تخطط شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، لرفع أسعار أجهزة الواقع الافتراضي الخاصة بها، وذلك في محاولة لإعادة هيكلة نموذج أعمالها وضمان الاستدامة على المدى الطويل في سوق الواقع الافتراضي المتنامي. جاء هذا الإعلان في مذكرة داخلية سربتها صحيفة بزنس إنسايدر، حيث أشار المسؤولون التنفيذيون إلى الحاجة إلى تعديل استراتيجية التسعير لمواجهة التكاليف المتزايدة والتغيرات في ديناميكيات السوق. ويأتي هذا التطور في وقت تواجه فيه ميتا ضغوطًا متزايدة لتحقيق الربحية في قسم الواقع الافتراضي.
أكد غابرييل أول ورايان كيرنز، قادة قسم الواقع الافتراضي في ميتا، في المذكرة التي تم مشاركتها مع الموظفين في الرابع من ديسمبر، أن الشركة يجب أن “تحدث تحولاً” في نموذج أعمالها. يشمل هذا التحول زيادة الأسعار، ومراعاة التكاليف الجديدة مثل الرسوم الجمركية، وإطالة دورة استبدال الأجهزة الموجودة في السوق. لم ترد ميتا بعد على طلب للتعليق من بزنس إنسايدر.
تحديات الاستدامة في سوق الواقع الافتراضي
تأتي خطوة ميتا لرفع الأسعار بعد فترة من الاستثمارات الضخمة في تقنيات الواقع الافتراضي والميتافيرس، والتي لم تحقق بعد عوائد مالية كبيرة. تشير التقارير إلى أن قسم Reality Labs التابع لشركة ميتا خسر أكثر من 60 مليار دولار منذ عام 2021، عندما قامت الشركة بتغيير علامتها التجارية لتعكس تركيزها المتزايد على هذه التقنيات. على الرغم من ذلك، فقد باعت ميتا ما يقرب من 20 مليون جهاز Quest حتى عام 2023، وفقًا لتقرير داخلي سابق نشره موقع The Verge.
تعتبر سماعة الرأس الرئيسية للشركة، Meta Quest 3، معروضة حاليًا بسعر 499.99 دولارًا أمريكيًا، بينما يبدأ سعر الطراز الأقل تكلفة من 299.99 دولارًا أمريكيًا. تهدف ميتا من خلال رفع الأسعار إلى تحسين هوامش الربح وتعزيز الاستدامة المالية لقسم الواقع الافتراضي.
تأجيل إطلاق نظارات الواقع المختلط “Phoenix”
بالتزامن مع إعلان رفع الأسعار، أعلنت ميتا عن تأجيل إطلاق نظارات الواقع المختلط الجديدة التي تحمل الاسم الرمزي “Phoenix” من النصف الثاني من عام 2026 إلى النصف الأول من عام 2027. يأتي هذا التأجيل كجزء من مراجعة استراتيجية أوسع نطاقًا تهدف إلى التركيز على تطوير برامج عالية الجودة وتوسيع نطاق الوصول إلى الأجهزة الحالية.
أكد أول وكيرنز في المذكرة على أهمية تقديم تجارب برمجية متميزة تتناسب مع “التميز” الذي تتمتع به أجهزة ميتا. وأضافا أن هذا قد يعني إطلاق أجهزة جديدة بوتيرة أبطأ في المستقبل.
التركيز على البرمجيات وتوسيع نطاق الوصول
تتضمن خطة ميتا الجديدة ثلاثة محاور رئيسية: بناء نموذج أعمال مستدام لقسم الواقع الافتراضي على المدى الطويل، وتطوير تجارب برمجية “على مستوى عالمي”، وتسريع وتيرة الابتكار في مجال الأجهزة المحمولة. تهدف الشركة إلى تحقيق التوازن بين الاستثمار في الأجهزة الجديدة وتحسين البرامج والتطبيقات التي تعزز تجربة المستخدم.
أكد المسؤولون التنفيذيون للموظفين أن ميتا لا تزال ملتزمة بتقنية الواقع الافتراضي على المدى الطويل. جاء هذا التأكيد في أعقاب تقارير عن خطط لخفض الميزانية بنسبة تصل إلى 30٪ في قسم Reality Labs.
تدرك ميتا أن النجاح في سوق الواقع الافتراضي يتطلب أكثر من مجرد أجهزة متطورة. يتطلب أيضًا نظامًا بيئيًا قويًا من البرامج والتطبيقات والمحتوى الذي يجذب المستخدمين ويحافظ على تفاعلهم.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه ميتا تحديات تتعلق بالتكاليف، بما في ذلك الرسوم الجمركية والإعانات المقدمة للمحتوى والتسويق. تهدف الشركة إلى معالجة هذه التحديات من خلال تحسين الكفاءة التشغيلية وإعادة تقييم استراتيجيات التسعير.
تعتبر تقنية الواقع الافتراضي من التقنيات الناشئة التي لديها القدرة على إحداث ثورة في العديد من الصناعات، بما في ذلك الألعاب والتعليم والرعاية الصحية. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض العوائق التي تحول دون اعتمادها على نطاق واسع، مثل ارتفاع التكاليف ونقص المحتوى المقنع.
من المتوقع أن تشهد ميتا مزيدًا من التغييرات في استراتيجيتها المتعلقة بالواقع الافتراضي في الأشهر المقبلة. سيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة الشركة للمنافسة المتزايدة في السوق وكيفية تطويرها لمنتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات المستخدمين. كما سيكون من المهم متابعة التطورات المتعلقة بنظارات الواقع المختلط “Phoenix” وتحديد موعد إطلاقها النهائي.
في الختام، يمثل قرار ميتا برفع أسعار أجهزة الواقع الافتراضي خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة المالية في هذا المجال. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لضمان نجاح الشركة على المدى الطويل.
