أظهر استطلاع حديث أن العديد من حديثي التخرج في مجال هندسة البرمجيات يختارون عدم التقدم لوظائف في شركات التكنولوجيا الكبرى مثل آبل، على الرغم من اعتبارها “شركات أحلام” للعديد منهم. يعود هذا الاتجاه إلى عوامل متعددة، بما في ذلك الرغبة في التميز، والاعتبارات المتعلقة بنمط الحياة، والبحث عن فرص نمو أكثر تنوعًا. يناقش هذا المقال أسباب هذا التحول في التوجهات الوظيفية لخريجي هندسة البرمجيات.
شارك بريان تشوكويسيوكا، وهو طالب في السنة الأخيرة في علوم الحاسوب في منطقة العاصمة واشنطن، تجربته كمتدرب في آبل خلال فصل الصيف من عام 2024. على الرغم من حصوله على عرض عمل بدوام كامل، إلا أنه اختار قبول وظيفة في شركة تكنولوجيا مالية في مدينة نيويورك. يوضح تشوكويسيوكا أن تجربته في آبل كانت قيمة، لكنه قرر البحث عن مسار وظيفي يتناسب بشكل أفضل مع طموحاته الشخصية والمهنية.
لماذا تتراجع الرغبة في العمل في شركات التكنولوجيا الكبرى؟
أكد تشوكويسيوكا على أن بيئة العمل في مقر آبل الرئيسي، Apple Park، تتميز بالعزلة والانفصال عن العالم الخارجي. هذا العزل، على الرغم من أنه يعزز الإبداع والتعاون بين الزملاء، إلا أنه قد يكون مقيدًا للبعض. كما أشار إلى أن السرية الشديدة التي تشتهر بها آبل قد تحد من وصول المتدربين إلى بعض أجزاء الحرم الجامعي.
بالإضافة إلى ذلك، وجد تشوكويسيوكا أن الساحل الغربي قد لا يوفر نفس التنوع الثقافي والاجتماعي الذي اعتاد عليه. بصفته رجلًا نيجيريًا، شعر بصعوبة في العثور على مجتمع مشابه لمجتمعه في الساحل الشرقي، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى الأطعمة والخدمات التي يفضلها.
التحديات التي تواجه حديثي التخرج
أشار تشوكويسيوكا إلى أن الشركات الكبرى قد لا توفر لحديثي التخرج الفرصة الكافية للتميز. في ظل وجود عدد كبير من المتقدمين، قد يجد الخريجون أنفسهم مجرد رقم في منظومة كبيرة، مما يعيق تطورهم المهني السريع. هذا الشعور بالضياع قد يدفعهم إلى البحث عن فرص في شركات أصغر أو ناشئة حيث يمكنهم إحداث تأثير أكبر.
فرص العمل في مجال التكنولوجيا المالية، على سبيل المثال، توفر بيئة ديناميكية وسريعة النمو، مما يسمح للمهندسين بتولي مسؤوليات أكبر واكتساب خبرات متنوعة. هذا النوع من البيئة قد يكون أكثر جاذبية للخريجين الذين يسعون إلى بناء مسيرة مهنية قوية ومتميزة.
آبل: تجربة فريدة ولكنها ليست للجميع
لا شك أن العمل في آبل يمثل تجربة فريدة من نوعها، حيث يتمتع الموظفون بفرصة العمل على منتجات مبتكرة ومؤثرة. يتميز Apple Park بتجهيزاته المتطورة، بما في ذلك مسارات المشي والركض وصالة الألعاب الرياضية الحديثة. ومع ذلك، فإن هذه المزايا لا تعوض دائمًا عن العزلة والقيود الأخرى التي قد يواجهها الموظفون.
يرى خبراء مجال التكنولوجيا أن تفضيل بعض الخريجين للشركات الناشئة أو الشركات متوسطة الحجم يعكس تحولًا أوسع في ثقافة العمل. أصبح الموظفون، وخاصة الشباب، يبحثون عن بيئات عمل أكثر مرونة وتنوعًا، حيث يمكنهم تحقيق التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية. كما أنهم يفضلون الشركات التي تقدر مساهماتهم الفردية وتوفر لهم فرصًا للنمو والتطور.
الذكاء الاصطناعي هو مجال آخر يجذب اهتمام العديد من الخريجين، حيث يرون فيه فرصًا واعدة للابتكار والإبداع. قد يفضلون العمل في شركات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنهم التركيز على تطوير تقنيات جديدة ومواجهة تحديات معقدة.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في السنوات القادمة، حيث يصبح سوق العمل في مجال التكنولوجيا أكثر تنافسية. ستحتاج الشركات الكبرى إلى بذل المزيد من الجهود لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها، من خلال تقديم حزم تعويضات أكثر جاذبية، وتوفير فرص تطوير مهني أفضل، وخلق بيئات عمل أكثر مرونة وتنوعًا. سيكون من المثير للاهتمام مراقبة كيفية استجابة هذه الشركات للتغيرات في تفضيلات الخريجين، وما إذا كانت ستتمكن من الحفاظ على مكانتها كأصحاب عمل مفضلين.
في الوقت الحالي، يخطط تشوكويسيوكا للتركيز على تطوير مهاراته في مجال التكنولوجيا المالية، مع عدم استبعاد إمكانية العودة إلى آبل في المستقبل. يؤكد أن آبل ستظل دائمًا شركة تحظى باحترامه وتقديره، لكنه يعتقد أن مساره المهني الحالي يوفر له الفرصة الأفضل لتحقيق طموحاته.
