انخفضت الأسواق الأمريكية يوم الأربعاء، في حركة يعزى بشكل كبير إلى تراجع أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، مسجلةً بذلك الخسارة الرابعة على التوالي. هذا الانخفاض أثار تساؤلات جديدة حول مدى تبرير التقييمات المرتفعة لهذه الشركات، وقدرتها على تحقيق عوائد مجدية في المستقبل القريب.

تراجع حاد في أداء الأسواق وقيادة أسهم الذكاء الاصطناعي للانخفاض

شهد مؤشر S&P 500 انخفاضًا بنسبة 1.2%، وهو أسوأ أداء له في حوالي شهر، على الرغم من بقائه قريبًا من أعلى مستوياته على الإطلاق التي سجلها الأسبوع الماضي. كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 228 نقطة، أو 0.5%، بينما هوى مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.8%.

على الرغم من أن عدد الأسهم الرابحة داخل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تفوق عدد الخاسرة، إلا أن الأداء السلبي لشركات الذكاء الاصطناعي كان له تأثير كبير على المؤشر العام. الأداء الضعيف لم يشمل شركات التكنولوجيا الكبرى فحسب، بل امتد أيضاً ليشمل شركات الطاقة التي كانت قد شهدت ارتفاعاً سابقاً هذا العام بفضل التوقعات بارتفاع الطلب من مراكز البيانات التي تستهلك كميات هائلة من الكهرباء لتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

الشركات المتأثرة و المخاوف المتزايدة

تراوح انخفاض أسهم شركات الذكاء الاصطناعي بين 3.8% و 7.1%. Broadcom تراجعت بنسبة 4.5%، و Oracle بنسبة 5.4%، بينما شهدت CoreWeave أكبر خسارة بنسبة 7.1%. Nvidia، شركة الرقائق التي أصبحت محور اهتمام وول ستريت نظرًا لحجمها السوقي الضخم، انخفض سهمها بنسبة 3.8% وكان له التأثير الأكبر على مؤشر S&P 500.

تتزايد المخاوف بشأن الديون التي تتكبدها بعض الشركات لتمويل استثماراتها في الذكاء الاصطناعي. كما يراقب المستثمرون عن كثب ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في هذا المجال ستؤدي إلى زيادة الإنتاجية والأرباح بما يبرر ارتفاع أسعار الأسهم. إذ تشير الدلائل إلى أن العائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لم يظهر بعد بشكل كامل في نتائج الشركات.

قطاعات أخرى تتأثر: الطاقة و العقارات

بالإضافة إلى شركات الذكاء الاصطناعي، تأثرت قطاعات أخرى بهذا الانخفاض. سهم كونستيليشن إنيرجي انخفض بنسبة 6.7%، مما يشير إلى تغير في توقعات الطلب على الطاقة المرتبطة بمراكز البيانات. يُعزى هذا إلى زيادة الشكوك حول سرعة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي و بالتالي الاحتياجات الفعلية من الطاقة.

في قطاع العقارات، انخفض سهم لينار بنسبة 4.5% بعد صدور تقرير أرباح مخيب للآمال. على الرغم من تجاوز إيرادات الشركة للتوقعات، إلا أن أرباحها كانت أضعف من المتوقع، مما أدى إلى تقديم الشركة لتوقعات متحفظة لأدائها المالي المستقبلي. و صرح الرئيس التنفيذي ستيوارت ميلر بأن الظروف لا تزال صعبة، وأن العملاء أكثر حذرًا ويبحثون عن خصومات و خيارات أوسع بأسعار معقولة.

ارتفاع أسعار النفط و تأثيره على السوق

على الرغم من الضغوطات السلبية على معظم القطاعات، شهدت أسهم شركات النفط ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعة بأمر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض حظر على جميع ناقلات النفط المتجهة إلى فنزويلا. أدى هذا التصعيد في التوترات مع فنزويلا، التي تمتلك احتياطيات نفطية ضخمة، إلى ارتفاع سعر برميل الخام الأمريكي القياسي بنسبة 1.2% ليصل إلى 55.94 دولارًا، بعد انخفاضه إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021 في اليوم السابق.

كما ارتفع خام برنت، المعيار الدولي، بنسبة 1.3% ليصل إلى 59.68 دولارًا للبرميل. و استفادت شركات مثل كونوكو فيليبس و ديفون إنرجي وإكسون موبيل من هذا الارتفاع، حيث ارتفعت أسهمها بنسب متفاوتة. هذا الارتفاع في أسعار النفط ساهم في تخفيف بعض الخسائر في السوق بشكل عام.

توقعات مستقبلية و رؤى المحللين

تشير نتائج استطلاع حديث أجرته UBS إلى أن 17% فقط من الشركات الكبيرة نسبيًا تحقق بالفعل إنتاجًا واسع النطاق من خلال مشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. و يرى محللو UBS أن هذا قد يكون “تذكيرًا للمستثمرين في قطاع التكنولوجيا بأن يكونوا يقظين بشأن النمو المحتمل لإيرادات عام 2026 من منتجات الذكاء الاصطناعي”، على الرغم من استمرار وتيرة الابتكار.

في الوقت نفسه، يراقب المستثمرون عن كثب تقرير التضخم الأمريكي المقرر صدوره يوم الخميس، والذي من المتوقع أن يقدم نظرة ثاقبة حول الوضع الاقتصادي الحالي وتأثيره على أسعار الفائدة والأسواق بشكل عام.

الخلاصة و نظرة على الأداء العام

شهدت الأسواق الأمريكية يومًا سلبيًا، بسبب تراجع أسهم الذكاء الاصطناعي وتزايد المخاوف بشأن تبرير التقييمات المرتفعة والديون المتراكمة. على الرغم من صعود أسهم شركات النفط، لم يكن ذلك كافيًا لتعويض الخسائر في القطاعات الأخرى. يتعين على المستثمرين متابعة التطورات الاقتصادية والبيانات المتعلقة بأداء شركات الذكاء الاصطناعي عن كثب لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. هل نشهد استقرارًا في الأيام القادمة أم استمرارًا في هذا الاتجاه الهبوطي؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

(AP كاتب الأعمال إيلين كورتنباخ ساهم في هذا التقرير)

شاركها.