في خطوة مفاجئة، اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بتخفيف بعض القيود الفيدرالية المفروضة على الماريجوانا، مما أثار موجة من التفاؤل في الأوساط التجارية والطبية المتعلقة بهذه النبتة. وقع الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا يوم الخميس الماضي، يهدف إلى إعادة تصنيف الماريجوانا لتكون من الجدول الثالث للمواد الخاضعة للرقابة، وهو ما يضعها على قدم المساواة مع أدوية مثل الكيتامين والستيرويدات الابتنائية.
إعادة تصنيف الماريجوانا: ما الذي يعنيه هذا؟
يأتي هذا القرار بعد ضغوط متزايدة من مختلف الأطراف، بما في ذلك مجموعات الضغط والمناصرين، وكذلك من أفراد يعانون من حالات طبية مؤلمة. وأكد ترامب خلال مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي، بحضور عدد من الأطباء، قائلاً: “لدينا أشخاص يتوسلون إليّ للقيام بذلك، أشخاص يعانون من آلام شديدة”.
ويشير إعادة التصنيف إلى تغيير كبير في الطريقة التي تنظر بها الحكومة الفيدرالية إلى الماريجوانا. فوفقًا لوكالة إنفاذ المخدرات الأمريكية (DEA)، تعتبر المواد من الجدول الأول ذات “لا فائدة طبية مقبولة حاليًا وإمكانية إساءة استخدام عالية”. أما المواد من الجدول الثالث، فتقوم بـ “إمكانية الاعتماد الجسدي والنفسي المعتدلة إلى المنخفضة”. هذا التحول يعني أن الباحثين سيواجهون صعوبة أقل في دراسة التأثيرات الطبية المحتملة للماريجوانا.
فوائد طبية محتملة وتأثير على صناعة الأدوية
لطالما كانت الفوائد الطبية للماريجوانا موضوع جدل، لكن هناك أدلة متزايدة تشير إلى فعاليتها في علاج مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك الألم المزمن، وبعض أشكال الصرع، والغثيان الناتج عن العلاج الكيميائي. ويعتبر ترامب أن الماريجوانا يمكن أن تكون بمثابة “بديل لوصفات الأفيون المسكنة للألم والإدمانية والتي قد تكون قاتلة”.
قد يؤدي هذا الإجراء أيضًا إلى تخفيف الأعباء الضريبية على الشركات العاملة في مجال الماريجوانا في الولايات التي قامت بالفعل بتشريعها. حاليًا، تخضع هذه الشركات لقيود ضريبية صارمة بموجب القانون الفيدرالي، مما يعيق نموها وتوسعها. وتهدف هذه الخطوة إلى دعم الاستثمار في القنب وفتح آفاق جديدة للشركات العاملة في هذا المجال.
صعود أسهم القنب بعد القرار
أثارت الشائعات الأولية حول هذا القرار صعودًا في أسهم شركات القنب الأسبوع الماضي، واستمر هذا الاتجاه التصاعدي بعد الإعلان الرسمي. شهدت أسهم شركات كبرى مثل Tilray Brands ارتفاعًا بنسبة 6٪، بينما ارتفعت أسهم Aurora Cannabis بنسبة 9٪، وقفزت أسهم Canopy Growth Corporation بنسبة 11٪.
وعلى الرغم من أن هذه الأسهم تعتبر صغيرة نسبيًا وعرضة للتقلبات السعرية، إلا أن توقيع أمر تنفيذي يعتبر محفزًا إيجابيًا للغاية للصناعة. يشير الارتفاع في الأسهم إلى ثقة المستثمرين في مستقبل سوق القنب، وتوقعهم بزيادة الإيرادات والأرباح.
موقف ترامب المتغير من الماريجوانا
يعكس هذا التحول في موقف ترامب تطورًا ملحوظًا مقارنة بمسيرته الأولى. ففي حين أنه لم يكن معارضًا صريحًا للماريجوانا في البداية، إلا أنه كان مترددًا في اتخاذ أي خطوات لتشريعها على المستوى الفيدرالي. ومع ذلك، خلال حملته الانتخابية في عام 2024، أشار ترامب إلى أنه سيتخذ نهجًا أكثر ودية تجاه الماريجوانا.
وقد صرح ترامب بأنه سيدعم مقترحًا في فلوريدا يهدف إلى تقنين الماريجوانا للاستخدام الترفيهي، على الرغم من أن المقترح لم يحقق النصاب القانوني المطلوب (60٪) وفاز بـ 56٪ فقط من الأصوات. كما أكد دعمه لإصدار قوانين تسهل على شركات الماريجوانا ممارسة أعمالها. وأضاف ترامب قائلاً: “لقد وعدت بأن أكون الرئيس الذي يتمتع بالحس السليم، وهذا بالتحديد ما نقوم به.”
تحديات مستقبلية وآفاق واعدة
على الرغم من أن هذا القرار يمثل خطوة مهمة إلى الأمام، إلا أنه لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه صناعة الماريجوانا. فالقانون الفيدرالي لا يزال يعتبر الماريجوانا مادة غير قانونية، مما يعيق قدرة الشركات على الوصول إلى الخدمات المصرفية والتمويل. كما أن هناك حاجة إلى المزيد من البحوث والدراسات لفهم التأثيرات الطبية طويلة الأجل للماريجوانا.
ومع ذلك، فإن مستقبل صناعة الماريجوانا يبدو واعدًا، خاصة مع تزايد عدد الولايات التي تقوم بتشريعها للاستخدام الطبي والترفيهي. وبإعادة تصنيف الماريجوانا إلى الجدول الثالث، قد تفتح الحكومة الفيدرالية الباب أمام المزيد من الإصلاحات في المستقبل القريب، مما قد يؤدي إلى ازدهار صناعة القنب الطبية. كما أن هذا القرار يعزز من فرص النمو والابتكار في هذا القطاع الحيوي.
