وللأسف فإن الدول الأجنبية (أبرزها بريطانيا وفرنسا) هي التي حددت حدود لبنان الرسمية، ولم يكن للبنانيين رأي في ذلك. وفي هذا الصدد قرأت الكثير من الأبحاث للأكاديمي اللبناني الجنوبي المعروف الدكتور كمال ديب الذي يعمل وينشط حاليا في جامعات كندا، وقبل بحثه قرأت ذلك للأكاديمي الدكتور عصام خليفة، حيث أثبت كلاهما أن الشعب اللبناني عاش وامتلك 14 قرية تحت حكم السلطنة العثمانية (وليس سبع قرى فقط كما يشاع على نطاق واسع) والتي تم ضمها قسراً إلى فلسطين المحتلة بعد انهيار السلطنة عام 1918 وقيامها. الانتداب البريطاني على فلسطين، والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان.
ولم أكن لأتدخل في هذه القضية المطالبة بتحرير القرى الأربع عشرة المحتلة وضمها إلى وطنها الأم لبنان، لو أن الفلسطينيين، أفراداً وجماعات ومؤسسات، طالبوا ويطالبون بذلك لأنه في رأيهم، وهي جزء من فلسطين المحتلة. أما إذا كان لديهم اليوم انطباع بأنها فلسطينية، فهذا يعطيهم دافعاً ومبرراً مشروعاً لمقاومة إسرائيل، بالتعاون مع المقاومة اللبنانية في المنطقة الواقعة جنوب غرب الحدود اللبنانية المواجهة لشمال فلسطين المحتلة.
يقرأ: جنرال في الجيش: لبنان لا يعترف بالخط الأزرق داخل مزارع شبعا المحتلة
وأبرز المستوطنة الصهيونية التي تم زرعها قسراً في القرى اللبنانية المحتلة هي مستعمرة المطلة، وإلى جانبها ثلاث مستوطنات: كفر جلعادي وتل حاي والحمرا. يقول الدكتور كمال ديب إن دولتي الانتداب أرسلتا مهندسين، الفرنسي بوليت والبريطاني نيوكومب، لترسيم حدود لبنان. وفي ترسيمهم للحدود، قطعوا 30 قرية لبنانية وضموها إلى الانتداب البريطاني على فلسطين، وفصلوا وادي الحولة بأكمله عن قضاء مرجعيون اللبناني، وضموه إلى قضاء صفد الفلسطيني المحتل. وهناك سبع قرى هي: المالكية، قداس، النبي يوشع، طربين، هونين، صالحة، ابل القمح والبصة، التي يحرص اللبنانيون على المطالبة بها لأسماء رجالها ونسائها وأطفالها. المقيمون مسجلون في السجل المدني في مدينتي صور ومرجعيون اللبنانيتين. الى ذلك، يذكّر الدكتور كمال ديب المواطنين اللبنانيين بأن هناك ثلاث قرى لبنانية احتلها الجيش الإسرائيلي وهجّر مواطنيها وحولها إلى مستوطنات صهيونية: برعم، إقرت، والمنصورة، وجميعها يسكنها المسيحيون الموارنة. وزعم ضباط في الجيش الإسرائيلي أن سبب ضمها للدولة الصهيونية هو استضافة شعبها لجيش التحرير العربي، وانضمام شباب من هذه المناطق إليه. والمصير نفسه لقي قرية الخالصة التي تهجر سكانها وتحولت إلى مستوطنة تسمى كريات شمونة.
والغريب أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم ترفع دعوى قضائية لدى الأمم المتحدة لحماية حقوق اللبنانيين في القرى التي تم الاستيلاء عليها. والأغرب من ذلك أن المرجعيات الدينية العليا في لبنان لم تتحرك للدفاع عن حقوق رعاياها الذين هجروا من قراهم وصودرت أموالهم المنقولة وغير المنقولة. ومن المثير للاهتمام أيضاً أن هذه السلطات كثيراً ما تعترض إذا شن المجاهدون والمقاومون هجمات على إسرائيل من القرى الحدودية، التي يقع بعضها بالقرب من القرى اللبنانية التي احتلتها إسرائيل وحولتها إلى مستوطنات أو قواعد عسكرية! وأفترض أن أهالي القرى المحتلة، كلهم أو بعضهم، قد قرأوا أو أصبحوا على علم بما كشفه الدكتور كمال ديب والدكتور عصام خليفة، وأنهم يفكرون فيما يجب فعله للدفاع عن حقوقهم. ولهم أقدم النصائح التالية:
أولاً، عليهم إحياء منظماتهم وجمعياتهم المعنية بالقرى اللبنانية السبع المحتلة، والتي أصبح عددها 14 وليس سبعاً، من أجل الدفاع عن حقوقهم بكل الوسائل المتاحة، والتعاون مع قوى المقاومة في هذا الصدد.
ثانياً، عليهم دعوة الدكتور كمال ديب أو الدكتور عصام خليفة لإلقاء محاضرة شاملة حول قضية القرى اللبنانية التي تحتلها إسرائيل وما يمكن أن تفعله الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة للدفاع عن حقوق أهالي القرى المحتلة. .
ثالثاً، تحرير القدس أهم بطبيعة الحال من تحرير أي من القرى الأربع عشرة المحتلة، لكن ذلك لا يمنع المقاومة الإسلامية في لبنان من تسمية واحدة على الأقل من ألويتها المقاتلة باسم واحد أو أكثر من ألويةها المقاتلة. القرى اللبنانية المحتلة كما لا يمنعهم من مطالبة الحكومة اللبنانية، كما المجتمع اللبناني، بتقديم الدعم والعون لأهالي القرى اللبنانية المحتلة.
رابعا، عليهم مطالبة وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان بتعديل كتب التاريخ التي تدرس في مدارسها الرسمية، بحيث تسلط الضوء على القرى اللبنانية المحتلة، كما على حقيقة أنه قبل ذلك بعد ضمه واحتلاله، كانت مساحة لبنان 12 ألف كيلومتر مربع، وهي اليوم 10400 كيلومتر مربع بعد احتلاله من قبل العدو الصهيوني.
خامساً: مطالبة الحكومة اللبنانية بوضع مذكرة شاملة حول قضية القرى اللبنانية المحتلة والمطالبة باستعادتها من خلال رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية.
سادسا، ينبغي عليهم أيضا حث الحكومة اللبنانية على إحصاء عدد المواطنين اللبنانيين الذين ينحدرون من نسل السكان الأصليين لهذه القرى اللبنانية التي تم اقتطاعها وضمها قسراً إلى فلسطين المحتلة خلال الانتداب البريطاني، وذلك من خلال العودة إلى سجلات أصولهم. المسجلين في السجلات المدنية في صور ومرجعيون، ومن ثم العمل على مطالبة الأونروا بتزويدهم بما تقدمه لكل من يستوفي صفة اللاجئ.
سابعا، مراجعة السجلات المدنية في صور ومرجعيون، حتى يتم تسجيل أهالي القرى اللبنانية المحددة هناك، ويتمتعوا بجميع الحقوق التي يتمتع بها المواطن اللبناني. هل هذا كافي؟
يقرأ: لبنان يطالب بترسيم كامل للحدود مع إسرائيل
ظهر هذا المقال باللغة العربية في القدس في 19 مايو 2024.
الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لميدل إيست مونيتور.