في بعض الأحيان، يكون ما لا يقوله الرئيس هو الأكثر دلالة. وتحديداً، كان غياب إيلون ماسك وسيارات تسلا عن قمة السيارات الكهربائية في البيت الأبيض في مايو 2021 بمثابة تجاهل له تداعيات كبيرة. عندما سُئلت ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة جنرال موتورز، عن رأيها في هذه الحلقة في ذلك الوقت، قالت إنها لم تفكر كثيرًا في هذا التجاهل، حتى مع تلقي شركتها الكثير من الثناء لقيادتها ثورة السيارات الكهربائية.
اعترافات ماري بارا: تصحيح المسار بشأن تسلا وإيلون ماسك
في حديثها يوم الأربعاء في قمة “ديل بوك” التي تنظمها صحيفة نيويورك تايمز، كشفت بارا عن محادثة خاصة أجرتها مع الرئيس آنذاك، جو بايدن، لتوضيح الأمر. “كان يثني عليّ، فأخبرته: ‘في الواقع، أعتقد أن الكثير من هذا الفضل يعود لإيلون وتسلا’،” قالت بارا. “كما تعرفني يا أندرو، لا أريد أن أحظى بفضل أشياء لا أستحقها.” هذا التوضيح يلقي الضوء على ديناميكيات معقدة كانت تتشكل خلف الكواليس في خضم الترويج لـ السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
هذا التجاهل لشركة تسلا ساهم في اتساع الشقة بين الرئيس بايدن وإيلون ماسك، الذي انحاز لاحقًا إلى دونالد ترامب في حملته الانتخابية، وقدم له المشورة بشكل كبير في بداية ولايته الثانية. الأحداث المتعاقبة تظهر بوضوح كيف يمكن لموقف واحد، يبدو بسيطًا، أن يكون له تأثير عميق على العلاقات السياسية وتوجهات الصناعة.
رد فعل إيلون ماسك: غضب علني وتأكيد على ريادة تسلا
لم يخفِ إيلون ماسك غضبه من حصول جنرال موتورز على الفضل على حساب تسلا. فقد غرد في ديسمبر 2021 قائلاً: “دعونا لا ننسى أن البيت الأبيض تجاهل تسلا، واستبعدنا من قمة السيارات الكهربائية، ومنح جنرال موتورز الفضل في ‘قيادة ثورة السيارات الكهربائية’ في نفس الربع الذي سلمت فيه 26 سيارة كهربائية (ليس خطأ مطبعيًا) بينما سلمت تسلا 300 ألف سيارة.”
هذا التصريح يبرز الفجوة الكبيرة في الإنتاج والتسليم بين الشركتين، ويؤكد على ريادة تسلا في سوق المركبات الكهربائية. كما يسلط الضوء على استياء ماسك من عدم الاعتراف بجهود تسلا في تطوير هذه التكنولوجيا وتعزيز اعتمادها على نطاق واسع.
كامالا هاريس تعترف بالخطأ: اعتراف متأخر بأهمية تسلا
حتى كامالا هاريس، نائبة الرئيس بايدن ولاحقًا المرشحة الرئاسية الديمقراطية، اعترفت لاحقًا بأن عدم دعوة إيلون ماسك كان “خطأ”. وكتبت في كتابها عن حملة 2024: “إذا كنت تدعو كبار مصنعي السيارات الكهربائية في البلاد، ولم يكن اللاعب الأكبر في هذا المجال موجودًا، فهذا ببساطة لا معنى له.” وتابعت: “لم يسامحه ماسك أبدًا.”
هذا الاعتراف المتأخر يؤكد أهمية تسلا في صناعة تكنولوجيا السيارات، ويدل على أن البيت الأبيض أدرك لاحقًا قيمة وجود ماسك في الحوار حول مستقبل النقل. كما يوضح كيف يمكن أن تؤدي الأخطاء الدبلوماسية إلى عواقب سياسية طويلة الأمد.
الأبعاد الأوسع: الدور النقابي في دعم بايدن
الخلاف يعود جزئيًا إلى العلاقة الوثيقة التي يتمتع بها الرئيس بايدن مع النقابات العمالية، مثل “الاتحاد العمالي لصناعة السيارات” (UAW)، والتي لعبت دورًا حاسمًا في فوزه الانتخابي. وبالنظر إلى أن تسلا لم تكن وقتها نقابية، ربما كانت هناك رغبة سياسية في إعطاء الأولوية للشركات التي تتوافق مع أجندة بايدن العمالية.
الدروس المستفادة: أهمية الشمولية والاعتراف بالجهود
تُظهر هذه القصة أهمية الشمولية والاعتراف بجهود جميع اللاعبين الرئيسيين في أي صناعة، وخاصةً في مجال سريع التطور مثل الطاقة المستدامة. فقد تسببت محاولة إقصاء شركة رائدة مثل تسلا في إثارة الغضب والجدل، وربما أضاعت فرصًا للتعاون والابتكار.
علاوة على ذلك، تسلط هذه الأحداث الضوء على التأثير المتزايد لقادة الصناعة على السياسة، والعلاقات المعقدة التي تتشكل بين الحكومة والقطاع الخاص. فمن الواضح أن قرارات مثل دعوة أو عدم دعوة إيلون ماسك إلى قمة السيارات الكهربائية يمكن أن يكون لها تداعيات بعيدة المدى.
في الختام، تظل قصة “تجاهل تسلا” بمثابة تذكير بأن السياسة والأعمال غالبًا ما تتشابك، وأن قرارات بسيطة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسار التطور السيارات الكهربائية والمستقبل ككل. يثير هذا الأمر تساؤلات حول كيفية قياس النجاح في قطاع التكنولوجيا، وأهمية بناء علاقات تعاونية مع جميع الأطراف المعنية، بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو التنظيمية.
