ترك نظام بشار الأسد المنهار في سوريا البلاد واقتصادها في حالة خراب، وحولها إلى وكر للمنظمات الإرهابية والأنشطة غير القانونية، وكالة الأناضول التقارير.
عانت البلاد من النزوح وعدد لا يحصى من الوفيات، في حين ابتليت مخزونها الرأسمالي وأنشطتها الاقتصادية بالحرب الأهلية والعقوبات الدولية، مع انخفاض إنتاج البلاد وتجارتها الخارجية وعائدات النقد الأجنبي. كما زعزعت مؤشراتها الاقتصادية وأرصدة ميزانيتها وأسعار صرفها.
وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في سوريا قد انخفض إلى النصف في الفترة 2010-2020، وارتفع اعتماد البلاد على السلع المستوردة، بما في ذلك المنتجات الغذائية الأساسية، وانهار إنتاجها الصناعي والزراعي المحلي، وفقاً لمصادر مختلفة، مثل البنك الدولي. الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومجلس الذهب العالمي.
وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لسوريا سيبلغ 37.1 مليار دولار في عام 2022، و39.5 مليار دولار في عام 2023، و29.3 مليار دولار في عام 2024 – وهو اختلاف صارخ عن 60 مليار دولار في عام 2010، قبل الحرب الأهلية.
وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد من 2800 دولار في عام 2010 إلى 2100 دولار في عامي 2022 و2023، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر نحو 1600 دولار بحلول نهاية العام.
يقرأ: روسيا تفكك منظومة دفاع جوي في قاعدة حميميم الجوية في سوريا
وفي الوقت نفسه، انخفضت إيرادات النظام المخلوع بنسبة 35% على أساس سنوي بالقيمة الحقيقية في عام 2023 مقابل عام 2022، وبنسبة 85% مقارنة بفترة ما قبل الحرب الأهلية، قبل عام 2010.
إنتاج النفط والصادرات تنخفض
وفي الوقت نفسه، فقدت سوريا، التي كانت ذات يوم أكبر مصدر للنفط في شرق البحر الأبيض المتوسط، موقعها الرئيسي في إنتاج النفط وصادراته نتيجة للاستيلاء على المناطق الغنية بالنفط من قبل قوات غير تابعة للنظام. وانخفض إنتاج سوريا من النفط الذي كان يبلغ 383 ألف برميل يوميا قبل الحرب الأهلية إلى 90 ألف برميل يوميا العام الماضي.
واجهت سوريا عجزًا تجاريًا خارجيًا يتراوح بين 7 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار سنويًا في الفترة من 2007 إلى 2011، لكن التجارة الخارجية للبلاد تراجعت بسرعة مع تحول الاضطرابات التي بدأت في مارس 2011 إلى حرب أهلية شاملة، مما أدى إلى فرض عقوبات دولية، وبالتالي وانخفض حجم التجارة الخارجية للدولة من 29 مليار دولار في عام 2010 إلى 4 مليارات دولار في عام 2023.
واحتلت سوريا العام الماضي المرتبة 176 عالمياً بصادرات بلغت 650 مليون دولار، والمرتبة 163 عالمياً بواردات بلغت 3.4 مليار دولار.
وكانت أهم صادرات البلاد زيت الزيتون، وفوسفات الكالسيوم، والقطن، والبهارات، والخضروات المعلبة، وخردة الحديد الزهر، والفواكه المقشورة، والقمح، بينما كانت وارداتها زيت عباد الشمس، ودقيق القمح، والبترول، والأعلاف الحيوانية، والأرز، والسكر، والأسمنت، والشاي. والكهرباء وحديد البناء.
بلغ عدد سكان سوريا الذي يتزايد بسرعة 22 مليون نسمة في الفترة 1990-2011، وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن عدد السكان يبلغ 18.5 مليون نسمة.
وفي الوقت نفسه، أدت الحرب الأهلية في البلاد إلى خسائر فادحة في فرص العمل، حيث تشير التقديرات إلى أن معدل البطالة قد وصل إلى 57 في المائة.
