أيدت المحكمة العليا في ولاية ديلاوير قرارًا مثيرًا للجدل بإعادة صحة حزمة التعويضات البالغة 55.8 مليار دولار التي مُنحت لإيلون ماسك من شركة تسلا في عام 2018. يأتي هذا الحكم بعد أن ألغت محكمة الاستئناف في ديلاوير في وقت سابق من هذا العام الحزمة، إثر دعوى قضائية رفعها مساهم في تسلا تحدى تلك الصفقة الضخمة المرتبطة بتحقيق الشركة أهداف نمو محددة. هذا القرار له تداعيات كبيرة على مستقبل حوكمة الشركات وعلى موقع ديلاوير كمركز رئيسي لتأسيس الشركات.

أصدرت المحكمة العليا في ديلاوير حكمها يوم الجمعة، وأكدت أن إلغاء حزمة تعويضات ماسك لعام 2018 سيكون “غير عادل” بالنظر إلى الفترة الزمنية التي قضاها ماسك في العمل مع الشركة. وأوضحت المحكمة أن هذا الإجراء يشبه “الغاء اتفاق” و يجب أن يتم فقط في الحالات التي يكون فيها الإلغاء مبرراً بشكل واضح.

أثر قرار المحكمة العليا على حزمة تعويضات إيلون ماسك في تسلا

في العام الماضي، قضت القاضية كاثلين ماكورميك في محكمة الاستئناف في ديلاوير بإبطال حزمة التعويضات، معتبرةً أن ماسك كان يسيطر على عملية الموافقة عليها. لكن المحكمة العليا وجدت أن إجراءات الموافقة كانت كافية، متجاهلة بذلك مزاعم تضارب المصالح التي طرحها المدعون. هذا يعني أن ماسك سيحصل الآن على التعويضات المتفق عليها، والتي تعتبر واحدة من أكبر حزم تعويضات المديرين التنفيذيين في التاريخ.

وتزامن هذا الحكم مع موافقة المساهمين مؤخرًا على حزمة تعويضات أكبر لإيلون ماسك تصل إلى تريليون دولار، بشرط تحقيق تسلا المزيد من أهداف المبيعات والنمو، مثل نشر مليون روبوت سيارة أجرة للاستخدام التجاري. لم تصدر تسلا ردًا فوريًا على طلب للتعليق على مصير الحزمة الجديدة بعد استعادة صلاحية حزمة 2018. بالإضافة إلى ذلك، تثير هذه القضية أسئلة حول معايير تقييم تعويضات المديرين التنفيذيين وكيفية حماية مصالح المساهمين.

انتقادات ماسك لولاية ديلاوير

أثار قرار منع حصوله على حزمة التعويضات الأصلية انتقادات حادة من ماسك للولاية. فقد صرح عبر منصة X (تويتر سابقًا) في أغسطس 2023 أن “الشركات يجب أن تخرج من ديلاوير”. وبالفعل قام بنقل شركتي تسلا وسبيس إكس من ديلاوير إلى تكساس في نفس العام.

هجرة الشركات من ديلاوير إلى ولايات أخرى

لا تعتبر تسلا وسبيس إكس الوحيدتين اللتين فكرتا في تغيير مكان تأسيسهما. شهدت ديلاوير في الآونة الأخيرة هجرة لعدد من الشركات الكبرى بسبب سلسلة من الأحكام القضائية التي أثارت مخاوف بشأن الحماية القانونية. ومن بين هذه الشركات فيرمونت Andreessen Horowitz، التي أعلنت في يوليو 2024 أنها ستعيد تسجيل أعمالها الرئيسية AH Capital Management في ولاية نيفادا بسبب “عدم اليقين القانوني”.

هذا التحول تزامن مع خروج شركات أخرى مثل Dropbox وTripadvisor من ديلاوير. ويشير هذا الاتجاه إلى قلق متزايد بين الشركات التكنولوجية الكبرى بشأن البيئة القانونية في ديلاوير، ودعوات للمزيد من التجديد في قوانين الشركات. قرار مثل هذا قد يؤدي إلى إضعاف مكانة ديلاوير كمركز رئيسي لتأسيس الشركات.

تعتمد ولاية ديلاوير بشكل كبير على الإيرادات المتأتية من الشركات المسجلة لديها. فقد بلغ عدد الشركات المسجلة في ديلاوير أكثر من 2.1 مليون شركة في عام 2024، مما يعني أن أي خروج كبير للشركات قد يلحق ضررًا جسيمًا باقتصاد الولاية.

ومع ذلك، صرحت شاروني باتيباندا-سانشيز، وزيرة خارجية ديلاوير، لصحيفة بزنس إنسايدر أن المسؤولين لا يكترثون لـ “الخطاب السياسي” حول هذا الموضوع. وأكدت أن “ديلاوير لا تزال المكان الأمثل لتأسيس الشركات”، وأنها لا تعتقد أن موقعها الرائد في حوكمة الشركات مهدد بشكل كبير. وأضافت أن الولايات الأخرى تتنافس دائمًا للحصول على حصة من هذا السوق، وهذا أمر طبيعي.

من المرجح أن يستمر النقاش حول حوكمة الشركات، وتعويضات المديرين التنفيذيين، وموقع تأسيس الشركات. ويجب على الشركات تقييم هذه التطورات بعناية واتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة مستثمريها وموظفيها. سيتعين على المحاكم والمشرعين في ديلاوير الاستجابة لهذه المخاوف من أجل الحفاظ على جاذبيتها كمركز للشركات. خلال الأشهر القليلة القادمة، سيكون من المهم مراقبة ما إذا كانت المزيد من الشركات ستتبع هذا الاتجاه وتختار ولايات أخرى لتأسيس أعمالها، وكيف ستتطور قوانين الشركات في ديلاوير استجابة لهذه الضغوط.

شاركها.