تخطط شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، لخفض الميزانيات وإجراء تسريح للعمال المحتمل في قسمها المعني بـ **الميتافيرس**، وذلك في إطار إعادة هيكلة شاملة. يأتي هذا التحول بعد سنوات من الاستثمار المكثف في هذا المجال الذي لم يحقق بعد العائدات المتوقعة، مع تزايد التركيز على الذكاء الاصطناعي.

وبحسب مصدر مطلع على الأمر، فإن ميتا تفكر في خفض الميزانيات بنسبة تصل إلى 30% داخل قسم الواقع المختبري (Reality Labs)، وهو القسم المسؤول عن تطوير منصات الفضاء الافتراضي مثل Horizon Worlds. قد يؤثر هذا الخفض على عدد من الموظفين العاملين في هذه المشاريع.

إعادة توجيه استثمارات ميتافيرس

يأتي هذا الإعلان في أعقاب اجتماع عقده مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مع كبار المسؤولين التنفيذيين في مقر إقامته في هاواي الشهر الماضي، لمناقشة الاستراتيجية والخطط للعام المقبل. أكدت ميتا أنها تعيد توجيه بعض استثماراتها من الميتافيرس نحو تطوير النظارات الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، وذلك في ظل الزخم المتزايد الذي تشهده هذه التقنيات.

صرح متحدث باسم ميتا بأن الشركة لا تخطط لأي تغييرات واسعة النطاق بخلاف هذا التحول في الاستثمارات. ومع ذلك، يواجه الموظفون حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت تخفيضات التكاليف المخطط لها ستؤدي في النهاية إلى تسريح العمال أم لا. تشير التقارير الداخلية إلى أن المديرين يبلغون الموظفين بأن معظم التخفيضات ستأتي من النفقات التشغيلية، بما في ذلك المدفوعات التي تقدمها ميتا لاستوديوهات الطرف الثالث لتطوير الألعاب لمنصة Horizon Worlds.

خسائر متراكمة وتكاليف الذكاء الاصطناعي

تأتي هذه الخطوة بعد أن تكبد قسم الواقع المختبري خسائر تجاوزت 60 مليار دولار منذ عام 2020. بالتزامن مع ذلك، تزيد ميتا من إنفاقها على الذكاء الاصطناعي في سباق متزايد التنافسية والتكلفة.

تشير تقديرات المحللين في TD Cowen إلى أن خفض الميزانية بنسبة 30% قد يترجم إلى تخفيض في التكاليف بقيمة تتراوح بين 4 و 6 مليارات دولار لقسم الواقع المختبري بحلول عام 2026. ويرى محللو BNP Paribas أن هذه التخفيضات قد ترفع من تقديرات أرباحهم لعام 2027 بنسبة تصل إلى رقم واحد مرتفع، بل وقد تزيد عن ذلك إذا قامت ميتا بتخفيض الإنفاق في بقية الشركة.

يعكس هذا التحول استعداد ميتا للانسحاب من بعض طموحاتها في مجال الميتافيرس من أجل التركيز على الفرص المتاحة في مجال الذكاء الاصطناعي على المدى القصير. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يفتقرون إلى الوضوح بشأن حجم الإنفاق النهائي الذي ستقوم به ميتا على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

وقد انعكس هذا التوجه إيجابًا على أسهم ميتا، حيث ارتفع سعر السهم بنسبة تصل إلى 4% صباح الخميس، مما أضاف 69 مليار دولار إلى القيمة السوقية للشركة، ليصل إجمالي قيمتها إلى 1.68 تريليون دولار. يعتبر هذا الارتفاع بمثابة تصويت بالثقة من المستثمرين في استراتيجية الشركة الجديدة.

تغييرات تنظيمية مستمرة

ليست هذه هي المرة الأولى التي تعيد فيها ميتا تنظيم قسم الميتافيرس. في أكتوبر الماضي، عينت الشركة غابرييل أول وريان كيرنز لقيادة جهود الميتافيرس بشكل مشترك. كما أعلنت ميتا عن انتقال فيشال شاه، الذي قاد مبادرات الميتافيرس للشركة على مدى السنوات الأربع الماضية، إلى مختبرات ميتا للذكاء الاصطناعي الفائق. وفي الأسبوع الماضي، أعلنت ميتا عن تعيين آلان داي، وهو خبير في تصميم شركة آبل، لقيادة استوديو إبداعي جديد في قسم الواقع المختبري.

وفي أبريل الماضي، قامت ميتا بتسريح عدد غير محدد من موظفي قسم الواقع المختبري كجزء من عملية إعادة هيكلة أوسع. شملت التسريحات فريق Oculus Studios، وهو قسم تطوير الألعاب الداخلي لسماعات رأس Quest، بالإضافة إلى الفريق المسؤول عن تطبيق Supernatural للياقة البدنية بالواقع الافتراضي الذي استحوذت عليه ميتا مقابل أكثر من 400 مليون دولار.

وصف أندرو بوسورث، كبير مسؤولي التكنولوجيا في ميتا، هذا العام بأنه “الأكثر أهمية” لإثبات ما إذا كانت الميتافيرس إنجازًا رائدًا أم “مغامرة خاطئة أسطورية”. وأكد على ضرورة زيادة المبيعات والاحتفاظ بالعملاء وزيادة التفاعل، خاصة في مجال الواقع المختلط. كما شدد على أهمية نجاح Horizon Worlds على الأجهزة المحمولة لتحقيق خطط الشركة طويلة الأجل.

من المتوقع أن تستمر ميتا في تقييم أداء قسم الواقع المختبري وتعديل استراتيجيتها وفقًا لذلك. سيكون من المهم مراقبة التقدم المحرز في تطوير النظارات الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، بالإضافة إلى تأثير تخفيضات الميزانية على مشاريع الميتافيرس الحالية والمستقبلية. كما يجب متابعة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على استثمارات ميتا وأولوياتها.

شاركها.