في مبادرة طموحة تهدف إلى “إعادة إشعال الروح الأمريكية”، ومن المقرر إطلاقها بالتزامن مع احتفالات الذكرى الـ 250 لتأسيس الولايات المتحدة، تتلقى هذه الجهود دعماً مالياً كبيراً من الملياردير وصاحب النفوذ السياسي المحافظ تشارلز كوتش. وقد كشفت مصادر داخلية في Business Insider عن تفاصيل هذه المبادرة المثيرة للاهتمام.
مبادرة “كونوا الشعب”: رؤية جديدة للوحدة الوطنية
تُعرف المبادرة الجديدة باسم “Be the People” (كونوا الشعب)، وقد استقطبت نخبة من خبراء التسويق والإعلان، بالإضافة إلى دعم “Stand Together” (قف معاً)، وهي مؤسسة خيرية أسسها كوتش عام 2003. يقود هذه المبادرة أندرو إسيكس، الرئيس التنفيذي المؤسس لوكالة الإبداع Droga5، وهو شخصية بارزة في عالم الإعلام والإعلان.
وصف المنظمون مبادرة “Be the People” للمهتمين بأنها جهود غير حزبية تهدف إلى توحيد الأمريكيين، وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة على الخطط الأخيرة. وتأتي هذه المبادرة بشكل منفصل عن “America250” (أمريكا 250)، وهي الاحتفالات الرسمية التي تخطط لها لجنة مشتركة بين الحزبين، بمشاركة الرئيس دونالد ترامب.
حملة ترويجية ضخمة واستقطاب شخصيات مؤثرة
وفقاً لوثيقة عرض تسربت من مبادرة “Be the People” وتعود إلى شهر أكتوبر، اطلعت عليها Business Insider، فإن الحملة تعتمد على ستة خبراء بارزين في مجال التسويق كمستشارين. ويشمل هؤلاء: جون هايز (من American Express سابقاً)، وجيم ستينجل (من Procter & Gamble سابقاً)، ومايك جاكسون (من General Motors سابقاً)، وتاريق حسن (من McDonald’s)، وجيل باسكين (من Hershey سابقاً)، وريمي كينت (من Progressive سابقاً).
تستند المبادرة إلى بيانات تشير إلى الانقسام السياسي المتزايد في المجتمع الأمريكي، وفي الوقت نفسه، إلى استعداد واسع النطاق للتغيير. وتدعو الوثيقة إلى إطلاق حملة ترويجية ضخمة بقيمة 250 مليون دولار، وهو مبلغ مماثل لحملات الترويج للأفلام الضخمة، بهدف تشجيع المواطنين على التطوع وتقديم الدعم للقضايا الاجتماعية مثل مكافحة الجوع. كما تهدف الحملة إلى إنشاء منصة رقمية تمكن الأفراد من العثور على المنظمات الخيرية التي تتوافق مع اهتماماتهم.
تؤكد الوثيقة على سعي المبادرة إلى بناء تحالف “آمن للعلامة التجارية وغير حزبي”. وكشفت عن إجراء محادثات مع حوالي 24 شركة ومؤسسة رائدة، بما في ذلك Starbucks و JPMorgan Chase و Habitat for Humanity، للحصول على دعمهم. بالإضافة إلى ذلك، تسعى “Be the People” إلى الاستعانة بشخصيات ثقافية بارزة لتعزيز رسالتها. وتضم قائمة الشخصيات المقترحة حوالي 80 اسماً لامعاً من مختلف المجالات، بما في ذلك أوبرا وينفري، وبريت باير (من Fox News)، وخبير السعادة آرثر بروكس، والمستثمر الملياردير مارك كوبان. ومع ذلك، لم يتضح من الوثيقة من وافق على المشاركة ومن هم الداعمون المحتملون. وقد أكد مارك كوبان وآرثر بروكس مشاركتهما، بينما ذكر ممثلون عن أوبرا وينفري وبريت باير أنهم غير مدركين للمبادرة.
دعم “Stand Together” وتكامل الجهود مع “America250”
أفاد متحدث باسم “Stand Together” أن المبادرة تهدف إلى دعم المشاركة المدنية المستمرة التي تبدأ مع الذكرى الـ 250 لتأسيس أمريكا وتمتد إلى ما بعد ذلك. وأوضح أن “Stand Together” هي إحدى الجهات الممولة العديدة التي تعمل على بناء تحالف من القادة والشركاء، ورفض الكشف عن أسماء الجهات الممولة الأخرى. وأشار المتحدث إلى أن وثيقة العرض هي مجرد مفهوم طموح مبدئي، وأن الأنشطة والتحالف لا يزالان قيد التشكل.
تأتي مبادرة “Be the People” في أعقاب طرح الاحتفالات الرسمية بالذكرى الـ 250 لتأسيس الولايات المتحدة، “America250″، والتي تم تقديمها أيضاً على أنها جهود غير حزبية. ومع ذلك، أشارت تقارير في Wall Street Journal وغيرها من وسائل الإعلام إلى أن ترامب كان يسعى إلى وضع حلفائه ومساعديه في مناصب قيادية في التخطيط للاحتفالات. وقد واجهت “America250” انتقادات من بعض المشرعين، مثل النائبة بوني واتسون كولمان، والدعاة التاريخيين، مثل المؤرخ جوناثان ألتر، الذين اتهموا ترامب بتحويل الاحتفالات الرسمية إلى منصة للترويج لنفسه.
في المقابل، أكد متحدث باسم “America250” أن الاحتفالات هي جهد مشترك بين الحزبين يهدف إلى إشراك جميع الأمريكيين من خلال “برامج قائمة على القيم، وأكبر تجمع مؤيد في الكونجرس على الإطلاق، وشراكات تاريخية بين القطاعين العام والخاص”.
خلفية الممولين: كوتش والتوتر مع إدارة ترامب
يُعد كل من تشارلز وشقيقه ديفيد كوتش (الذي توفي عام 2019) من الشخصيات المؤثرة في السياسة الجمهورية والحركة المحافظة الحديثة. وعلى الرغم من دعمهم التقليدي للمرشحين الجمهوريين، إلا أن علاقتهما بترامب كانت متوترة في بعض الأحيان. ففي عام 2024، أيد شبكة كوتش السياسية المرشحة نيكي هيلي. وفي أبريل الماضي، رفعت منظمة New Civil Liberties Alliance، التي تمولها Charles Koch، دعوى قضائية ضد ترامب بشأن الرسوم الجمركية على الواردات. وقد نجح ترامب في نقل القضية إلى محكمة التجارة الدولية، حيث يتم النظر في قضايا مماثلة. ولا تزال القضية قيد الإجراءات القانونية.
إن مبادرة “Be the People” تمثل محاولة جديدة لإعادة إحياء الروح الأمريكية من خلال التركيز على الوحدة الوطنية والخدمة المجتمعية. وبينما تثير دوافع الممولين بعض التساؤلات، فإن الهدف المعلن للمبادرة هو تجاوز الانقسامات السياسية وتعزيز التضامن بين المواطنين. من المرجح أن تثير هذه المبادرة نقاشاً واسعاً حول مستقبل العمل التطوعي و المشاركة المدنية في الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب الذكرى الـ 250 لتأسيس البلاد.