انخفاض قيمة العملة، وارتفاع التضخم
وانخفضت قيمة الليرة السورية 270 مرة مقابل الدولار الأمريكي في الفترة 2011-2023، مما أدى إلى زيادة التضخم، في حين وصل التضخم إلى 64 في المائة في عام 2022 و141 في المائة في عام 2023. وتشير توقعات التضخم إلى أنه من المقدر أن يصل إلى 95.1 في المائة بحلول النهاية. هذا العام و69.4 بالمئة في 2025.
يقرأ: مسؤولون أمريكيون يحذرون من تهديد “وشيك” بتوغل عسكري تركي جديد في سوريا
اعتادت سوريا أن تكون إحدى الدول البارزة في الشرق الأوسط من حيث احتياطي الذهب والنفط، حيث قدر احتياطي الذهب بـ 25.8 طن في عام 2011، ورغم أن هذا الرقم من المقدر أنه ظل على حاله نسبياً بعد الحرب الأهلية وسقوط النظام، وبحسب ما ورد لا توجد بيانات موثوقة حول احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
وفي الوقت نفسه، تحتل منظمة حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب الإرهابية أكبر حقول النفط والغاز في البلاد. وتشير التقديرات إلى أن المنظمات العاملة في المناطق الغنية بالغاز والنفط، والتي تتركز في الشمال الشرقي، تستخرج ما لا يقل عن 150 ألف برميل يومياً.
على الرغم من قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة على سوريا، والذي فرض عقوبات على الأسد لارتكابه جرائم حرب ضد السوريين في ظل إدارة ترامب الأولى، تفيد التقارير أن حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب باع معظم نفطه الخام والمعالج إلى النظام، ودخله السنوي من وتشير التقديرات إلى أن النفط المباع لنظام الأسد وشمال العراق قد تجاوز 1.2 مليار دولار.
قبل الحرب الأهلية، كانت سوريا واحدة من أكثر الأسواق ديناميكية في الشرق الأوسط، وأدت الخطوات نحو التحول إلى اقتصاد السوق الحر وارتفاع احتياطيات النفط إلى نمو سريع في اقتصاد البلاد، مما خلق فرص عمل للشركات والاستثمارات الأجنبية. حيث أن ازدهار صناعة النفط والغاز ومشاريع البنية التحتية جعل من سوريا سوقاً جذابة، على الرغم من أن الصراع، الذي بدأ في عام 2011، أوقف الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويوجد في سوريا 11 منطقة آمنة، ويمكن للأجانب في هذه المناطق المخصصة تأسيس شركات ومشاريع تتماشى مع الحوافز والإعفاءات الضريبية لمدة خمس سنوات.
الزراعة تضررت بشدة
لكن التراجع في كافة قطاعات سوريا ضرب أيضاً زراعتها، حيث انخفضت الأراضي المزروعة في البلاد بنسبة 25 في المائة، مقارنة بفترة ما قبل الحرب الأهلية. وأفاد البنك الدولي أن حصول المزارعين على البذور والأسمدة والوقود وقطع غيار الآلات، اللازمة لزراعة المحاصيل، أصبح أكثر صعوبة على نحو متزايد، مما أدى إلى تناقص الإنتاج الزراعي.
أصبحت سوريا منتجًا وبائعًا رئيسيًا لمخدر الكبتاجون الذي يسبب الإدمان، وهو الاسم التجاري لمادة فينيثيلين المنشطة النفسية المحظورة، والتي يقال إنها بتأثير حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب. وأفاد البنك الدولي أن تجارة المخدرات قد حققت إيرادات تصل إلى 5.6 مليار دولار في الفترة 2020-2023، في حين يقال إن المتورطين في مبيعات الكبتاجون حققوا أرباحًا بقيمة 1.8 مليار دولار سنويًا.
رأي: هل سيتمكن الثوار السوريون من حماية انتصارهم؟