مقاول أمريكي مثير للجدل يتقدم بعرض لإدارة المساعدات في غزة

كشفت تقارير صحفية عن تقديم شركة مقاولات أمريكية، اشتهرت ببناء مركز احتجاز للمهاجرين في فلوريدا أطلق عليه اسم “ألكاتراز التماسيح”، عرضًا لإدارة تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، بقيمة تقدر بحوالي 1.7 مليار دولار. هذا العرض، الذي تقدمت به شركة “Gotham LLC”، يثير تساؤلات حول طبيعة تدخل الإدارة الأمريكية السابقة في الشأن الإنساني الفلسطيني، ويذكرنا بمشاريع مماثلة شهدتها مناطق الصراع الأخرى مثل العراق وأفغانستان. وتأتي هذه التطورات في ظل جهود مكثفة لإعادة إعمار غزة وتحسين الظروف المعيشية لسكانها.

تفاصيل العرض المثير للجدل

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، كانت لدى شركة “Gotham LLC” “ميزة داخلية” للإشراف على تدفق المساعدات إلى غزة. لكن مالك الشركة، مات ميشيلسن، صرح للصحيفة بأنه قرر الانسحاب من عملية تقديم العروض بعد أن تم الاتصال به بشأن هذه القصة.

ويقود هذه الخطة شابان أمريكيان سياسيان يعملان لصالح فريق يرأسه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والرب الحاخام الأمريكي آرييه لايتستون، الذراع الأيمن لكوشنر في غزة.

الشركة، “Gotham LLC”، لفتت الأنظار في وقت سابق من هذا العام بسبب بناء مركز احتجاز للمهاجرين في منطقة إيفرجليدز بولاية فلوريدا، والذي سُمي بـ “ألكاتراز التماسيح” تشبيهًا بسجن ألكاتراز الشهير المعزول في خليج سان فرانسيسكو.

“ألكاتراز التماسيح”: رمز للظروف القاسية

تم بناء هذا المركز في غضون ثمانية أيام فقط في محمية بيج سيبرس الوطنية في فلوريدا، وهي منطقة محاطة بأراضٍ رطبة تعج بالثعابين والتماسيح. صور المنشأة أظهرت صفوفًا من الأسرة الطابقية محاطة بأسوار من الأسلاك الشائكة، مما أثار انتقادات واسعة النطاق حول الظروف الإنسانية داخل المركز. وفي أغسطس الماضي، أمر قاضٍ فدرالي في ميامي بإغلاق المنشأة.

خطة “المقاول الرئيسي” وتداعياتها المحتملة

يشير تقرير “الغارديان” إلى أن إدارة ترامب كانت تعتمد مرة أخرى على شركات المقاولات الأمريكية الكبيرة، التي تمول نفسها من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، للعب دور في غزة. تذكرنا هذه الخطط بالمشاريع التي حددت تدخل الولايات المتحدة في أماكن مثل العراق وأفغانستان قبل عقدين من الزمن.

تتضمن الخطة وجود “مقاول رئيسي” لتوريد 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية والتجارية إلى غزة يوميًا. ووفقًا للوثائق التي نشرتها “الغارديان”، سيفرض المقاول رسومًا قدرها 2000 دولار لكل شحنة إنسانية و 12000 دولار للشاحنات التجارية. التقرير لا يذكر من سيدفع هذه الرسوم. هذا الجانب تحديدًا يثير قلقًا بالغًا حول الشفافية والمساءلة في إدارة هذه المساعدات.

فريق “Doge” والاعتماد على غير المتخصصين

في الشهر الماضي، أكد آرييه لايتستون أن فريقًا من المسؤولين الأمريكيين يعيشون في تل أبيب ويعملون على خطة لبناء مجمعات سكنية، أطلق عليها اسم “المجتمعات الآمنة البديلة”، في غزة.

لكن اللافت في هذا الفريق أنه لا يضم دبلوماسيين أو مسؤولين في مجال الاستخبارات أو الشؤون الإنسانية، بل أعضاء سابقين في “Doge”، وهو قسم كان يهدف إلى تحسين كفاءة الحكومة في عهد إيلون ماسك. ويقيم هؤلاء المسؤولون في فنادق كيمبينسكي وهيلتون الفاخرة المطلة على شاطئ البحر في تل أبيب، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.

من بين هؤلاء المسؤولين، جوش غرينباوم، وهو معين في إدارة الخدمات العامة الأمريكية، وهي وكالة حكومية فيدرالية تشرف على العقارات والمشتريات ودعم تكنولوجيا المعلومات. كما يضم الفريق آدم هوفمان، وهو خريج جامعة برينستون يبلغ من العمر 25 عامًا، وعمل في “Doge” وكان ناشطًا سابقًا في حركة يهودية أمريكية محافظة. وقد كان هوفمان باحثًا مبتدئًا في مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط والأفريقي في جامعة تل أبيب، وفقًا لسيرته الذاتية على الإنترنت.

سجل “Gotham LLC” والانسحاب المفاجئ

وفقًا للتقرير، حقق مات ميشيلسن، مؤسس “Gotham LLC”، أرباحًا طائلة من العقود الحكومية. واستفادت شركته من العقود التي تم منحها خلال عمليات الإغلاق التي فرضتها الحكومة الأمريكية بسبب جائحة كوفيد-19، وقدمت خدمات لوجستية لعمليات الاحتجاز التي تديرها الدولة.

وفي حديثه إلى “الغارديان”، صرح ميشيلسن أن شركته “لن تشارك” في خطة غزة بعد أن تم الاتصال به بشأن القصة. هذا الانسحاب المفاجئ يثير المزيد من الشكوك حول دوافع الشركة وطبيعة العرض المقدم.

في الختام، يمثل هذا العرض المقدم من شركة “Gotham LLC” لإدارة المساعدات في غزة تطورًا مثيرًا للقلق. الجمع بين سجل الشركة المثير للجدل، والاعتماد على فريق من غير المتخصصين، والغموض المحيط بتمويل الخطة، يثير تساؤلات جدية حول مدى جدية هذه المبادرة وشفافيتها. من الضروري إجراء تحقيق شامل في هذه المسألة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بشكل فعال ومسؤول، وتجنب تكرار الأخطاء التي حدثت في مناطق الصراع الأخرى. هل ستتمكن الجهات المعنية من ضمان الشفافية والمساءلة في إدارة المساعدات الإنسانية لغزة؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه الآن.

الكلمات المفتاحية: غزة، المساعدات الإنسانية، شركة Gotham LLC، ألكاتراز التماسيح، جاريد كوشنر، آرييه لايتستون، إدارة ترامب، إعادة الإعمار.

الكلمات المفتاحية الثانوية: القطاع، الاحتجاز، العقود الحكومية، الولايات المتحدة، الشرق الأوسط.

شاركها.