أثار انقطاع التيار الكهربائي الذي شهدته مدينة سان فرانسيسكو في نهاية الأسبوع الماضي تساؤلات جدية حول جاهزية السيارات ذاتية القيادة للتعامل مع الظروف غير المتوقعة في العالم الحقيقي. فقد أدى هذا الانقطاع إلى توقف العديد من سيارات Waymo، وهي الشركة الرائدة في مجال تكنولوجيا القيادة الذاتية، في الشوارع والأزقة، مما تسبب في عرقلة حركة المرور وإثارة القلق بين السكان. يشير هذا الحادث إلى أن التحديات التي تواجه هذه التكنولوجيا لا تزال كبيرة، خاصةً فيما يتعلق بالاعتمادية والسلامة في حالات الطوارئ.
انقطاع التيار الكهربائي يكشف عن نقاط ضعف في أداء سيارات Waymo ذاتية القيادة
شهدت سان فرانسيسكو يوم السبت انقطاعًا واسع النطاق للتيار الكهربائي، أثر على حوالي 130 ألف منزل وشركة، أي ما يقارب ثلث عملاء شركة باسيفيك للغاز والكهرباء. وقد تزامن هذا الانقطاع مع حريق في محطة كهرباء فرعية. خلال فترة الانقطاع، بدأ مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في مشاركة مقاطع فيديو تظهر سيارات Waymo وهي تتوقف بشكل غير متوقع عند إشارات المرور المعطلة، وفي بعض الحالات، في منتصف التقاطعات، مما أجبر السائقين الآخرين على تغيير مسارهم لتجنب الاصطدام.
كما أبلغ سكان محليون، مثل تايلر سيرفيني من منطقة ميشن، عن تجمع عدة سيارات Waymo في التقاطعات بسبب إشارات المرور غير العاملة. وأشار سيرفيني إلى أنه اضطر إلى طلب سيارة أجرة تقليدية للوصول إلى المطار بسبب تعطل القطارات، وواجه صعوبة في تجاوز سيارات Waymo المتوقفة.
استجابة Waymo والانتقادات الموجهة لها
بمجرد بدء المشكلة، أعلنت Waymo عن تعليق مؤقت لخدمة سياراتها الآلية. وقالت الشركة في بيان رسمي أن سياراتها مصممة للتعامل مع إشارات المرور المعطلة كتقاطعات توقف، إلا أن حجم الانقطاع كان استثنائياً. وأضافت Waymo أنها قامت بالتنسيق الوثيق مع المسؤولين في سان فرانسيسكو لإعادة المركبات إلى أماكن آمنة، إما إلى المستودعات أو إيقافها في أماكن مناسبة.
القيادة الذاتية والتحديات التقنية التي تواجهها، أصبحت محور انتقادات متزايدة. يرى خبراء في هذا المجال أن المشكلة لا تتعلق بعطل برمجي في السيارات نفسها، بل بـ “فشل في الإدارة التشغيلية”. فالشركة لم تكن مستعدة للتعامل مع العدد الكبير من السيارات التي احتاجت إلى مساعدة في وقت واحد. واقترح الخبراء أنه كان ينبغي على Waymo تعليق الخدمة بشكل أسرع بمجرد ظهور المشاكل. فقد يُشكل وجود آلاف السيارات المتوقفة في الشوارع خطرًا كبيرًا، خاصةً في حالات الطوارئ مثل الزلازل أو الحرائق.
مخاوف متزايدة بشأن سلامة سيارات الأجرة الروبوتية
هذا الحادث ليس الأول من نوعه. فمنذ إطلاق خدمة سيارات الأجرة الروبوتية في سان فرانسيسكو، وتحديداً منذ حصول Waymo على الموافقة التجارية في أغسطس 2023، وردت تقارير عديدة عن توقف مفاجئ وغير مبرر لهذه السيارات في الشوارع، الأمر الذي أثار قلق مسؤولي المدينة.
يشير هذا إلى أن تكنولوجيا المركبات ذاتية التحكم لا تزال تحتاج إلى مزيد من التطوير والتحسين، خاصةً فيما يتعلق بالقدرة على التكيف مع الظروف البيئية والمواقف المرورية غير المتوقعة. كما أن هناك حاجة إلى تطوير بروتوكولات استجابة أكثر فعالية للتعامل مع مثل هذه الحالات.
ردود فعل من النقابات ومسؤولي كاليفورنيا
أعربت نقابة Teamsters California عن قلقها العميق حيال هذا الوضع، ووصفته بأنه “تحذير واضح” من أن نشر المركبات ذاتية القيادة على نطاق واسع لا يزال سابقاً لأوانه وخطيرًا. وأشارت النقابة إلى أن كاليفورنيا معرضة للكثير من الكوارث الطبيعية، مثل انقطاع التيار الكهربائي وحرائق الغابات والفيضانات والزلازل، وهو ما يتطلب تقييمًا دقيقًا للمخاطر المحتملة قبل السماح لهذه السيارات بالعمل بشكل كامل.
وفي الوقت نفسه، تدرس ولاية كاليفورنيا حاليًا إمكانية توسيع نطاق الموافقات لتشمل الشاحنات والمركبات ذاتية القيادة للخدمة الشاقة التي تحمل ما يصل إلى 15 راكبًا. ولكن هذه الخطوة تواجه معارضة قوية من النقابات التي تمثل سائقي الشاحنات، خشية فقدان وظائفهم.
الخلاصة: مستقبل القيادة الذاتية يتطلب تقييمًا مستمرًا
إن حوادث مثل تلك التي وقعت في سان فرانسيسكو تذكرنا بأن المركبات ذاتية القيادة ليست مثالية بعد. على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في هذا المجال, إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتطوير، بالإضافة إلى وضع معايير ولوائح صارمة لضمان سلامة هذه التكنولوجيا قبل نشرها على نطاق واسع. يجب على الشركات المصنعة للمركبات ذاتية القيادة أن تكون مستعدة للتعامل مع الظروف غير المتوقعة، وأن تضع خططًا واضحة للاستجابة لحالات الطوارئ، وأن تعمل بشكل وثيق مع السلطات المحلية لضمان سلامة الجميع على الطريق. إن مستقبل القيادة الذاتية يعتمد على تقييم مستمر للمخاطر والفرص، والالتزام بتحسين هذه التكنولوجيا لخدمة المجتمع بأكمله.