابتكار والقدرة التنافسية على المدى الطويل. الابتكار يتطلب وقتًا وموارد، وقد يكون من الصعب تحقيقه في بيئة عمل تتسم بالضغط المستمر.
من المتوقع أن تستمر الشركات في تبني استراتيجيات مماثلة في المستقبل القريب، مع التركيز على تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة. ومع ذلك، سيكون من المهم مراقبة تأثير هذه الاستراتيجيات على معنويات الموظفين والنتائج طويلة الأجل. ستكون الخطوة التالية هي تقييم فعالية هذه الاستراتيجيات وتعديلها حسب الحاجة لضمان تحقيق التوازن بين الكفاءة ورفاهية الموظفين.
