يشهد العالم إقبالًا متزايدًا من قبل الشركات على مبادرات الذكاء الاصطناعي (AI) الضخمة والمكلفة. ويرى الخبراء أن جزءًا كبيرًا من هذا التوجه يعود إلى الدور الذي يلعبه سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، في الترويج لهذه التقنية وإقناع المستثمرين والقيادات التنفيذية بإمكاناتها. هذا التحول في الاستثمار يثير تساؤلات حول مدى استعداد التكنولوجيا لمواكبة التوقعات الطموحة.
صرح سبنسر سكييتس، الرئيس التنفيذي لشركة Amplitude المتخصصة في التحليلات، بأن ألتمان يعتبر “أفضل بائع في هذا الجيل بلا منازع”. وأضاف سكييتس، في مقابلة مع بودكاست “Lightcone”، أن ألتمان نجح في صياغة رؤية طموحة للذكاء الاصطناعي وحشد الدعم لها من مختلف الأطراف.
تأثير سام ألتمان على استثمارات الذكاء الاصطناعي
وفقًا لسكييتس، فإن جهود ألتمان التسويقية أدت إلى ضخ استثمارات تقدر بـ 1.5 تريليون دولار في مجال الذكاء الاصطناعي هذا العام، في حين أن الإيرادات الفعلية المقابلة لهذه الاستثمارات لا تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات. وهذا يعني أن حجم الاستثمار يتفوق على الإيرادات بحوالي 100 ضعف، وهو ما يصفه سكييتس بأنه “أمر مذهل”.
وأشار سكييتس إلى أن بول جراهام، المؤسس المشارك لشركة Y Combinator، عبّر عن هذه القدرة على الإقناع بشكل أفضل من خلال وصف ألتمان بأنه شخص يمتلك “قوة إرادة تجعله يحصل على ما يريد”.
لم يكن سكييتس الوحيد الذي أعرب عن إعجابه بقدرات ألتمان. فقد صرح آرون ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة Box، بأنه يعتبر ألتمان من بين “أكثر المؤسسين طموحًا”. في المقابل، أشار جويل ميلن، الرئيس التنفيذي لشركة AutoUnify، إلى السرعة الهائلة التي تعمل بها OpenAI.
وجهات نظر متباينة حول قيادة ألتمان
على الرغم من الإشادة الواسعة، إلا أن هناك من ينتقد أسلوب ألتمان. إيلون ماسك، الذي كان في السابق صديقًا لألتمان، غالبًا ما يوجه له انتقادات لاذعة. كما أعرب أليكسيس أوهانيان عن قلقه بشأن طلب ألتمان في منتصف العقد الماضي السماح لـ OpenAI بمسح بيانات Reddit.
ومع ذلك، يؤكد سكييتس أن التكنولوجيا نفسها لا تزال في مرحلة اللحاق بالركب مع التوقعات العالية التي أثارها ألتمان. فالرغبة في تحقيق هذه الإمكانات كبيرة، لكن القدرات التقنية الفعلية قد لا تكون جاهزة بعد.
في شركة Amplitude نفسها، واجه سكييتس بعض المقاومة من المهندسين الذين اعتبروا في البداية أن تبني الذكاء الاصطناعي هو نوع من “الاحتيال”. لكن هذا الموقف بدأ يتغير العام الماضي بعد أن أدركوا الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي في مجال تحليلات البيانات.
ولإقناع المهندسين المتشككين، قام سكييتس وقادة آخرون في Amplitude باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Cursor بأنفسهم، ثم عرضوا نتائجها على بقية الفريق كمثال. ويؤكد سكييتس على أهمية “القيادة من الأمام” في هذا السياق.
هذا التوجه نحو الذكاء الاصطناعي ليس مقتصرًا على الشركات الناشئة أو شركات التكنولوجيا الكبرى. فالعديد من المؤسسات في مختلف القطاعات تستكشف الآن إمكانات هذه التقنية لتحسين الكفاءة واتخاذ القرارات بشكل أفضل. وتشمل المجالات الواعدة للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التحليلات، مجالات مثل الرعاية الصحية والتمويل والتصنيع. كما أن هناك اهتمامًا متزايدًا بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني (cybersecurity) والتعليم.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يتزايد بشكل كبير، مما يعكس الثقة المتزايدة في إمكاناته. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى، وأن هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن تحقق كامل إمكاناتها.
من المتوقع أن يشهد العام القادم المزيد من التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تحسين أداء النماذج الحالية وتطوير تطبيقات جديدة. وستشمل المجالات التي يجب مراقبتها بشكل خاص، تنظيم الذكاء الاصطناعي، وتطوير معايير أخلاقية لاستخدامه، ومعالجة المخاوف المتعلقة بالتحيز والتمييز. كما أن تطور البنية التحتية اللازمة لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي سيكون أمرًا بالغ الأهمية.
