مع اقتراب إدارة الرئيس دونالد ترامب من إصدار أمر تنفيذي بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي، يسعى كبير مستشاريها في هذا المجال إلى تبديد المخاوف المتعلقة بخطط “الإعفاء التنظيمي” للذكاء الاصطناعي (AI preemption). في منشور مطول على منصة X (تويتر سابقًا) يوم الاثنين، أوضح ديفيد ساكس، المسؤول عن ملفي الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض، أن الأمر التنفيذي القادم يهدف إلى تحديد نطاق السلطة القضائية في هذا الشأن، وليس فرض قيود شاملة. هذا الموضوع، الإعفاء التنظيمي للذكاء الاصطناعي، أثار جدلاً واسعًا حتى داخل دائرة مؤيدي ترامب.
ما هو الإعفاء التنظيمي للذكاء الاصطناعي؟
يشير الإعفاء التنظيمي للذكاء الاصطناعي إلى فكرة أن القوانين الفيدرالية يجب أن تتفوق على قوانين الولايات المختلفة فيما يتعلق بتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي. تجادل الإدارة بأن السماح لكل ولاية بوضع قوانينها الخاصة سيؤدي إلى تعقيد كبير، وارتفاع التكاليف على الشركات، وبالتالي إعاقة قدرة الولايات المتحدة على المنافسة مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. الهدف هو إنشاء مجموعة موحدة من القواعد التي يمكن للشركات الالتزام بها على مستوى البلاد.
المخاوف الرئيسية التي تناولها ساكس
حاول ساكس معالجة أربعة مخاوف رئيسية أطلق عليها “الـ 4Cs” وهي: سلامة الأطفال، والمجتمعات المحلية، والمبدعين، والرقابة. وأكد أن هذه المخاوف قد تم فهمها بشكل خاطئ في سياق الإعفاء التنظيمي.
سلامة الأطفال والمحتوى الضار
أوضح ساكس أن القوانين الحالية للولايات التي تهدف إلى حماية الأطفال من المحتوى الضار عبر الإنترنت، مثل المواد المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال، لن تتأثر بالأمر التنفيذي. فالإعفاء التنظيمي، بحسب قوله، لن يطبق على “القوانين العامة للولايات”.
تأثير الإعفاء التنظيمي على المجتمعات المحلية
أحد أكبر المخاوف التي أثيرت يتعلق بتأثير ذلك على المجتمعات المحلية، خاصة فيما يتعلق بمراكز البيانات الضخمة التي تتطلب كميات هائلة من المياه والطاقة. لكن ساكس شدد على أن الإعفاء التنظيمي للذكاء الاصطناعي لا علاقة له بتراخيص أو قيود على إنشاء هذه المراكز. “الإعفاء التنظيمي لن يطبق على البنية التحتية المحلية. هذه قضية منفصلة تمامًا”، كتب ساكس. “باختصار، الإعفاء التنظيمي لن يجبر المجتمعات على استضافة مراكز بيانات لا تريدها.”
حماية حقوق المبدعين
كما تطرق ساكس إلى مخاوف المبدعين بشأن استخدام أعمالهم المحمية بحقوق الطبع والنشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن هذه القضية تتطلب دراسة متأنية، وأن الإدارة ملتزمة بإيجاد حلول تحمي حقوق الملكية الفكرية.
معالجة مسألة الرقابة
أخيرًا، تناول ساكس المخاوف المتعلقة بالرقابة المحتملة على المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي. وأكد أن الإدارة لا تسعى إلى فرض أي قيود على حرية التعبير، وأن الأمر التنفيذي يهدف فقط إلى توضيح السلطة التنظيمية.
ردود الفعل على تصريحات ساكس
على الرغم من محاولات ساكس لتهدئة المخاوف، إلا أن ردود الفعل كانت متباينة. عبر النائب الجمهوري وارن دافيدسون من ولاية أوهايو عن رأيه قائلاً: “إطار عمل جيد”، لكنه أضاف: “يجب أن يكون هذا قانونًا، وليس أمرًا تنفيذيًا.” وهذا يعكس قلق بعض الجمهوريين من أن استخدام أمر تنفيذي قد يكون تجاوزًا لسلطة الرئيس، وأن الحل الأمثل يكمن في تشريع من الكونجرس.
مساعي الإدارة نحو إطار عمل فيدرالي
يبدو أن الإدارة تدرك أهمية التوصل إلى حل تشريعي. أشار ساكس في منشوراته إلى أن الإدارة ستواصل العمل مع الكونجرس لتحديد إطار عمل فيدرالي شامل يمكن سنه من خلال القانون. ومع ذلك، فإن هذا الإطار قد يستغرق وقتًا طويلاً للاتفاق عليه والموافقة عليه، مما دفع الإدارة إلى المضي قدمًا في الأمر التنفيذي كوسيلة مؤقتة لتوضيح الوضع.
الذكاء الاصطناعي والتنافسية العالمية
يكمن الدافع الرئيسي وراء هذه الجهود في الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كقوة رائدة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي. تخشى الإدارة من أن القوانين المتضاربة على مستوى الولايات ستزيد من تكاليف الامتثال للشركات، وستجعل من الصعب عليها الابتكار والمنافسة مع الشركات الصينية التي تتمتع بدعم حكومي قوي. إن تبني نهج موحد، بحسب وجهة نظر الإدارة، سيساعد على تسريع وتيرة الابتكار وجذب الاستثمارات في هذا المجال الحيوي.
الخلاصة
إن مسألة الإعفاء التنظيمي للذكاء الاصطناعي معقدة وتثير جدلاً واسعًا. في حين أن الإدارة تسعى إلى تبسيط اللوائح وتعزيز التنافسية، إلا أن هناك مخاوف مشروعة بشأن حماية حقوق الولايات والمجتمعات المحلية والمبدعين. من المرجح أن يستمر النقاش حول هذا الموضوع في الأسابيع والأشهر القادمة، مع انتظار إصدار الأمر التنفيذي وتطور الجهود التشريعية في الكونجرس. من المهم متابعة هذه التطورات لفهم تأثيرها المحتمل على مستقبل الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
