في الآونة الأخيرة، تصدر اسم رجل الأعمال والمستثمر الشهير راي داليو عناوين الأخبار بانضمامه إلى قائمة المليارديرات الذين يدعمون خطة الرئيس دونالد ترامب الجديدة التي تهدف إلى منح ألف دولار لكل طفل يولد في الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث القادمة. هذه المبادرة، التي أصبحت تعرف على نطاق واسع باسم “حسابات ترامب” (Trump Accounts)، تثير جدلاً واسعًا حول تأثيرها المحتمل على المساواة الاقتصادية ومستقبل الجيل القادم. هذا المقال سيتناول تفاصيل هذه الخطة، ودوافع الداعمين لها، والانتقادات الموجهة إليها، بالإضافة إلى نظرة على التمويل المقترح.
## خطة “حسابات ترامب”: تفاصيل الدعم الملياري
تهدف خطة الرئيس ترامب إلى إيداع مبلغ 1000 دولار في حسابات توفير للأطفال حديثي الولادة، مع إمكانية إضافة خمسة آلاف دولار أخرى سنويًا من قبل آخرين دون فرض ضرائب. سيتم الاحتفاظ بالوصاية على هذه الحسابات من قبل الوالدين حتى بلوغ الطفل 18 عامًا، مما يتيح لهم إدارة الأموال واستثمارها نيابة عن أطفالهم. من المقرر أن تبدأ هذه المبادرة رسميًا في الرابع من يوليو عام 2026، مما يمنح العائلات الوقت للاستعداد وفتح الحسابات.
راي داليو، مؤسس شركة Bridgewater Associates، وزوجته باربرا، أعلنا عن تبرعهما بمبلغ 250 دولارًا لحوالي 300 ألف طفل في ولاية كونيتيكت، بشرط ألا يتجاوز دخل الأسرة المتوسط 150 ألف دولار. وأكد داليو في بيان صحفي على أهمية تكافؤ الفرص، معتبرًا هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تحقيق هذا الهدف. وأضاف أن تجربته الشخصية في الاستثمار المبكر في سوق الأسهم غيّرت حياته، وأن توفير هذه الفرصة للأطفال يمكن أن يمنحهم رؤى مبكرة حول الثقافة المالية ويسهم في استقلالهم المالي.
## شركات كبرى تنضم إلى جهود التمويل
لم يكن داليو وحده في دعم هذه الخطة الطموحة. أعلنت شركة BlackRock، إحدى أكبر شركات إدارة الأصول في العالم، عن تقديم “مساهمة مطابقة” لموظفيها الأمريكيين، بحيث تساهم بنفس المبلغ الذي يساهم به الموظف في حسابات أطفالهم، بحد أقصى 1000 دولار.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت العديد من الشركات الأخرى عن التزامها بالمساهمة في حسابات أطفال موظفيها، بما في ذلك شركة Goldman Sachs، وشركة Nvidia، وشركة الخدمات المالية BNY. تقود جهود التمويل هذه مبادرة Invest America، وهي برنامج فدرالي برعاية براد جيرستنر، الرئيس التنفيذي لشركة Altimeter Capital. هذا الدعم من القطاع الخاص يُظهر اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في مستقبل الجيل القادم، والبحث عن آليات جديدة لتعزيز الاستقرار المالي للأسر.
## تبرعات ضخمة ومخالفة في الرأي: ردود الفعل على الخطة
تأتي تبرعات داليو و BlackRock في أعقاب التزام كبير من مايكل وسوزان ديل، اللذين تعهدا بإيداع 250 دولارًا في حسابات 25 مليون طفل أمريكي، أي ما يعادل حوالي 6.25 مليار دولار. من الجدير بالذكر أن هذه المبالغ سيتم إيداعها تلقائيًا في حسابات الأطفال المؤهلين بمجرد فتحهم لحساب “ترامب”.
ولكن، لم يشارك جميع المليارديرات في هذا الدعم. عبر إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة Tesla، عن رأي مختلف تمامًا. في رد له على منشور لراي داليو عبر منصة X، أكد ماسك أن تبرع عائلة ديل هو “بادرة لطيفة”، إلا أنه يعتقد أن الفقر لن يكون له وجود في المستقبل وأن الحاجة إلى توفير المال ستختفي بسبب “الدخل المرتفع الشامل”. ويستند ماسك في هذا الرأي إلى رؤيته بأن التطور التكنولوجي، وخاصةً روبوتات Tesla Optimus، سيلغي الفقر تمامًا.
## مستقبل خطة “حسابات ترامب” وأثرها الاقتصادي
تظل خطة “حسابات ترامب” مثارًا للجدل. فبينما يراها البعض فرصة لتعزيز المساواة الاقتصادية وتنمية الثقافة المالية لدى الأطفال، يرى آخرون أنها مجرد بادرة شعبوية لا تعالج الأسباب الجذرية للفقر. بالإضافة إلى ذلك، هناك تساؤلات حول كيفية ضمان الوصول العادل إلى هذه الحسابات لجميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
لا شك أن هذه الخطة، إذا نجحت في تحقيق أهدافها، يمكن أن يكون لها أثر اقتصادي كبير على المدى الطويل. فمن خلال توفير رأس مال صغير للأطفال في سن مبكرة، يمكن أن تساعدهم في تحقيق أهدافهم التعليمية والمهنية، وبالتالي زيادة إنتاجيتهم ومساهمتهم في الاقتصاد الوطني. هذا بالإضافة إلى تعزيز الثقة بالنفس والاعتماد على الذات لدى الجيل القادم. ومع ذلك، يبقى تقييم الأثر الفعلي لهذه المبادرة رهنًا بتنفيذها الفعال ومراقبة نتائجها على أرض الواقع. هنية المسألة تكمن أيضًا في إيجاد آليات استثمارية آمنة وموثوقة لضمان نمو هذه الأموال على المدى الطويل، وفي توفير برامج تعليمية مرافقة لتعليم الأطفال كيفية إدارة أموالهم بحكمة. الاستدامة المالية لهذه المبادرة هي محور أساسي لنجاحها.
