دعاوي لإزالة اسم الرئيس الإسرائيلي السابق حاييم هرتزوغ من حديقة في دبلن تثير جدلاً واسعاً

تشهد مدينة دبلن في أيرلندا جدلاً حاداً حول مقترح بإعادة تسمية حديقة تحمل اسم حاييم هرتزوغ، الرئيس الإسرائيلي السابق والذي نشأ في المدينة. وقد أدى هذا الأمر إلى تصعيد اللهجة بين مؤيدي التغيير الذين يرونه تعبيراً عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وبين معارضيه الذين يعتبرونه اعتداءً على المجتمع اليهودي في أيرلندا. الوضع الحالي يظهر مدى تعقيد التفاعلات الدولية مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حتى في سياقات محلية بعيدة.

تأجيل التصويت وتصريحات إسرائيلية غاضبة

أعلنت مدينة دبلن تأجيل التصويت الذي كان مقرراً يوم الاثنين بشأن إعادة تسمية الحديقة. وجاء هذا التأجيل نتيجة لعدم استكمال اللوائح الجديدة المتعلقة بتغيير أسماء المواقع في المدينة، وضرورة إعادة الموضوع إلى اللجنة المختصة لمراجعته. القرار لم يمر بسلام، إذ سرعان ما وردت ردود فعل قوية من إسرائيل.

ردود فعل إسرائيلية حادة

عبر إسحاق هرتزوغ، نجل حاييم هرتزوغ والرئيس الإسرائيلي الحالي، عن استيائه الشديد من المقترح، واصفاً إياه بأنه “خطوة مخزية وغير معقولة”. من جهته، صعد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر من اللهجة، معتبراً أن أيرلندا أصبحت “عاصمة معاداة السامية” في العالم. هذه التصريحات تشير إلى حساسية الموضوع بالنسبة لإسرائيل وتأثيره على العلاقات الدبلوماسية.

خلفية الجدل حول شخصية حاييم هرتزوغ

يعود هذا الجدل إلى تاريخ حاييم هرتزوغ وأدواره خلال فترة خدمته. يرى مؤيدو إعادة التسمية أن فترة عمله في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وكذلك توليه منصب الحاكم العسكري للضفة الغربية، تجعله شخصية غير مناسبة لتكريمها في مدينة مثل دبلن، التي تتخذ موقفاً داعماً للقضية الفلسطينية. ويؤكدون أن هذا التغيير يمثل تعبيراً عن التضامن مع الفلسطينيين، ويجسد رفضاً للسياسات الإسرائيلية.

موقف الحكومة الأيرلندية والتحذيرات من الانقسام

في المقابل، أعربت الحكومة الأيرلندية عن قلقها العميق من هذا المقترح. وقد ناشد رئيس الوزراء وعدد من كبار الوزراء إلغاءه. نائب رئيس الوزراء سيمون هاريس حذر من أن تغيير اسم الحديقة سيكون “مُقسِماً ومسيئاً للمجتمع اليهودي والتراث اليهودي الأيرلندي”.

دعم أيرلندا للقضية الفلسطينية

تعتبر أيرلندا من أشد المنتقدين للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة داخل الاتحاد الأوروبي. وقد أقرت رسمياً بدولة فلسطين عام 2023، وتسعى حالياً إلى تقييد التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. هذا الموقف يعكس التزام أيرلندا بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

حجم المجتمع اليهودي في أيرلندا وأثر المقترح

وفقًا لتعداد السكان الأيرلندي لعام 2022، يبلغ عدد الأفراد الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم يهود في أيرلندا حوالي 2,000 شخص، وهو ما يمثل انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بأكثر من 5,000 شخص قبل قرن. يثير هذا التراجع مخاوف بشأن مستقبل الحضور اليهودي في البلاد. ويخشى الكثيرون من أن يؤدي تغيير اسم الحديقة إلى تفاقم مشاعر القلق والخوف لدى أفراد المجتمع اليهودي، وربما يدفع المزيد منهم إلى الهجرة. العلاقات الإيرلندية الإسرائيلية قد تتأثر أيضاً سلبياً بهذا القرار.

الجدل حول تغيير أسماء الأماكن في سياق سياسي

يثير هذا الحادث أسئلة أوسع حول مبدأ تغيير أسماء الأماكن العامة، وهل ينبغي أن يكون مرتبطًا بالتقييمات الأخلاقية والسياسية للأفراد الذين كُرموا سابقًا. في حين يرى البعض أن هذا التغيير ضروري للتعبير عن القيم الحديثة والتحرر من الماضي الاستعماري أو الظالم، يرى آخرون أنه سلوك متطرف يقوض التاريخ ويؤدي إلى الانقسام. النقاش هنا لا يقتصر على قضية حاييم هرتزوغ، بل يمتد ليشمل قضايا أخرى تتعلق بالذاكرة الجماعية والهوية الوطنية.

الخلاصة

إن الجدل الدائر حول إعادة تسمية حديقة حاييم هرتزوغ في دبلن هو انعكاس للتحديات المعقدة التي تواجه المجتمعات في التعامل مع القضايا السياسية الحساسة، وخاصةً الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. على الرغم من التأجيل، من المرجح أن يستمر الجدل، مع احتمال عودته إلى جدول أعمال المجلس في المستقبل. من الضروري أن يستمر الحوار الهادئ والمسؤول بين جميع الأطراف المعنية، بهدف إيجاد حل يحترم تاريخ المدينة ويدعم المجتمع اليهودي فيها، مع مراعاة التضامن مع القضية الفلسطينية. هل يمكن دبلن أن تجد طريقاً وسطاً يهدئ من روع الأطراف المتنازعة؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

شاركها.