في سابقة تاريخية، حققت مهندسة ألمانية مصابة بشلل نصفي حلماً طال انتظاره بالسفر إلى الفضاء، متحديةً بذلك جميع الصعاب. فقد انطلقت ميكايلا بينتهاوس في رحلة صاروخية يوم السبت الماضي، لتصبح أول شخص يستخدم كرسياً متحركاً في الفضاء، وتثبت للعالم أن الإعاقة ليست عائقاً أمام تحقيق الأحلام. هذه القصة الملهمة تجسد التقدم في مجال السياحة الفضائية وإمكانية الوصول إليها لفئات أوسع من الناس.
رحلة تاريخية نحو النجوم
انطلقت بينتهاوس مع ستة ركاب آخرين على متن صاروخ من شركة Blue Origin التابعة لجيف بيزوس من غرب تكساس. هذه الرحلة لم تكن مجرد مغامرة شخصية، بل كانت خطوة مهمة نحو جعل الفضاء متاحاً للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. فقد صرحت بينتهاوس بأنها ضحكت طوال الرحلة التي ارتفعت فيها الكبسولة لأكثر من 105 كيلومترات، وحاولت حتى الانقلاب رأساً على عقب للاستمتاع بتجربة انعدام الوزن بشكل كامل. وصفت التجربة بأنها “أروع تجربة على الإطلاق”، مؤكدةً على أن الشعور بالطفو في الفضاء والنظر إلى الأرض من الأعلى كان لا يُصدق.
تحديات التحضير والتعديلات اللازمة
لم تكن رحلة بينتهاوس إلى الفضاء مهمة سهلة، خاصةً وأنها تعاني من شلل نصفي إثر حادث دراجة جبلية قبل سبع سنوات. لكن Blue Origin أبدت استعداداً كبيراً لتلبية احتياجاتها وتوفير تجربة آمنة وممتعة. وبفضل تصميم كبسولة New Shepard الذي يراعي إمكانية الوصول، لم تكن هناك حاجة لتعديلات كبيرة. ومع ذلك، قامت الشركة بإضافة لوحة نقل خاصة للمساعدة في انتقال بينتهاوس من فتحة الكبسولة إلى مقعدها.
بالإضافة إلى ذلك، قام فريق Blue Origin بوضع سجادة على الأرضية الصحراوية عند موقع الهبوط لتسهيل الوصول إلى الكرسي المتحرك، الذي اضطرت بينتهاوس لتركه خلفها عند الإقلاع. يُذكر أن هانز كونيجسمان، وهو مدير تنفيذي متقاعد من SpaceX وألماني أيضاً، كان جزءاً من الطاقم وساهم في تنظيم الرحلة وتقديم الدعم لبينتهاوس. كما كان هناك مصعد مخصص في منصة الإطلاق لتسهيل صعود الطاقم إلى الكبسولة الواقعة فوق الصاروخ.
تجارب سابقة وإلهام مستقبلي
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تختبر فيها بينتهاوس ظروف انعدام الوزن. ففي عام 2022، شاركت في رحلة طائرة مكافئة من هيوستن كجزء من برنامج تدريب الخريجين التابع لوكالة الفضاء الأوروبية. كما خضعت لمهمة فضائية محاكاة لمدة أسبوعين في بولندا قبل أقل من عامين.
هذه الرحلات السابقة ساهمت في إعدادها بدنياً ونفسياً للتجربة الحقيقية في الفضاء. وقد أعربت بينتهاوس عن أملها في أن تكون رحلتها هذه بمثابة مصدر إلهام للآخرين ذوي الإعاقة، وأن تشجعهم على عدم التخلي عن أحلامهم. وأضافت: “آمل حقًا أن يكون هذا مفتوحًا للأشخاص مثلي، وآمل أن أكون البداية فقط”. وتؤكد Blue Origin على أن هذه الرحلة هي جزء من جهودها لجعل السفر إلى الفضاء متاحاً لجميع المهتمين، بغض النظر عن قدراتهم الجسدية.
رؤية Blue Origin نحو مستقبل شامل للفضاء
تعتبر Blue Origin من الشركات الرائدة في مجال استكشاف الفضاء التجاري. وقد أطلقت الشركة أول رحلة فضائية للركاب في عام 2021، ومنذ ذلك الحين، نقلت 86 شخصًا إلى الفضاء حتى الآن. إلى جانب نقل السياح، تعمل Blue Origin على تطوير مركبات هبوط إلى القمر وصواريخ أكبر وأقوى مثل “نيو جلين” لإرسال بعثات إلى المدار.
وتحرص الشركة على تضمين التنوع والشمول في برامجها، كما يتضح من اختيارها لبينتهاوس ولرائد الفضاء الاحتياطي جون ماكفول، وهو مبتور الأطراف، للمشاركة في رحلات مستقبلية إلى محطة الفضاء الدولية. هذا التوجه يعكس رؤية Blue Origin نحو مستقبل يكون فيه الفضاء متاحًا للجميع، بغض النظر عن خلفياتهم أو قدراتهم.
تأثير هذه الرحلة على مفهوم الوصول إلى الفضاء
رحلة ميكايلا بينتهاوس تمثل تحولاً كبيراً في مفهوم الوصول إلى الفضاء. فبدلاً من أن يكون حكراً على رواد الفضاء المحترفين والأصحاء، يصبح الفضاء وجهة ممكنة للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستكشاف والبحث العلمي. كما أن هذه الرحلة تسلط الضوء على أهمية تصميم المعدات والبرامج الفضائية بطريقة تراعي احتياجات الجميع، وتضمن إمكانية المشاركة الفعالة في هذه الأنشطة.
في الختام، يمكن القول إن رحلة ميكايلا بينتهاوس إلى الفضاء لم تكن مجرد إنجاز شخصي لها، بل كانت بمثابة إشارة أمل وتحدٍ للجميع. إنها تؤكد على أن الحدود الحقيقية ليست في قدراتنا الجسدية، بل في طموحاتنا وأحلامنا. ندعوكم لمشاركة هذه القصة الملهمة وتشجيع الآخرين على متابعة أحلامهم، مهما بدت مستحيلة. ويمكنكم متابعة المزيد من أخبار واستكشافات Blue Origin على موقعهم الرسمي.
