تصادف هذه الأيام الذكرى الثلاثين لجائزة نوبل للسلام التي مُنحت لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين ووزير خارجيته شيمون بيريز والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، لتوقيعهم اتفاقات أوسلو التي وُصفت حينها بأنها بمثابة اتفاق سلام. “اتفاقية السلام” بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

فماذا بقي من ذلك «السلام»، وهل كان «اتفاق سلام» أصلاً؟ بداية، يجب أن نبدأ بالتذكير بما انتهى إليه محضر الجلسة التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية، وتحديداً يوم 30 آب/أغسطس 1993، والتي صادقت خلالها على اتفاقات أوسلو، التي سميت رسمياً بإعلان المبادئ، والتي وقعتها في واشنطن بتاريخ 1993/8/30. 13 سبتمبر من نفس العام. وكشفت الأرشيفات الرسمية لدولة إسرائيل عن المحضر العام الماضي، وكشف أن إسرائيل لم تنظر إلى هذا الاتفاق كنقطة انطلاق للتخلي عن احتلال أراضي 1967، أو لمنح الفلسطينيين الحق في الحرية وتقرير المصير. والاستقلال.

يقرأ: سموتريتش يسعى لإغلاق مكتب إسرائيل المسؤول عن الضفة الغربية تمهيدا للضم

علاوة على ذلك، فإن كلمة “السلام” لم تعد موجودة في المجال العام الإسرائيلي، حتى قبل أن تتولى الحكومة اليمينية الكاملة الحالية مهامها في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022. وعندما تولت هذه الحكومة السلطة، نشرت في برنامجها أن “الشعب اليهودي لديه الحقوق الحصرية وغير القابلة للجدل” على كامل أراضي إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، وعدت الحكومة بمواصلة الدفع باتجاه اتفاقيات سلام إضافية من أجل “إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”. وهذا يعني، حتى بحسب العديد من القراءات الإسرائيلية، أن نتنياهو يريد إنهاء الصراع، ولكن في الوقت نفسه، يجب على إسرائيل ضم الضفة الغربية، ولن يكون للفلسطينيين أي حقوق وطنية، بما في ذلك في قطاع غزة.

كما أظهر المحضر أن الحكومة امتنعت عن مناقشة أي رؤية سياسية واسعة ومصطلحات سياسية مثل “السيادة الفلسطينية” و”الدولة الفلسطينية”. ونظراً للطبيعة العسكرية للاتفاق، فقد أوكلت صياغته إلى الجيش بعد توقيع المبادئ، وليس إلى وزارة الخارجية. تؤكد مصادر إسرائيلية موثوقة أن الجيش صاغ اتفاقات أوسلو كاتفاقيات عسكرية، تضمن استمرار السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا تهيئ السلطة الفلسطينية للعمل كدولة، في حين يستمر المشروع الاستيطاني في الازدهار، والفلسطينيون في وضع حرج. ولا تزال حرية الحركة محدودة.

وهنا نكرر ما يلي: أولاً، اليمين الإسرائيلي ينفي أن يكون الفلسطينيون أمة، وهذا هو موقفه الثابت. لكن حتى المعارضة والوسط وبقايا اليسار لا تتحدث عن السلام مع الفلسطينيين. بمعنى آخر، المشكلة تكمن في السياسة الإسرائيلية التي تنظر إلى الفلسطينيين كمجموعة رعايا لا حقوق لهم، وليس كشركاء في تشكيل الواقع المستقبلي.

ثانياً، لم يعد مصطلح السلام موجوداً، نظراً للوضع السياسي الذي شهدت فيه إسرائيل نجاحاً غير مسبوق في علاقاتها مع العالم العربي، في أعقاب اتفاقيات إبراهيم، التي كادت تشمل السعودية، عشية عملية طوفان الأقصى.

ثالثاً، في اليوم التالي لكشف محضر موافقة الحكومة الإسرائيلية على اتفاقات أوسلو، هآرتس واعتبرت الصحيفة أن المحضر مثير للاهتمام للغاية فيما يفتقده، إذ تجنب التطرق إلى الاحتلال الإسرائيلي أو حق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال. وبرأي الصحيفة، يتضح من المحضر أن إسرائيل، حتى عندما كانت “الحكومة الأكثر يسارية في تاريخها” في السلطة، لم تكن تنوي الانسحاب من أراضي 1967 وإقامة دولة فلسطينية هناك. كما عارض رابين أي مناقشة بشأن القدس، وشدد وزراء حكومته على أهمية مواصلة سيطرتها على “الأراضي العامة” أو “أراضي الدولة” (أعيدت تسميتها فيما بعد “المنطقة ج”) من أجل الحفاظ على احتياطيات الأراضي للتوسع الاستيطاني. لقد وعد رابين بإقامة سلطة فلسطينية تعمل (من وجهة نظره) كمقاول أمني من الباطن للجيش الإسرائيلي، في محاولة لتقييد صعود حماس، ولا شيء أكثر من ذلك.

لا مزيد من “الصفقات”: ما يريده الفلسطينيون وسيناضلون من أجل تحقيقه

ظهر هذا المقال باللغة العربية في عرب48 في 11 ديسمبر 2024.

الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.


شاركها.