تتجه تطبيقات المواعدة، التي كانت في الأصل تهدف إلى إيجاد تطابق لأي شخص، نحو استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق هدف أكثر تحديدًا: العثور على “الشريك المثالي”. تستثمر الشركات الكبرى في هذا المجال، مثل مجموعة ماتش (Match Group) التي تضم تطبيقات Hinge و Tinder، بالإضافة إلى Grindr و Bumble، عشرات الملايين من الدولارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف التفوق على بعضها البعض وعلى الشركات الناشئة الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في عالم المواعدة.
هذا التحول يأتي في وقت تواجه فيه هذه التطبيقات تحديات متزايدة، بما في ذلك تراجع عدد المستخدمين النشطين وصعوبة تحويلهم إلى مشتركين مدفوعين. تأمل الشركات أن يكون الذكاء الاصطناعي هو الحل لإعادة إحياء الاهتمام بتطبيقات المواعدة وتقديم تجربة أكثر فعالية للمستخدمين.
الذكاء الاصطناعي وتطبيقات المواعدة: تحول جذري
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة قد تم استخدامهما في خوارزميات تطبيقات المواعدة لسنوات، إلا أن الميزات الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي تمثل خطوة متقدمة. تهدف هذه الميزات إلى تقديم نتائج أكثر دقة وتخصيصًا، مما يؤدي إلى تطابقات أفضل وتقليل الحاجة إلى التصفح اللانهائي.
يقول الرئيس التنفيذي لشركة Grindr، جورج أريسون، إن النتائج المتوقعة ستكون “سحرية”. أما الرئيس التنفيذي لمجموعة ماتش، سبنسر راسكوف، فقد صرح بأن الذكاء الاصطناعي “يغير كل شيء” في تطبيقات الشركة. هذا التحول يأتي استجابةً لحاجة ملحة للتغيير، حيث يعاني اللاعبون الكبار من انخفاض في عدد المستخدمين وزيادة في “إرهاق التمرير السريع” (swipe fatigue).
سام ياجان، المؤسس المشارك لـ OkCupid والرئيس التنفيذي السابق لمجموعة ماتش، يرى أن هناك حاجة ماسة لسبب جديد يدفع المستهلكين إلى الاهتمام بتطبيقات المواعدة، سواء كان ذلك من خلال التكنولوجيا أو المنصة أو العلامة التجارية. فقد انخفض سهم مجموعة ماتش بأكثر من 75٪ خلال السنوات الخمس الماضية، وأظهرت نتائجها الفصلية الأخيرة ضعفًا في الأداء.
وبالمثل، انخفض سهم Bumble بأكثر من 50٪ هذا العام، مما دفع الشركة إلى تسريح 30٪ من موظفيها وتراجع عدد المستخدمين المدفوعين بنسبة 18٪.
تحديات تواجه تطبيقات المواعدة التقليدية
يشير المحلل في مورغان ستانلي، ناثان فيذر، إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في أن المنتج لا يعمل كما هو متوقع. هذا الفراغ في السوق يفتح الباب أمام الشركات الناشئة التي تسعى إلى الاستفادة من هذا الضعف. فقد شهدنا في الأشهر الأخيرة تأسيس العديد من التطبيقات الجديدة التي جمعت ملايين الدولارات من الاستثمارات.
حتى أن مؤسس Hinge، جاستن ماكلويد، استقال من منصبه كرئيس تنفيذي لتأسيس منصة مواعدة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
“روبوت، روبوت، اجعل لي تطابقًا”
من وسطاء الزواج التقليديين إلى مواقع المواعدة والتطبيقات، لطالما كانت هناك محاولات لحل نفس المشكلة: مساعدة الأشخاص في العثور على الشريك المناسب. الآن، ترى الشركات أن الذكاء الاصطناعي يمكنه القيام بذلك بشكل أفضل من أي وقت مضى. يرى ريك هيتزمان، المؤسس المشارك لشركة رأس المال الاستثماري FirstMark، أن الذكاء الاصطناعي مناسب تمامًا لهذا المجال، حيث يمكنه أتمتة دور الوسيط.
تركز الشركات الكبرى على تحسين خوارزميات المطابقة الخاصة بها، مع إطلاق Bumble منتجًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي العام المقبل. كما تستخدم هذه الشركات الذكاء الاصطناعي في إنشاء الملفات الشخصية والمغازلة وضمان السلامة، بهدف تسريع عملية المطابقة.
Tinder، على سبيل المثال، يجري اختبار ميزة “Chemistry” التي تقدم للمستخدمين “قطرة يومية” من التطابقات المثالية بناءً على صورهم وإجاباتهم على سلسلة من الأسئلة. تهدف هذه الميزة إلى التركيز على القيم المشتركة بدلاً من المظهر الخارجي، وتقليل الحاجة إلى التصفح اللانهائي الذي كان يميز التطبيق.
تؤكد هيلاري باين، نائبة رئيس قسم المنتج في Tinder، أن المطابقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي هي وسيلة للبقاء في المنافسة في عصر اقتصاد الانتباه. حتى Grindr، الذي كان يُنظر إليه تقليديًا على أنه منصة للعلاقات العابرة، يحاول الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من خلال إضافة ميزة توصية.
الجيل القادم من تطبيقات المواعدة
هناك مجموعة من الشركات الناشئة الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتسعى إلى جذب المستخدمين غير الراضين عن التطبيقات الحالية. تعتمد هذه التطبيقات على نماذج أعمال مختلفة، مثل تقديم عدد محدود من التطابقات المدفوعة مقابل رسوم أعلى. كما
