بوليفيا تسعى لتعزيز الاتصال الرقمي: مرسوم جديد يفتح الباب أمام شركات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية

في خطوة تاريخية تهدف إلى سد الفجوة الرقمية وتسريع وتيرة التطور التكنولوجي، أصدرت الحكومة البوليفية مؤخرًا مرسومًا يسمح لشركات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية العالمية، مثل Starlink و Kuiper، بتقديم خدماتها في جميع أنحاء البلاد. يأتي هذا القرار في وقت تعاني فيه بوليفيا من بطء شديد في سرعات الإنترنت، مما يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. يمثل هذا التحول نقطة تحول في سياسة الاتصالات في بوليفيا، بعد سنوات من الاعتماد على مشاريع حكومية محدودة النجاح.

الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في بوليفيا: بداية حقبة جديدة

وقع الرئيس البوليفي رودريجو باز المرسوم الذي يرفع القيود التي فرضتها الإدارة السابقة على شركات الأقمار الصناعية الدولية. هذا القرار يفتح الباب أمام منافسة حقيقية في سوق الاتصالات، ويمنح البوليفيين خيارات أوسع وأكثر فعالية من حيث التكلفة للوصول إلى الإنترنت. كانت حكومة الرئيس السابق لويس آرس قد رفضت في العام الماضي منح ترخيص لشركة SpaceX، المالكة لـ Starlink، معللة ذلك بمخاوف تتعلق بأمن البيانات والسيادة الوطنية.

فشل القمر الصناعي “توباك كاتاري” والبحث عن بدائل

لسنوات، اعتمدت بوليفيا على القمر الصناعي “توباك كاتاري” الذي تم شراؤه من الصين في عهد الرئيس إيفو موراليس. كان الهدف من هذا القمر الصناعي هو تحسين الوصول إلى الإنترنت في المناطق النائية، حيث يفتقر الكثير من السكان إلى أي اتصال بالشبكة. ولكن، على الرغم من الوعود الكبيرة التي أطلقها موراليس في عام 2013، إلا أن القمر الصناعي لم يتمكن من تحقيق النتائج المرجوة.

يعتمد “توباك كاتاري” على تكنولوجيا ثابتة بالنسبة للأرض، مما يجعله أقل كفاءة من الأقمار الصناعية منخفضة المدار التي تستخدمها شركات مثل Starlink. تدور الأقمار الصناعية التقليدية على مسافة حوالي 35 ألف كيلومتر من سطح الأرض، بينما تدور أقمار Starlink على ارتفاع 550 كيلومترًا فقط. هذا القرب يسمح بنقل البيانات بمعدلات أسرع وأقل تأخيرًا.

بوليفيا في ذيل قائمة سرعات الإنترنت في أمريكا الجنوبية

أظهر تقرير حديث صادر عن شركة Ookla، المتخصصة في استخبارات الاتصال، أن بوليفيا لديها أبطأ سرعة إنترنت للهواتف المحمولة والنطاق العريض الثابت في أمريكا الجنوبية. في المقابل، تحتل البرازيل المرتبة الأولى إقليميًا في سرعة الإنترنت. هذه الفجوة الرقمية تعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بوليفيا، وتجعل من الصعب على الشركات والمواطنين الاستفادة من الفرص التي يوفرها العالم الرقمي.

الرئيس باز: سد الفجوة الرقمية وتعزيز الاستثمار

أكد الرئيس باز أن السماح لشركات الأقمار الصناعية الدولية بالعمل في بوليفيا يهدف إلى “تقليص الفجوة الرقمية” وضمان حصول جميع البوليفيين على اتصال إنترنت عالي الجودة. وأضاف أن معدلات الاتصال البطيئة تعيق حتى المهام البسيطة مثل المكالمات الجماعية، وتزيد من صعوبة إجراء عمليات أكثر تعقيدًا عبر الإنترنت، مثل الحوسبة السحابية.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس باز عن خطط لجذب الاستثمارات الدولية إلى بوليفيا، بما في ذلك استثمارات من شركات كبرى مثل Tesla و Amazon و Tether و Oracle لإنشاء مراكز بيانات بالقرب من مدينتي إل ألتو وكوتشمبامبا. يهدف هذا الجهد إلى التغلب على الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بوليفيا، والتي تتميز بنقص حاد في الدولار الأمريكي.

تحديات الإصلاحات الاقتصادية والاحتجاجات الاجتماعية

في سياق جهوده لتحسين الوضع الاقتصادي، وقع الرئيس باز مؤخرًا على مرسوم يلغي دعم الوقود، وهو إجراء أثار احتجاجات واسعة النطاق من قبل النقابات العمالية في جميع أنحاء البلاد. على الرغم من هذه التحديات، يرى الرئيس باز أن التكنولوجيا الجديدة هي مفتاح تعويض الوقت الضائع ووضع بوليفيا على مسار النمو والتنمية. الإنترنت السريع والموثوق به هو عنصر أساسي في هذه الرؤية.

مستقبل الاتصال في بوليفيا: آفاق واعدة

يمثل المرسوم الجديد خطوة جريئة نحو مستقبل أكثر اتصالاً في بوليفيا. من خلال السماح لشركات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية بالعمل في البلاد، تأمل الحكومة في تحسين الوصول إلى الإنترنت، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين حياة المواطنين. سرعة الإنترنت الأفضل ستفتح الباب أمام فرص جديدة في مجالات التعليم والصحة والتجارة والابتكار. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات يجب التغلب عليها، بما في ذلك ضمان التكلفة المعقولة للخدمة وتوفير التدريب اللازم للمواطنين للاستفادة من التكنولوجيا الجديدة. يبقى أن نرى كيف ستتطور الأمور، ولكن من الواضح أن بوليفيا تقف على أعتاب حقبة جديدة في مجال الاتصالات الرقمية.

شاركها.