أعلنت شركة ديزني عن شراكة استراتيجية مع شركة OpenAI، مطورة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل ChatGPT و Sora، مما يمثل تحولاً كبيراً في طريقة تعامل ديزني مع الملكية الفكرية واستغلالها. تتضمن هذه الشراكة ترخيص شخصيات ديزني ومحتواها لـ OpenAI، بالإضافة إلى استثمار بقيمة مليار دولار من ديزني في OpenAI وشراء اشتراكات ChatGPT Enterprise لموظفيها. هذه الخطوة تفتح الباب أمام إمكانيات إبداعية جديدة للمستخدمين، وتضع ديزني في موقع متقدم في عصر الذكاء الاصطناعي.
التعاون الجديد، الذي تم الإعلان عنه يوم الخميس، سيسمح للمستخدمين بإنشاء مقاطع فيديو وصور باستخدام شخصيات ديزني الشهيرة من خلال تطبيقات OpenAI مثل Sora و ChatGPT. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه صناعة الترفيه تحولات جذرية بسبب التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الإبداع وحقوق الملكية.
ديزني و OpenAI: تحالف يغير قواعد اللعبة في مجال الذكاء الاصطناعي
لطالما كانت ديزني حريصة للغاية على حماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها، ولكن هذه الشراكة تشير إلى تغيير في الاستراتيجية. بدلاً من محاربة استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مستوحى من شخصياتها، قررت ديزني احتضان هذه التقنية والتحكم فيها من خلال الترخيص والاستثمار. هذا التحول يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من صناعة الترفيه، وأن تجاهله ليس خيارًا.
يرى خبراء الصناعة أن هذا الاتفاق يمثل فوزًا كبيرًا لـ OpenAI، التي تسعى باستمرار إلى جمع المزيد من البيانات لتدريب نماذجها. تعتبر شخصيات ديزني ومحتواها من الأصول القيمة للغاية التي يمكن أن تساعد OpenAI على تحسين جودة ودقة مخرجاتها. بالإضافة إلى ذلك، فإن استثمار ديزني البالغ مليار دولار يعزز مكانة OpenAI المالية ويساعدها على مواصلة تطوير تقنياتها.
وجهات نظر الخبراء حول الصفقة
نيك سيكيرو، رائد الأعمال واستراتيجي التسويق الرقمي، يرى أن صفقة ديزني مع OpenAI تتعلق بشكل أساسي بالإيرادات، وليس بالضرورة بالتقنية نفسها. ويشير إلى أن ديزني تسعى إلى حل مشكلتين رئيسيتين: استخدام المبدعين غير المصرح به لمحتواها، وتنافسها مع منصات مثل YouTube لجذب انتباه الجمهور. ويضيف أن Sora يمنح ديزني وسيلة قابلة للتطوير للتحكم في المحتوى الذي يتم إنشاؤه باستخدام شخصياتها، وتحقيق الدخل منه من خلال الإعلانات المستهدفة.
من جانبه، وصف بيتر ساثي، مستشار إعلامي، صفقة ديزني و OpenAI بأنها “لحظة فاصلة” في مجال ترخيص الذكاء الاصطناعي والإعلام. ويؤكد على أهمية احترام حقوق الملكية الفكرية في هذا السياق، مشيدًا بجهود ديزني لترخيص شخصياتها بدلاً من السماح باستخدامها بشكل غير قانوني. ويرى أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام نماذج إيرادات جديدة لحاملي حقوق الملكية الفكرية.
كارولين جيجرش، خبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والتسويق، تشير إلى أن ديزني قد اتخذت موقفًا “إذا لم تستطع هزيمتهم، فانضم إليهم” في مواجهة التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي. وتذكر بالتحديات القانونية التي واجهتها HBO في الماضي بسبب المحتوى المرئي عبر الإنترنت، وكيف أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا مماثلاً. وتضيف أن هذه الصفقة تمثل فرصة تسويقية قيمة لديزني، حيث يمكنها الاستفادة من المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة المعجبين.
أما جيمس ميلر، رئيس تطوير الأعمال في Amazon، فيعتقد أن ديزني تتخذ خطوات استباقية للسيطرة على مصير الملكية الفكرية الخاصة بها في عصر الذكاء الاصطناعي. ويشير إلى أن حقوق الطبع والنشر تنتهي في النهاية، وأن ديزني تسعى إلى تحقيق أقصى استفادة من شخصياتها قبل أن تصبح متاحة للجمهور. ويؤكد على أن ترخيص الشخصيات يسمح لديزني بالحفاظ على معايير الجودة والتحكم في كيفية استخدامها.
في المقابل، يرى كارل هاللير، الشريك وقائد مركز الكفاءة الاستهلاكية في IBM، أن ديزني قد تكون قد حصلت على صفقة غير مواتية في هذه الشراكة. ويشير إلى أن ديزني تستثمر مليار دولار في OpenAI، بدلاً من الحصول على رسوم ترخيص كبيرة مقابل استخدام شخصياتها. ومع ذلك، يرى أن هذا الاستثمار يضع ديزني في موقع استراتيجي في مجال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما أشار سايمون بولمان، رئيس قسم الترفيه في Pryor Cashman، إلى أن الصفقة تثير العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها بعد، مثل كيفية التعامل مع المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة المستخدمين على Disney+، وكيفية حماية العلامة التجارية من سوء الاستخدام.
وأخيرًا، يرى مايك والش، مستشار التغيير التكنولوجي ومؤلف، أن استثمار ديزني في الذكاء الاصطناعي هو خطوة صحيحة نحو المستقبل. ويؤكد على أن ديزني لديها تاريخ طويل في التكيف مع التغيرات التكنولوجية، وأنها ستستمر في الازدهار في عصر الذكاء الاصطناعي من خلال احتضان هذه التقنية والتحكم فيها.
من المتوقع أن تبدأ ديزني و OpenAI في تنفيذ هذه الشراكة في الأشهر القادمة، مع التركيز على تطوير أدوات جديدة للمبدعين والمستهلكين. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، مثل ضمان احترام حقوق الملكية الفكرية، والحفاظ على جودة المحتوى، والتعامل مع المخاوف الأخلاقية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذه الشراكة عن كثب، وتقييم تأثيرها على صناعة الترفيه والمستهلكين.
