قطع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الأربعاء، زيارته للسعودية وعاد إلى رام الله بعد أن شنت إسرائيل هجوما واسع النطاق في الضفة الغربية المحتلة.

وصل عباس إلى السعودية اليوم الاثنين في إطار زيارة رسمية لدول الخليج، حيث بحث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حرب إسرائيل على غزة.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أنه قطع زيارته “بسبب تصعيد العدوان الإسرائيلي شمال الضفة الغربية”.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الهجوم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة هو الأكبر منذ عملية “الدرع الواقي” التي نفذتها إسرائيل عام 2003 خلال الانتفاضة الثانية.

وشنت طائرات بدون طيار غارات على جنين وطولكرم وطوباس، فيما فتحت القوات النار على الفلسطينيين على الأرض، ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص على الأقل، من بينهم سبعة في طوباس واثنان في جنين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

نشرة إخبارية جديدة من جريدة الشرق الأوسط: القدس ديسباتش

سجل للحصول على أحدث الرؤى والتحليلات حول
إسرائيل وفلسطين، إلى جانب نشرة Turkey Unpacked وغيرها من نشرات MEE

وقالت مصادر عسكرية لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن الهجوم من المتوقع أن يستمر عدة أيام. وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن أربع كتائب تشارك في الهجوم، بما في ذلك القوات البرية والقوات الجوية.

ومن المرجح أن يؤدي هذا الهجوم إلى مزيد من تآكل شعبية السلطة الفلسطينية، التي وصلت بالفعل إلى أدنى مستوياتها.

التنافس بين حماس وفتح

وتدير السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح جزئيا الضفة الغربية المحتلة، في حين كانت حماس هي القوة الحاكمة بحكم الأمر الواقع في غزة قبل الحرب الحالية.

لقد انخرطت القوتان في تنافس سياسي لعقود من الزمن. فبعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية في عام 2006، اندلعت اشتباكات عنيفة بين أعضاء فتح والجماعة، مما أدى إلى سيطرة حماس الكاملة على قطاع غزة، في حين تشبث محمود عباس، زعيم فتح، البالغ من العمر 88 عاماً، بالسلطة، وسحق المعارضة الداخلية وألغى الانتخابات.

الولايات المتحدة تتدخل مجددا في السياسة الفلسطينية، لكنها تواجه صعوبة في إيجاد موطئ قدم لها

اقرأ المزيد »

ويقول دبلوماسيون ومحللون إن عباس يحتفظ بمجلس استشاري مغلق، ويعتمد على مجموعة صغيرة من التكنوقراط المسنين ورؤساء المخابرات الذين ينتمون إلى حركة فتح، وهي حزب علماني ومنافس رئيسي لحماس، التي تمتد جذورها إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ومنذ الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل، ارتفعت شعبية المجموعة بشكل كبير في الضفة الغربية المحتلة والأردن المجاور.

وتوسطت الصين في اتفاق الوحدة بين حماس وفتح في يوليو/تموز، لكن المحللين والدبلوماسيين الإقليميين يقولون إنه لم تكن هناك سوى مؤشرات ضئيلة على التعاون بين الفصيلين الفلسطينيين.

لماذا السلطة الفلسطينية غير شعبية؟

وتنبع عدم شعبية السلطة الفلسطينية بين الفلسطينيين من الفساد المستشري وعجزها عن منع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة. وينظر العديد من الفلسطينيين إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية باعتبارها أجهزة متعاونة مع إسرائيل.

ومن المرجح أن يفرض الهجوم الإسرائيلي الأخير المزيد من الضغوط على السلطة الفلسطينية، التي أصبحت عاجزة عن وقف التوغلات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المنطقة (أ)، التي أنشئت خلال اتفاقيات أوسلو لتكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بشكل صارم.

الولايات المتحدة تدرس خطة للتنسيق المباشر بين القيادة المركزية وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية

اقرأ المزيد »

وفي الوقت نفسه، دارت مواجهات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول ما إذا كان ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تحكم غزة. وكشف موقع ميدل إيست آي أن بعض المسؤولين الأميركيين يأملون في تعزيز التعاون الأمني ​​القائم مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية حتى تتمكن في نهاية المطاف من حكم غزة.

وتقول السلطة الفلسطينية إنها مسألة وقت فقط قبل أن تعود إلى غزة، على الرغم من أن بعض المحللين يتكهنون بما إذا كان عباس المتقدم في السن يريد تولي حكم القطاع الذي مزقته الحرب.

وتأتي زيارة عباس للسعودية في الوقت الذي تعمل فيه الإمارات العربية المتحدة خلف الكواليس لتشكيل لجنة وطنية من القادة الفلسطينيين ورجال الأعمال الموالين لزعيم فتح السابق المنفي والرجل القوي الفلسطيني محمد دحلان لحكم غزة، بحسب ما أورد موقع ميدل إيست آي. وتأمل الإمارات العربية المتحدة أن يخلف دحلان عباس المتقدم في السن.

ويبدو أن الرياض اتخذت نهجا أكثر تحفظا في التعامل مع هذه القضية مقارنة بالإمارات العربية المتحدة. فقد خففت من حماسها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، قائلة إنها بحاجة إلى رؤية تقدم حقيقي نحو حل الدولتين. وكان وزير الخارجية السعودي صريحا بشكل خاص.

وقال وزير الخارجية فيصل بن فرحان إن “إسرائيل ليس من حقها أن تقرر ما إذا كان الفلسطينيون سيحصلون على حق تقرير المصير أم لا”.

شاركها.